أثار السعر المرجعي للبترول المحدد في مشروع قانون المالية والميزانية 2017 بـ50 دولارا حفيظة نواب المجلس الشعبي الوطني، حيث تساءلوا عن كيفية إقامة توازنات مالية، في حالة انخفاض سعره دون هذا المستوى، وذلك بالنظر إلى استمرار تذبذب السوق النفطية، وتوقعات الخبراء في المجال، التي تؤكد أنه لن يرتفع إلى أكثر من 60 دولارا في أحسن الأحوال.
كان النقاش ساخنا أمس بين نواب المجلس الشعبي الوطني من مختلف التشكيلات السياسية، بلغ درجة التقاذف بالتهم، و المزايدات في من يحب أكثر هذا البلد والشعب، ومنهم من اغتنم السانحة ليحول الغرفة السفلى للبرلمان إلى منبر لحملة انتخابية مسبقة، حيث نال الحديث عن مشاكل الولايات التي يمثلونها حصة الأسد في جل مداخلات النواب، مطالبين وزراء القطاعات المعنية بالتدخل وإيجاد حلول لها، وكان ذلك بمثابة استفاقة متأخرة ومحاولة لاستدراك الأمور، وإثبات أنهم يدافعون عن المصالح الاجتماعية.
واتضح ذلك من خلال التركيز على ضرورة الحفاظ على المكاسب الاجتماعية و الرفع من قيمة التحويلات الاجتماعية، و تجسيد المشاريع التي مضى عليها زمن طويل، ولم يتذكروها سوى في آخر دورة برلمانية لهم، غير أن هناك من النواب من تدخلوا في صميم الموضوع، و ناقشوا مشروع القانون كل واحد حسب قناعته، ومن منظور ينسجم والتوجه السياسي الذي يتبناه.
جلسة نقاش أم حملة انتخابية
سجلت “الشعب “من خلال تغطيتها لأشغال جلسة النقاش، أن النواب قدموا تحفظات عديدة حول الرّسوم والضرائب الجديدة التي يفرضها قانون المالية الجديد، ودعوا خلال مناقشتهم للقانون إلى إيجاد حلول أخرى للأزمة المالية بعيدا عن جيوب المواطن، كما اعتبروا أن قانون المالية 2017، جاء بنظرة ثلاثية تحمل الكثير من التحدي، ويصب في خدمة المشروع الاقتصادي الجديد، الذي سطرته الدولة من خلال توسيع الوعاء الضريبي وتشجيع الاستثمار.
قال رئيس المجموعة البرلمانية للتكتل الأخضر يوسف خبابة أن مشروع القانون هو امتداد لقانون المالية 2016، موضحا أنه لم يحمل أي جديد بل قانون تضمن إجراءات تقشفية ثقيلة يدفع ثمنها المواطن في النهاية.
واقترح هذا النائب على الحكومة إجراء مشاورات اقتصادية واسعة مع كل الفاعلين، لأن الأزمة لا تحل من جهة واحدة، مشددا على أهمية إعادة النظر في سلم الأجور، وبخصوص قضية تسوية البناءات، أكد أنها جاءت بإجراءات غريبة جدا مستحيل تطبيقها، ويرى أنها تسبح عكس اتجاه الحكومة في محاولة تحصيل مبالغ مالية وقال إنها تدفع بالمواطنين وأصحاب العقارات بالتوجه إلى السوق الموازية.
أحزاب الأغلبية تثمن والمعارضة تتحفظ
ومن جهته، قال قادة جليد من التجمع الوطني الديمقراطي، على ضرورة أن تكون الأعباء الإضافية من خلال الرسوم الجديدة التي جاءت في نص المشروع “عادلة بين المواطنين”، وذلك من خلال الإبقاء على السياسة الاجتماعية، في إطار القيم الإسلامية، وتطبيقا لما تضمنه بيان أول نوفمبر، كما اقترح أن تكون هناك إجراءات لمرافقة المشاريع الاستثمارية.
كما اقترح الباي بوخبزة عن حزب الفجر الجديد ضرورة وضع إجراءات صارمة، لمحاربة “مافيا الغش والتهرب الضريبي”، مشيرا إلى أن مشروع القانون 2017، يعتبر ثاني مشروع يوضع بعد تراجع أسعار البترول، ويرى ضرورة تطبيق القانون حتى في ما يتعلق قانون المالية.
أما النائب نورة محيوت عن حزب جبهة القوى الاشتراكية، فقد اعتبرت أن القانون غابت عنه النظرة الاستشرافية، و أبدت نوع من التشاؤم في مناقشتها لمضمون النص القانوني، وترى انه سيكون هناك تعطل لمحركات النمو، و ضغوطات كبيرة على التوازنات المالية، مطالبة بتفسير الزيادات التي جاءت فيه، مبدية تخوف من أن انعكاساته ستكون على الطبقة الشغيلة، متوقعة أن يتم اللجوء إلى تسريح العمال في قطاع الوظيف العمومي والقطاع الاقتصادي الخاص.
وبالنسبة للنائب زهرة بن جدو عن حزب جبهة التحرير الوطني، وبالرغم من أنها ثمنت ما جاء به من إجراءات تصب في اتجاه ترشيد النفقات، إلا أنها اقترحت بالمقابل، سن ضرائب على التبغ والمشروبات الكحولية، بالإضافة إلى إعادة النظر في قيمة الطابع الخاص بجواز السفر البيومتري.
وتجدر الإشارة إلى أنه نظرا للعدد الكبير لأسئلة النواب التي تجاوزت 100 سؤال، فإن رد الوزير سيكون اليوم.