جددت النقابات الوطنية المستقلة لمختلف القطاعات، أمس، تمسكها بمطالبها المرفوعة، في مقدمتها العدول عن بعض المواد الواردة في مشروع قانون العمل الجديد، مؤكدة أنها مستعدة للحوار وتفادي الإضراب الذي اعترفت بتأثيره السلبي على مصلحة بعض القطاعات، منها الصحة والتربية. في حين نددت بالاستغلال السياسي لمطالب العمال.
تلويح النقابات المستقلة بالإضراب، يأتي بعد تعثر الحوار مع الجهات الوصية، على حد تعبير ممثليهم، الذين يرون أن الاحتجاج حق دستوري يكفله القانون، لكنهم يعترفون في نفس الوقت بتأثيره السلبي على مسار بعض القطاعات الحساسة وفي مقدمتها قطاعي الصحة والتربية.
في هذا الصدد، قال رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، صادق دزيري، إن الإضراب يؤثر فعلا على مسار قطاع التربية، لاسيما التأخر الذي يحصل في الدروس نتيجة استمرار الإضراب لأيام طويلة، قائلا: «لكن مصلحة العامل فوق كل اعتبار».
وأشار دزيري في ردّه على سؤال صحفي خلال ندوة نقاش نظمتها يومية «المحور اليومي»، حول التقاعد النسبي، أمس، بدار الصحافة بالعاصمة، إلى تثمين بعض القرارات الصادرة عن الحكومة في وقت سابق، مشيرا إلى أن النقابات تثمن الايجابي، لكنها لا تقبل ما يمس بمصلحة العمال.
وأضاف النقابي قائلا: «الإضراب له تأثيرات سلبية، لكن هذا ليس ذنبنا ولكن حق مشروع وحق التلميذ والعامل»، موضحا أن هناك عدة مطالب لم يتم تلبيتها منذ سنة 2008، مبديا تحفظه على بعض ما جاء في مشروع قانون العمل ومشروع التقاعد النسبي.
وتجمع أغلب النقابات المستقلة على رأي واحد بخصوص مشروعي قانون العمل والتقاعد النسبي، حيث أكد إلياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لعمال قطاع الصحة العمومية، أن القطاع يعرف بعض النقائص التي تحتاج إلى حوار مع الوزارة الوصية، مؤكدا أن الجزائر وقعت على المواثيق الدولية التي تكفل حق الإضراب وكذا القوانين الدولية، وهو مسعى وحيد تلجأ إليه النقابات لتلبية مطالبها.
وقال مرابط، إن دخول عمال قطاع الصحة لا يعني التخلي عن الحد الأدنى للخدمات المقدمة والمتمثلة في جناح الاستعجالات الذي لا يتوقف عن العمل في حال دخول عمال القطاع في حركة احتجاجية، موضحا أن النقابة تعمل على ضمان الخدمات المستعجلة أثناء الإضراب، مشيرا إلى أن غياب الحوار وراء اختيار الإضراب كحل وحيد في أي وقت تراه النقابة مناسبا.
ومن المقرر أن تلتقي النقابات المستقلة في اجتماع، السبت القادم، لبحث السبل الأخيرة حول الدخول في إضراب مفتوح احتجاجا على بعض ما جاء في مشروع قانون العمل الذي من المنتظر مناقشته خلال الأيام المقبلة عبر غرفتي البرلمان والمصادقة عليه، إضافة إلى مشروع التقاعد النسبي الذي سيلغى ابتداء من 2017.
وتبرر بعض النقابات المستقلة مشروعيتها في رفض التقاعد النسبي، بوضعية فئات معينة من العمال، على غرار النقابة الوطنية لعمال الكهرباء والغاز، حيث قال رئيسها بوخالفة عبد الله، إن مشروع قانون العمل يحمل سلبيات كما يحمل إيجابيات في نفس الوقت، مبررا رفضه المشروع للمشقة التي يلاقيها عمال قطاع الكهرباء والغاز.
وبلغة الأرقام، كشف أن 23 عاملا لقوا حتفهم خلال السنة الجارية أثناء قيامهم بمهاهم في قطاع الكهرباء، دون حوادث المرور التي يتعرضون لها، نظرا لصعوبة نظام العمل القاضي بضمان المداومة طيلة 24 ساعة، قائلا: «إن الضغوطات التي يتعرض لها العمال تؤثر سلبا على نفسيتهم، في حين يتقاضون أجورا متوسطة».
من جهته قال رئيس النقابة الوطنية لعمال التكوين المهني أوكيل جيلالي، إن مشروع قانون العمل يحد من إنتاجية العامل في القطاع الخاص، حيث يجعل رب العمل ليس ملزما بإعادة العامل في حال فصله عن طريق القضاء في حالات النزاع. كما أن عقود العمل في القطاع العام، ستحدد بمدة معينة قد لا تتجاوز السنة وهي أمور ليست في مصلحة الطبقة الشغيلة.