أحدثت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الأولية لليمين الفرنسي تحسبا للانتخابات الرئاسية المقررة في ماي 2017، المفاجأة من خلال الصعود البارز، على عكس ما كان متوقعا، للوزير الأول السابق فرانسوا فيون الذي احتل المرتبة الأولى
ونزول ألان جوبي إلى الصف الثاني و فشل كبير للرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
اظهر هذا الانتخاب الأول -مرة أخرى- أن عمليات سبر الآراء لا تصنع الانتخابات إذ أنها راهنت، و على عكس النتائج، على تأهل آلان جوبي و نيكولا ساركوزي للدور الثاني. يبدو أن فرانسوا فيون استطاع خلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة سهرة يوم الخميس الماضي إيصال رسالته للمنتخبين الفرنسيين عموما من اليمين لاختيار ممثل يمين تقليدي و محافظ يرفض التجمع الذي أراده جوبي.
صرح فرانسوا فيون الذي سيخوض الدور الثاني بكل ارتياح مخاطبا الفرنسين «لا تخشوا مناقضة سبر الآراء و وسائل الاعلام الذين أرادو أن يوصف فيون بمرشح «المقاولين» وأرباب العمل وهو يريد إحداث «صدمة»، على حد قوله، في الاقتصاد الفرنسي لكي ينتعش ويسمح للشركات الصغيرة أن تنمو بسرعة وتخلق فرص عمل جديدة.
كما يريد تسهيل عملية تمويل الشركات الصغيرة عبر تخفيض نسبة الضرائب التي تدفعها هذه الشركات بين 30 و50٪. كما أنه ينوي إعادة النظر في النصوص التي تقنن «الإرث العائلي» وتسهيل نقل الشركات والممتلكات العائلية من الآباء إلى الأولاد.
هذا و قرر آلان جوبي الذي يبدو أنه سيعرف نفس مصير المترشحة الامريكية هيلاري كلينتون بعد أن أصبح منافسا ضعيف الحظوظ ،»مواصلة النضال» حتى و إن الكثير من الملاحظين يرى أنه من المستحيل أن يتدارك خلال أسبوع واحد فقط الفارق بينه و بين فيون الذي بدأ يحظى بدعم عائلته السياسية لا سيما ساركوزي و مناصريه.
كان ألان جوبي قد انتقد كثيرا في الأيام الأخيرة الطابع «الجد ليبرالي» لبرنامج الاقتصادي لفرانسوا فيون لاسيما هدفه الرامي إلى القضاء على 500.000 منصب لموظفين يعتقد أنهم «دون مصداقية».
لعل الحدث المميز الآخر لهذا الانتخاب هي إقصاء رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي الذي عمل كل ما في وسعه لتحقيق عودة سياسية في وقت تحاول فيه العدالة الفرنسية إثبات تهم ضده في قضايا مرتبطة بالفساد.
كتبت جريدة «ليبيراسيون» ساخرة من فشله «ساركوزي: التقاعد في 62 سنة» و يحمل هذا العنوان إشارة إلى انسحابه من الحياة السياسية ليتفرغ -كما قال- لحياته الخاصة.
كان فرنسوا فيون خلق المفاجأة بحصوله على 43.6 % من أصوات الناخبين تلاه ألان جوبيه الذي كان يتصدر التوقعات بـ 26.7%، بينما حل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي في المركز الثالث بـ 22.9%.
فيون أمام حاجز الدور الثاني
المرشح الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في حكومة ساركوزي طيلة 5 سنوات، ووزيراً للتعليم في عهد جاك شيراك، يلقب نفسه بمرشح «القطيعة التاتشرية» (نسبة إلى الإصلاحات التي خاضتها «مارغريت تاتشر»)، استلهم أبرز الدعامات التي بنى عليها برنامجه الانتخابي من الثغرات والأزمات التي شابت ولاية «فرانسوا هولاند» وأثارت حفيظة الفرنسيين عليه، فجعل لبرنامجه 3 أهداف رئيسية هي:
– تحرير الاقتصاد (مع تخفيض الضرائب).
– استعادة هيبة الدولة لحماية الفرنسيين (التصدي الإرهاب).
– تأكيد قيم الدولة الفرنسية (مواجهة تقوي الإسلام السياسي فرنسا).
أما على المستوى الشخصي، ففرنسوا فيون الوسيم من مواليد 1954، متزوج من سيدة بريطانية وله 5 أبناء، يتميز بالأناقة والهدوء الشديد مع حس فكاهي واضح، يحب ممارسة الرياضة لاسيما كرة القدم والتسلق وسباق السيارات، ويشتهر بين من عملوا إلى جانبه بالفاعلية في العمل والميول إلى الحوار.
تؤكد نتائج الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي تصاعد نجم الرجل، مما يؤهله للفوز برئاسة فرنسا خلال انتخابات 7 ماي 2017، ولكن قبل تلك المعركة الكبرى، ما يزال أمامه حاجز مهم ليس من السهل اجتيازه وهو الدور الثاني من الانتخابات التمهيدية في مواجهة منافسه الشرس ألان جوبيه، الذي كان على رأس التوقعات وخاض حملة إعلامية مميزة.
جوبيه.. خسر معركة لا حربًا
جوبيه رجل سياسة محنك تقلد عدة مناصب هامة في الدولة الفرنسية أبرزها وزارة المالية ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، كما قاد حكومتين في عهد جاك شيراك، وإن كان تاريخه السياسي الذي يشكل قوته، هو في نفس الوقت نقطة ضعفه، إذ لا يوحي للفرنسيين بقدرته على خلق التغيير أو «القطيعة» التي يروج لها فيون، إضافة إلى تقدمه في السن (71 عاماً).
كان جوبيه، رئيس الحكومة السابق في عهد الرئيس جاك شيراك 1994وحاليا عمدة مدينة بوردو (جنوب غرب فرنسا) قد اعلن ترشحه للانتخابات التمهيدية في حزب «الجمهوريون» في أوت الماضي عبر نص قصير نشره على مدونته على الإنترنت. يعد جوبيه من دعاة التقارب بين حزب «الجمهوريون» (اليمين الجمهوري) الذي ينتمي إليه وأحزاب يمين الوسط.
قد تقلد مناصب سياسية هامة، فكان رئيسا للحكومة الفرنسية في 1994 ووزيرا للخارجية (2011-2012) في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ووزير الدفاع (2010-2011).
غادر آلان جوبيه فرنسا في 2005 للعيش بكندا بعد أن حكم عليه القضاء الفرنسي بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ وبعدم المشاركة في أي استحقاق انتخابي لمدة 5 سنوات، وذلك بتهمة منح وظائف وهمية لأقرباء له في بلدية باريس.
في معركة كسب ترشيح اليمين والوسط للانتخابات الرئاسية 2017، يعول جوبيه كثيرا على شخصيته المعتدلة والمتوازنة والابتعاد عن القضايا الحساسة التي بإمكانها أن تخلق شرخا سياسيا في معسكر اليمين الجمهوري.
هذا ويدافع جوبيه عن فكرة جديدة وهي «الهوية الفرنسية السعيدة».
ساركوزي ينسحب بعد الهزيمة معلنا تصويته على لفيون
بعد خسارته في الانتخابات التمهيدية لأحزاب اليمين والوسط، أعلن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، مساء الأحد، انسحابه من الحياة السياسية. كما أعلن دعمه للمرشح فرانسوا فيون في الدورة الثانية التي من المقرر أن يخوضها الأخير الأحد المقبل أمام ألان جوبيه.
ساركوزي أعلن أنه سيصوت لصالح فرانسوا فيون في الجولة الثانية التي ستجرى الأحد المقبل، داعيا مناصريه إلى التصويت وفق ما يمليه ضميرهم، محذرا إياهم من اتباع طريق «التطرف السياسي».
في خطاب ألقاه عقب إعلان النتائج الجزئية، أكد نيكولا ساركوزي أنه سيترك العمل السياسي ليكرس وقته لحياته الشخصية ولعائلته. وقال: «لقد حان الوقت لكي أعيش حياتي الشخصية بشغف».
كان ساركوزي قد اعترف بأنه لم «يتمكن من إقناع غالبية المصوتين» لكنه أكد أنه « يحترم إرادة الناخبين ويتفهم قرارهم القاضي باختيار مسؤولين سياسيين جدد لتسيير البلاد في المستقبل».
أنهى ساركوزي خطابه قائلا: «صفحة الانقسامات داخل حزبنا قد طويت .الأنظار الآن متجهة صوب الانتخابات الرئاسية في 2017. أما أنا، فلقد دافعت عن قناعتي طول حياتي وبكل قوة من أجل فرنسا».
إحباط عملية إرهابية وتوقيف سبعة أشخاص
أعلن وزير الداخلية الفرنسي «إحباط اعتداء» إرهابي «جديد» أثناء عملية لمكافحة الإرهاب جرت، ليلة السبت الى الأحد في ستراسبورغ (شرق) ومارسيليا (جنوب)، جرى خلالها توقيف سبعة أشخاص.
تتفاوت أعمار المعتقلين بين 29 و37 عاما، ويحملون جنسيات فرنسية ومغربية وأفغانية. وتمت المداهمات في إطار تحقيق فتحته نيابة مكافحة الإرهاب منذ «أكثر من ثمانية أشهر» بحسب قول كازنوف. كانت أجهزة الاستخبارات لا تعرف ستة منهم، وأبلغ بلد شريك عن مغربي تم اعتقاله.