وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أمر يقضي بإيقاف مشاركة روسيا في اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، ما يعني خروج الأراضي الروسية من تحت صلاحيات المحكمة.
وجاء في نص الأمر الذي نشر،أمس، على البوابة الإلكترونية الرسمية المعنية بنشر التشريعات والمعلومات الحقوقية، أن الرئيس اتخذ هذا القرار استجابة لاقتراح قدمته وزارة العدل الروسية بالتنسيق مع وزارة الخارجية والهيئات المعنية للسلطة التنفيذية، والمحكمة العليا، والنيابة العامة، ولجنة التحقيق الروسية. وأعطى الرئيس تعليمات بإبلاغ أمين عام الأمم المتحدة بنية روسيا إيقاف مشاركتها في اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تبناها المؤتمر الدبلوماسي برعاية الأمم المتحدة في روما يوم 17 جوان عام 1998. وكانت روسيا قد وقعت على هذه الاتفاقية في 13 سبتمبر 2000، لكنها لم تصادق عليها حتى الآن.
ودخلت اتفاقية روما حيز التنفيذ في عام 2002، وشكلت الأساس لعمل المحكمة الجنائية الدولية. لكن عددا من الدول لم ينضم إلى هذه الاتفاقية، ومنها الولايات المتحدة والصين وأوكرانيا.
وجاء قرار بوتين بعد يوم من إدلاء المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، بتصريحات أثارت استياء شديدا في موسكو، إذ وصفت بنسودا الأحداث التي أدت إلى انضمام شبه جزيرة القرم لروسيا بأنها كانت «حربا شنتها روسيا ضد أوكرانيا»، واعتبرت القرم منطقة محتلة.
وفي بيان صحفي صدر عن وزارة الخارجية الروسية، أعربت موسكو عن خيبة آمالها من نتائج عمل المحكمة الجنائية الدولية، موضحة أن هذه المحكمة لم تتمكن من القيام كهيئة مستقلة موثوقة للقضاء الدولي. بينها الجمعية العامة للأمم المتحدة، بسبب أسلوب عملها الأحادي وغير الفعال لدى النظر في القضايا المطروحة.
ولفت البيان إلى أن المحكمة خلال عملها على مدى السنوات الـ14 الماضية، أصدرت 4 أحكام فقط، لكنها أنفقت خلال الفترة نفسها ما يزيد عن مليار دولار.
وأبدى الجانب الروسي في هذا السياق تفهمه لموقف الاتحاد الإفريقي، الذي سبق له أن قرر وضع خطة منسقة لخروج أعضائه من اتفاقية روما.
وكانت العديد من الدول الإفريقية سبقت روسيا إلى إعلان انسحابها من الجنائية الدولية في الأسابيع الأخيرة، حيث قررت كل من بوروندي وجنوب إفريقيا وغامبيا الانسحاب من هذه المحكمة متهمة إياها بـ»السعي لمقاضاة الأفارقة فقط»و»بالتحيز ضدهم».
جرائم بلا عقاب
و في سياق آخر، وصفت وزارة الخارجية الأمريكية تحقيقا للمحكمة الجنائية الدولية بشأن احتمال ارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب في أفغانستان بأنه ليس له «مسوغات» وغير «ملائم» وذلك بعد أن وجد الادعاء في لاهاي أن هناك أساسا مبدئيا لإجراء هذا التحقيق.
وقالت إليزابيث ترودو المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة ليست طرفا في نظام روما الذي تأسست على أساسه المحكمة الجنائية الدولية كما أنها لم توافق على اختصاصاتها. وأضافت أن لواشنطن نظاما قضائيا قويا بإمكانه التعامل مع مثل هذه الشكاوى.
وجاء تعليق ترودو بعد يوم واحد من صدور تقرير للادعاء في المحكمة الجنائية الدولية نص على أن هناك «أساسا معقولا للاعتقاد» بأن القوات الأمريكية عذبت 61 سجينا على الأقل في أفغانستان و27 آخرين في منشآت احتجاز تابعة للمخابرات المركزية الأمريكية في مناطق أخرى في الفترة في عامي 2003 و2004.
وأنشئت المحكمة عام 1998 للتحقيق بشأن ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. وقالت ترودو إن الولايات المتحدة «انخرطت مع المحكمة الجنائية الدولية ودعمنا تحقيقاتها ونظرها قضايا نؤمن بأنها تعزز قيمنا بما يتوافق مع القانون الأمريكي».
لكنها أضافت أن الجيش الأمريكي ملتزم «بأعلى المعايير الممكنة» وأن للولايات المتحدة أنظمة محاسبة قادرة على التعامل مع مزاعم جرائم الحرب.