سياسي ومصرفي فرنسي سابق، تولى مسؤوليات حكومية، لم يخف رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2017، مما أثار حفيظة بعض الأوساط اليسارية.
ولد إيمانويل ماكرون في 21 ديسمبر 1977 في مدينة أميان (شمال فرنسا)، وكان والده طبيب أعصاب وأستاذا جامعيا ووالدته طبيبة أيضا.
درس المراحل الأولى من تعليمه في مدينته أميان في مدرسة خاصة تابعة لليسوعيين، وانتقل إلى العاصمة باريس في نهاية دراسته الثانوية ليلتحق بثانوية هنري الرابع، المعروفة بباريس، ومنها حصل على شهادة البكالوريا بتقدير جيد جدا.
التحق ماكرون لاحقا بمعهد العلوم السياسية بباريس، وتخرج فيه بشهادة وهو في سن 24 عام 2001، ثم درس في المعهد الوطني للإدارة في ستراسبورغ (2002-2004)، واهتم في مسيرته التعليمية بالموسيقى التي تعلمها عشر سنوات، وأصبح ماهرا في عزف البيانو، كما مارس رياضات أخرى منها الملاكمة وكرة القدم.
الوظائف والمسؤوليات
بعد تخرجه، اشتغل ماكرون عام 2004 في إدارة التفتيش المالي التي أمضى بها ست سنوات. وفي عام 2008 وظّف في مصرف روتشيلد المعروف في فرنسا، وفي عام 2012 دخل قصر الإليزيه، حيث تولى بعض المناصب، مثل: أمين عام قصر الإليزيه ووزير الاقتصاد.
التوجه الفكري
يعرف عن ماكرون أنه يتبنّى الفكر الليبرالي في الاقتصاد، وهو ما ظهر في مشروع قدمه لحكومة مانويل فالس حول “تكافؤ الفرص وتنشيط النمو”، الذي يتضمن جملة من القرارات الاقتصادية الجديدة لإعطاء دفعة جديدة للاقتصاد الفرنسي وحل مشكلة البطالة.
من بين تلك الإجراءات، السماح لبعض المراكز التجارية الكبرى، خاصة تلك المتواجدة في المناطق السياحية، مدة أطول، خاصة في نهاية الأسبوع، إضافة إلى تحرير قطاع المواصلات خاصة الحافلات، وإجراء تغييرات على جانب من قوانين الشغل وعلى بعض القطاعات المهنية التي كانت حكرا على بعض المستثمرين.
التجربة السياسية
التحق ماكرون بالحزب الاشتراكي بين عامي 2006 و2009، ثم انسحب منه دون أن يغادر وسط اليسار. ورعاه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أعانه على دخول الحكومة للمرة الأولى عام 2014، دون أن يكون عضوا في الحزب الاشتراكي أو ينتخب لأي مقعد.
وكان ماكرون التقى هولاند عام 2006 ودعمه في ترشحه لانتخابات الحزب الاشتراكي، غير أنه تخلى عن منصبه في الحكومة في جوان 2014 ليعين وزيرا للاقتصاد بعد استقالة سلفه أرنو منتبورغ.
واستقال من الحكومة في الثلاثين من أوت 2016، وشكلت استقالته آنذاك ضربة قاسية للرئيس هولاند، وعززت الشكوك حول وضع معسكر اليسار استعدادا للانتخابات الرئاسية لعام 2017.
وفي مطلع أفريل 2016، أسس ماكرون في خطوة مفاجئة حركته السياسية “إلى الأمام”، مؤكدا أنها “لا يمينية ولا يسارية”، مما أثار تكهنات بشأن طموحاته الرئاسية لانتخابات 2017. وجمعت الحركة، بحسب أوساط ماكرون، هبات بقيمة 2.8 مليون يورو.
وفي خطاب ألقاه في شهر جويلية 2016 بباريس، أمام أعضاء حركته السياسية، التي تضم نحو ثلاثة آلاف مناصر، قال الوزير السابق “اعتبارا من هذا المساء علينا أن نكون ما نحن عليه، أي حركة الأمل”.
ولم يخف ماكرون طموحاته الرئاسية. وأعلن مصدر من محيطه لوكالة الأنباء الفرنسية في الثامن من نوفمبر 2016، أن قرار الترشح الرسمي سيعلن عليه قبل العاشر من ديسمبر 2016. وأضاف أن “كل الشروط باتت مجتمعة”.
وبحسب استطلاع للرأي نشرت نتائجه في الثامن من نوفمبر 2016، فقد حصل ماكرون على 49% من الآراء الإيجابية. وتشير المصادر الفرنسية إلى أن خطابه، الذي يدعو فيه إلى تجاوز الانقسامات بين اليسار واليمين، يلقى تأييدا بين الشباب وأوساط الأعمال وجزء من الناخبين الراغبين في تجديد سياسي، كما أثارت شخصيته اهتمام الإعلام الفرنسي والدولي.
وفي المقابل، وبعد أن كشف عن طموحاته السياسية، أصبح ماكرون منبوذا من قسم من اليسار الذي بات يرى فيه تجسيدا للتحول الاشتراكي الليبرالي للسلطة التنفيذية.