ارتياح المواطنين لتسهيل استخراج الوثائق تنقله «الشعب» في شهادات
أضحت عملية عصرنة الإدارة العمومية حتمية لا مفر منها، للقضاء على الطوابير وتجنّب المواطن عناء التنقل لاستخراج الوثائق التي يحتاجها والتي تتطلب منه أسابيع أو شهورن للحصول عليها، بسبب البيروقراطية الإدارية، ما جعل وزارة الداخلية والجماعات المحلية تعكف على تطبيق استراتيجية عصرنة الإدارة ومواصلة مشاريع العصرنة التي شرعت فيها. كما عملت مع كافة القطاعات لتسريع عملية الربط بالسجل الوطني الآلي للحالة المدنية لكل دوائر القطر الوطني، التي ستسمح بتعميم الإجراء على كافة القطاعات، حيث تم ربط أكثر من 18 قطاعا وهذا بعد صدور المرسوم التنفيذي 15-204 المؤرخ في 27 جويلية 2015، الذي نص على إلغاء طلب وثائق الحالة المدنية عند تكوين ملفات بطاقة التعريف الوطنية ورخصة السياقة وجواز السفر من جميع الإدارات، حيث وجهت تعليمة إلى الولاة... التفاصيل في هذا الاستطلاع الذي قامت به «الشعب».
عرفت عملية استخراج البطاقة الوطنية البيومترية إقبالا من طرف المواطنين، نظرا لسهولة العملية، تدخل فقط رقم جواز السفر في الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية وتحصل على البطاقة في ظرف وجيز في المدن الكبرى، حيث ستسمح بتحديد هوية المواطن والتعرف على وثائق الهوية التي بحوزته وهي بطاقة متعددة الخدمات، من شأنها أن تسمح للمواطنين الاستفادة من الخدمات المختلفة، مثل: تسديد النفقات الطبية والحصول على التذاكر، والمدفوعات، وغيرها... وسيتم تعميمها على كافة المواطنين.
ويبقى على القطاعات أن تنسق مع وزارة الداخلية، لإدخال تطبيقات قطاعاتها في شريحة البطاقة البيومترية الجديدة التي تمكن المواطن من الوصول إلى هذه الخدمات. علما أن الإدارة الإلكترونية سوف يتبلور هيكلها من خلال هذا المشروع بإعطاء إمكانية لخدمات الأنترنت في المنزل أو أثناء التنقل عبر شبكة الأنترنت، في مختلف المجالات، مع حل مشكلة تحديد هوية الأشخاص في جميع القطاعات، بما في ذلك الخدمات كالسكن، المالية، سونلغاز، سيال وغيرها... علاوة على تزويد قاعدة البيانات بمعلومات دقيقة ومهمة، مفيدة لإجراءات التخطيط للتكفل بالمخاوف الحالية والمستقبلية للمواطنين.
وقد سمح هذا الإجراء بربح الوقت المخصص لحجز البيانات الشخصية والذي كان السبب الرئيس في طوابير الانتظار بالنسبة للمواطنين، وتوزيع العدد الكبير لطالبي الجوازات على مختلف المصالح والذي سيسمح، لا محالة، بالتسيير الجيد لطوابير استخراج الجوازات، وبالتالي السماح للمواطنين القيام بعملية تسجيل أنفسهم على لائحة البيانات بسرعة والاستفادة من الخدمات في ظروف حسنة. ويتم التعامل عن طريق sms بمجرد وصول جواز السفر البيومتري إلى مقر الدائرة لإبلاغهم بإمكانية اقتناء جوازاتهم. ونظرا للاكتظاظ الذي تشهده العاصمة تمت مباشرة إيداع الملفات على مستوى كل بلديات العاصمة 44.
وبحسب حسان بوعلام، مدير المركز الوطني للمستندات والوثائق المؤمَّنة بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، فإن العدد الإجمالي لتسليم بطاقة التعريف البيومترية، منذ بداية العملية لحد كتابة هذه الأسطر، بلغ مليونا و299 ألف و575 بطاقة. وأكثر من 953 ألف طلب قدم على الموقع الإلكتروني للوزارة، مضيفا أنه تم إنجاز 556 ألف و656 بطاقة على مستوى مركزي الجزائر والأغواط والعملية مستمرة.
وأوضح بوعلام في حديث لـ «الشعب»، أنه كمرحلة أولى شرع في استخراج بطاقة التعريف البيومترية من خلال إدخال رقم جواز السفر البيومتري كتجربة لمعرفة القدرات والنقائص لتفاديها مستقبلا، بحيث أن المواطن لا يتكبد عناء إحضار الوثائق الإدارية إلى البلدية والانتظار لساعات في طوابير لا تنتهي وكل ذلك يصب في سياسة محاربة البيروقراطية.
وفي حال وقوع أخطاء وكيفية التعامل معها، نفى مدير المركز الوطني للمستندات والوثائق المؤمّنة تسجيل أخطاء في المعلومات الشخصية للفرد عند استخراج بطاقة التعريف البيومترية، قائلا إن الخطأ إذا وقع فهو راجع لتغيير في الإسم أو عنوان الشخص وبالأساس يكون مصدر الخطأ في المعلومات التي يتضمنها جواز السفر البيومتري يكون بطاقة التعريف البيومترية تستخرج بناءً على بيانات جواز السفر.
وأشار إلى أنه قبل تسليم جميع بطاقات التعريف الوطنية، يتم إعلام المواطن عبر رسالة نصية عبر هاتفه.
وفي رده على سؤال حول بطء العملية في بعض البلديات، قال ذات المسؤول بوزارة الداخلية والجماعات المحلية، إنه بطبيعة الحال أي مشروع جديد يجد مقاومة وصعوبة في البداية، كوننا تعودنا على الطريقة التقليدية. وبحسبه، فإنه كان متوقعا حدوث بعض العثرات، لكن المشكل حاليا غير مطروح بحكم أن العملية عممت عبر 48 ولاية.
مشروع الشباك الإلكتروني قبل نهاية ٢٠١٦
وأضاف، أن بعض البلديات نجحت وتفاعلت مع هذا الإجراء، كونها كانت مستعدة ووفرت كل الوسائل. في حين عرفت أخرى بعض التباطؤ، لأنها لم تفهم الإجراءات، قائلا: «المسألة هي قضية تأقلم وتكييف مع إجراءات العصرنة لا غير»، مشيرا إلى أنه تم تسليم أكثر من 8 ملايين و622 ألف جواز سفر بيومتري.
موازاة مع ذلك، أكد أنه قبل نهاية 2016 سيصدر مشروع الشباك الإلكتروني، حيث سيتم ربط كل شبابيك البلديات الخاصة بطلب الوثيقة بقاعدة البيانات لاستحداث شهادة ميلاد، تنجزه كفاءات من وزارة الداخلية التي صممت وأعدت المشروع، معتبرا هذا المشروع بالمهم والذي يسمح بالقضاء على البيروقراطية والحفاظ على الاقتصاد الوطني. مضيفا، أن من له جواز السفر على مستوى الشباك، يستخرج شهادة ميلاد في وقت وجيز جدا وبذلك نقتصد الوقت ونتفادى الأخطاء وكذا تنقل المواطن نحو البلدية دون حمل أي وثيقة، ما عدا الذي لا يتوفر على جواز سفر بيومتري يحضر الوثيقة لمرة واحدة فقط.
زيادة على ربط مصالح بعض الوزارات بالسجل الوطني الآلي للحالة المدنية، بوزارة الداخلية، كوزارة التربية والتعليم العالي والتعليم والتكوين المهنيين، وذلك لتجنيب الطلبة والمتربصين استخراج وثائق الحالة المدنية عند إيداع الملفات، بالإضافة إلى أنه سيتم ربط وزارات أخرى كالتجارة والسكن في أقرب وقت ممكن.
رخصة السياقة البيومترية
ابتداء من 2017
من بين المشاريع قيد الإنجاز، رخصة السياقة البيومترية الإلكترونية الجديدة، التي هي في طور التجسيد، من خلال الإفراج عن التمويل وتجهيز المواصفات. ويشمل المشروع، تقديم وثيقة مؤمَّنة تحتوي على شريحة بها كل المعلومات الشخصية لحاملها، وأيضا سجل به كل المخالفات المرورية المرتكبة. ومن بين مزاياها، أنها وثيقة مؤمّنة وصعبة التزوير، إذ تحتوي على بيانات بيومترية و»ألفا» رقمية خاصة بحاملها والتي يمكن التحقق منها على جميع المستويات.
وعن تطبيق رخصة السياقة الجديدة، كشف حسان بوعلام، أن العملية ستنطلق ابتداء من 2017 إذا لم تكن هناك مشاكل تقنية، موضحا أن الوزارة الوصية قامت بإبرام عقود مع الشركات الأجنبية لاقتناء عتاد استخراج هذه الرخصة، حيث ستعمم العملية على كل الولايات بالتدريج.
موازاة مع ذلك، يشمل المشروع سجلا وطنيا للمخالفات المرورية، مع جهاز تقني للتسجيل الفوري للمخالفات بصفة شفافة عبر الأجهزة النقالة في حوزة الإدارات المعنية، وعدم إمكانية استعمال رخصتين. وتمكن الوثيقة إعلام الخدمات ذات الصلة بجميع بيانات السائق في حال وقوع حادث مروري. مع إعفاء المواطنين من شرط تقديم شهادة الكفاءة في عملية إعادة استخراج رخصة السياقة بسبب انقضاء مدة الصلاحية أو تغيير الإقامة، حيث ستتكفل الإدارات المعنية فيما بينها بمتابعة عملية التأكد من المعلومات ومدى مطابقتها. علما أن هذه الشهادة كانت سببا في تأخر تكوين ملف رخصة السياقة وتجديده.
التوقيع الإلكتروني في الواجهة
أما المشروع الثالث، فيتعلق بالتوقيع الإلكتروني للوثائق، الذي سيسمح بإصدار الوثائق الإدارية عن بعد مثل وثائق الحالة المدنية وتبادل الوثائق الإدارية عن طريق التوقيعات الإلكترونية وهي قابلة للتنفيذ من الناحية القانونية.
بالمقابل، هناك مشروع مرسوم تنفيذي، صادقت عليه الحكومة، لمراجعة الشروط المعمول بها في الحصول على رخصة السائق تحت الاختبار لأكثر من 60 سنة، وتمديد فترة صلاحية الوثيقة لخمس سنوات، مع فرض هذا الإجراء ابتداء من سن 65 سنة.
للتذكير، فإن ملفات تأشيرة الحج اندرجت في إطار عملية العصرنة عبر التسجيل الإلكتروني الذي قضى نهائيا على صور الطوابير التي شهدتها السنوات الماضية، حيث أن المجهودات المبذولة والمشاريع المحققة أنجزتها طاقات من شباب القطاع، والذي يملك الآن قدرات ومهارات معرفية مشرفة في مجالات: البيومتري، وإصدار الشهادات الإلكترونية، قواعد البيانات وشبكات الأمان، وإدارة قواعد البيانات في مجالات عديدة إلى ماض قريب كان يصعب التحكم فيها، وإتقانها من طرف مهندسينا. كما أن هناك قطبان تكنولوجيان في مرحلة التنفيذ هما: مركز الدار البيضاء ومركز الأغواط، واللذان يعول عليهما في تجسيد استراتيجية تحديث القطاع.
بالمقابل، تم إدراج لامركزية جهاز تسجيل بيانات الهوية لطالبي الحصول على جواز السفر البيومتري، في بلديات ولاية الجزائر العاصمة وهي 16 بلدية معنية قريبا: دالي إبراهيم، الحمامات، بابا حسن، العاشور، خرايسية، هراوة، الرغاية، الدار البيضاء، القبة، الأبيار، حيدرة، السحاولة، الرايس حميدو، الجزائر الوسطى، المدنية، المرادية و28 بلدية جرت بها أشغال التوسعة، من بينها 13 بلدية الأشغال بها جد متقدمة.
ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز العمليات التي دخلت حيز الخدمة، لتعطي سكان ولاية العاصمة إمكانية إيداع ملفات جوازات سفرهم في أي بلدية وليس فقط منطقة الإقامة، تخفيف الضغط عن مصالح جواز السفر في الدوائر والولايات المنتدبة، وتقريب الإدارة وتقديم خدمات ذات نوعية للمواطن أينما وجد. هذا الإجراء يدخل في إطار النظرة المستقبلية لبطاقة التعريف الوطنية البيومترية والتي ستستفيد من هذا الإجراء وستستخرج بدورها من جميع البلديات.
مواطنون لـ «الشعب»: الإدارة الإلكترونية مكسب هام
ولمعرفة مدى تطبيق إجراء استخراج بطاقة التعريف البيومترية، تقدمنا من بعض المواطنين الذين قاموا بالتسجيل عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية والجماعات المحلية، من خلال إدخال رقم جواز السفر البيومتري، فمنهم من أكد لنا أن تسلمهم بطاقة التعريف البيومترية كانت في ظرف وجيز. أما الآخرون فقد طالت مدة الاستلام. وما لاحظناه من خلال استجوابهم، أن المدن الكبرى جرت بها العملية بكل سهولة ولم تتطلب وقتا طويلا، بينما، وليس بعيدا عن العاصمة، سجل تباطؤ في العملية.
في هذا الإطار، أكد رشاد.ب لـ «الشعب»، أنه تلقى رسالة نصية عبر هاتفه لاستلام بطاقة التعريف الوطنية البيومترية من مقر بلديته بباب الوادي، بعد أن قام بالتسجيل عبر موقع الوزارة وهذا في ظرف وجيز لم يتعد ستة أيام. في حين صديقه الذي سجل قبله ويقطن بنفس البلدية، تحصل على بطاقته بعد 15 يوما تقريبا.
من جهتها، استحسنت سعاد، القاطنة بباب الزوار، السرعة التي تم فيها التعامل مع طلبها المتعلق ببطاقة التعريف البيومتري، والذي سجلته عن طريق البريد الإلكتروني لوزارة الداخلية ولم يتجاوز الأمر سوى أسبوع، حيث تم إرسال رسالة قصيرة إلى رقم هاتفها النقال، لتذهب لسحبها من مصلحة البيومتري الكائن مقرها بحي سوريكال بالقرب من المكتبة بباب الزوار، ما ساهم في ربح الكثير من الوقت بالنسبة لها، خاصة وأنها امرأة عاملة وليس لها وقت كاف للاستخراج الوثائق الإدارية كما كان في السابق.
وصادف تسجيلها طلبها هذا، نهاية صلاحية بطاقة التعريف القديمة، أو ما عبرت عنه بـ «بالكتاب الأخضر»، مشيرة إلى أن البطاقة الجديدة سهلة الاستعمال والحفاظ عليها، كما أنها تواكب التطورات التكنولوجية، لاسيما في التعامل مع البيانات الإدارية والتخفيف من البيروقراطية، في استخراج الوثائق وتسجيل موعد وتفادي مشاهد الطوابير التي لا تخلو منها الإدارة الجزائرية، آملة في أن تشمل العملية رخصة السياقة والبطاقة الرمادية.