نزاهـــــــــــة الانتخابـــــــــــات مضمونـــــــــــة دستوريـــــــــــا
قال نور الدين بدوي، إن لقاء الحكومة بالولاة منهجية عمل دأبت الجزائر على اعتمادها كفضاء للنقاش والخروج بالتوصيات وتنفيذها منذ سنة 2000 بأمر من رئيس الجمهورية، وأوضح خلال ندوة صحفية أن الاجتماع الأخير هو السابع من نوعه و يكتسي ميزة خاصة بالنظر إلى ظروف المرحلة.
وألمح بدوي، إلى أن وضع “الاستثمار المحلي والمقاربة الاقتصادية للتسيير”، لا يعتبر استجابة فورية للصدمة المالية الناجمة عن انهيار مداخيل الدولة منذ سنتين ونصف، ولكنه امتداد طبيعي للمكتسبات المحققة منذ سنة 1999.
وقال الوزير “ سنة 2002 كنا نجتمع تحت رئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ونحصي عدد المدارس والهياكل الاجتماعية والاقتصادية المنجزة، وكان العمل منصبا على غرس قيم المصالحة الوطنية عقب مرحلة الدم والإرهاب، واليوم جاء الدور لإحداث النقلة النوعية للاقتصاد الوطني خارج المحروقات”.
ولم تمر حقبة البناء المكثف للمشاريع الكبرى للبنى التحتية والقاعدية بالاعتماد على مداخيل النفط دون أن تترك رواسب سلبية علقت في ذهنيات المسؤولين الجزائريين، حسب وزير الداخلية، الذي قال “ البترول جعلنا لا نفكر بطريقة اقتصادية حتى لا نقول تركنا معاقين”، وأضاف “ نحن ملزمون بتغيير النظرة كليا لتطبيق النموذج الجديد للنمو الذي يبدأ من القاعدة الموجودة على مستوى البلديات والولايات”.
وأبدى بدوي ثقة بالغة في الموارد البشرية الجزائرية الناشطة على الصعيد المحلي والوطني، قائلا “ لدينا طاقات وكفاءات استطاعت إحداث الحركية التي نعيشها اليوم ونستطيع من خلالها العمل على أشياء جديدة تجعل الجماعات المحلية أداة للتنمية”.
ونفى الوزير أن يكون اجتماع الحكومة بالولاة، مناسبة للاتصال العمودي من الهرم إلى القاعدة، موضحا أنه “ جرى بالاستماع إلى أراء ومقترحات الولاة الذي نشطوا ثلاث ورشات مهمة وساهمت الموارد البشرية الموجودة في الإدارة المحلية على بلورة 80 بالمائة من تصورتهم لإيجاد الحلول”.
وأكد عمل الحكومة عبر هيئة تشكل من 3 خلايا تعنى بالجوانب التشريعية، التنظيمية والتكوينية لتنفيذ توصيات الولاة في أقرب الآجال، ما يعني حسبه أن “ إستراتيجية العمل المقبلة ليست من صنع تعليمات فوقية من الحكومة للولاة وإنما خلاصة نقاش معمق ساهم فيه الجميع”.
مشاريع قوانين
لعل وزير الداخلية رفقة ولاة الجمهورية، على دراية تامة بالسؤال الذي يتردد كثيرا وعلى كل لسان، وهو كيف تجسد ميدانيا عشرات التوصيات المقترحة؟، لذلك أشار إلى أن الخطوة الأولى على طريق التنفيذ تتمثل بالخلاص من البيروقراطية التي تفرضها القوانين والذهنيات الإدارية المتحجرة.
وأفاد بعرض مشروع القانون المعدل لقانوني البلدية والولاية قريبا على الحكومة، ليتم تكييفهما مع الدستور الجديد من جهة ويضفي المرونة والصلاحيات اللازمة للمسؤولين المحليين للتحرك في الاتجاه الذي يخدم المقاربة الاقتصادية للتسيير المحلي.
وكشف الوزير، أنه سيدرج ضمن هذه القوانين بنودا تسمح لرؤساء البلديات الحصول على قروض بنكية من مختلف البنوك لتمويل مشاريع وإنجازها وإعطاء المنتخبين المحليين دورا حقيقيا في التسيير وخلق التنمية.
واعتبر بدوي أن مسار اللامركزية الذي شرع فيه السنة الماضية عبر تحويل عدد من مهام الدوائر إلى البلديات رسالة قوية لتقريب الإدارة من المواطن وتجسيد مفهوم اللامركزية بمعانيه الحقيقية.
وأضاف الوزير أنه تم تنصيب أفواج ستعمل على صياغة مشروع قانون الجباية المحلية، الذي سيعرض السنة المقبلة على البرلمان، ليكون في مستوى التطلعات الاقتصادية للدولة من جهة ويوفر مداخيل للبلديات من جهة أخرى.
وفي سياق آخر، كشف بدوي عن الإعداد لمشروع قانون لإنشاء الشرطة الجوارية تتولى مهمة تأمين الأحياء والمجمعات السكنية، سيقدم في وقت لاحق للحكومة.
500 مليار دخلت الخزينة من البلديات
ألمح وزير الداخلية إلى استجابة المسؤولين المحليين للمقاربة الجديدة القائمة على المنفعة الاقتصادية بالدرجة الأولى، بشكل جيد مبدئيا، وأفاد بأن تعليمات الداخلية القاضية بالاستغلال الناجع للشريط الساحلي سمحت بتحصيل 500 مليار سنتيم للخزينة العمومية.
وقال بدوي في المقابل إن الولايات المنتدبة المستحدثة مؤخرا، مهيكلة بالشكل اللازم ويملك الولاة المنتدبون صلاحيات واسعة على صعيد التسيير الإداري والمالي.
وفي شق النقل المدرسي، قال وزير الداخلية إنه تم رصد ميزانية بـ 600 مليار سنتيم خصيصا للنقل المدرسي، مشددا على ضرورة احترام المعايير التي تحفظ أمن وسلامة التلاميذ، مؤكدا أن التلاعبات قد تقف وراء تنفيذ نظام المرافقة الاجتماعية وسيقف على ذلك بنفسه نهاية الشهر الجاري للاطلاع على الأوضاع.
هذه ضمانات نزاهة الانتخابات
أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، أن الضامن الحقيقي لنزاهة وشفافية الانتخابات التشريعية المقبلة هو دستور 2016، الذي جاء بآليات ناجعة على غرار الهيئة الوطنية العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات.
وتعهد بعمل وزارة الداخلية على قيم الدستور وتعليمات رئيس الجمهورية لضمان احترام المواعيد الدستورية، مشيرا إلى العمل على إعداد حوالي 80 إجراء قانوني (تعليمات ومناشير وزارية)، ستعرض على الحكومة والتي تخدم إجراء انتخابات نزيهة.
وقال بدوي، إن الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي استحدث هيئة مستقلة عليا لمراقبة الانتخابات، موضحا أنها دائمة ومستقلة من الناحية المالية، وستتولى الداخلية توفير كافة الامكانيات المادية المطلوبة لتوضع تحت تصرفها.
ودعا الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها إلى تحضيرا نفسها جيدا، لتنشيط اللعبة السياسية في كنف الضمانات المنصوص عليها في الدستور.
وفي السياق، أكد بدوي أن رئيس الجمهورية وحده يملك صلاحيات تحديد تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، مفيدا بأن اكتمال أعضاء اللجنة الوطنية العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات سيكون نهاية السنة وسيتولى القاضي الأول في البلاد مهمة تعيين أعضائها من القضاة.