كنت لا أود الولوج في الموضوع لأن القضية بدأت فنية ثقافية ثم تحولت إلى دبلوماسية، والحمد لله جنبنا تدخل وزيري الثقافة للبلدين استنفارا شعبيا وتضامنيا بين مؤيدين، وهم الغالبية ضد ما تعرضت له محبوبة الجماهير الفنانة بهية راشدي، وبين فئة تحفظت على أفواهها ولم تنطق ببنة شفة.
المهم أن دموع الممثلة راشدي، المسربة من كواليس فعاليات قرطاج بتونس الشقيقة لم تكن تقصد من ورائها حالة الاستنفار أو الدعوة إلى المقاطعة الثقافية أو الفنية بين البلدين وإنما هدفها إسماع صوتها مع تحميل الجهة المنظمة عقبات هذه الأخطاء التي حصلت، إما سهوا أو عن قصد، بعيدا عن النوايا باعتبارها شأن لاريب فيه.
الفضاء الأزرق وغيره من الوسائط العنكوبتية، صارت تعمل على خدش الحياء الثقافي على المباشر دون التريث أو معالجة تلك الحالة لحادثة التوتر، فمجرد زر الأصبع انتقل الفيديو بقدرة قادر إلى أبعد نقطة في العالم، جالبا في الثانية الواحدة آلاف التعليقات والمتابعين، إن لم أقل المتعاطفين، ما يعني أن الأمر إذا تعلق بحادثة تضامن، فإنها من دون شك ستجلب لها مئات الآلاف من «الجامات» المختلفة وهو ما حدث بالفعل مع فنانتنا بهية.
إذابة الجليد والاعتذار الرسمي خفف نوعا ما من نفسها المجروحة، وأزالا الخدش وقللا نوعا من حالة التوتر التي تبعتها المعاملة تلك، بحكم أنها لم ترق إلى حجم وقيمة الفنانة بهية راشدي بغض النظر عن طريقة التهميش التي منيت بها المشاركة.
ما وددت قوله أنه بعد لحظات قلائل تعرض النجم والفنان المصري جميل راتب إلى موقف محرج لا يقل شماتة، من الذي تعرضت له بهية، خاصة وأن الضيف يعاني من متاعب صحية، وحالته لا تسمح باهانته إلى درجة حجزه في الفندق ومنعه من مغادرته إلا بعد تسديده المصاريف المترتبة عن إقامته كضيف في ذات المهرجان .
دموع بهية وحسرة جميل راتب كان يمكن تداركهما لو أن الأمور عولجت برشادة وحكمة وفطنة خاصة وأنهما ضيفا شرف المهرجان، والضيف في عاداتنا عزيزا لا ذليلا.