كان لمسيرة الثورة الجزائرية ومبادئها الوطنية والاجتماعية والدينية والإنسانية رجال آمنوا بها، لبوا نداءها تحت تأثير الظلم والحقرة والتجويع وطمس الشخصية وممارسة أساليب التعذيب والعبودية والنيل من الشرف.
من هؤلاء، المجاهد «الحاج سليمان الغول، أسد الونشريس»، رفقة القائد سي محمد بونعامة، الذي لم يتوقف نضاله من أجل الجزائر زمن الثورة والاستقلال. مسار هذا البطل الشجاع، الذي أطلق عليه لقب المغامر، ورفضه التجنيد تحت قبعة الاستعمار الفرنسي. «الشعب» اقتربت من صخرة المجاهدين وقاهر الإرهابيين على محور جبل اللوح والونشريس إلى غاية غليزان.
«الوطن غالي ينادي لردع الأعادي» فضل هذا الشهم أن يكون حديثه، لأول وهلة، مع «الشعب» بهذا التدفق الشعوري، من رجل صنع الملاحم أثناء الاستدمار الفرنسي، على حد قول مولود قاسم نايت بلقاسم، بجبال سلسلة الونشريس.
لم يركن للراحة بعد الاستقلال، بل شد أزره واقتحم الغابات والأودية وقمم الجبال لمقاومة الإرهاب، فكان مثالا يحتذى به في الصبر من أجل أن تبقى الجزائر واقفة في كل ربع من ربوعها الشامخة.
لم يشأ التحدث كثيرا عن إنجازاته ومواقفه الثورية ومعاركه رفقة قادة مشهورين أمثال قائد الولاية الرابعة التاريخية سي امحمد بوقرة وسي امحمد بونعامة، من تيبازة إلى الأطلس البليدي إلى جبال اللوح وزكار، مرورا بطارق بن زياد وبرج الأمير خالد وزدين وبني بوعتاب ووادي الفضة والكريمية، إلى غاية الونشريس وثنية الأحد وتخوم ولاية غليزان.
الرحلة شاقة وعمي الحاج سليمان الغول، الذي تربى جيل الاستقلال على ثقافته ومغامرته البطولية زمن الإرهاب الذي لقنه درسا لن ينساه كل من سولت له نفسه المس لو بشبر من الجزائر... هي الثقافة التي ينبغي أن يتسلح بها المواطن من الشلف وعين الدفلى والمدية وتيبازة وغليزان، بحسب قوله. هذا في وقت تتكالب عليها الأمم ويذكر اسمها في الدوائر المعادية، لا لشيئ، بحسب سليمان الغول، إنما لمواقفها وانتصاراتها على أعدائها وقيم مبادئها ونجاحها في مسعى المصالحة بين أبنائها.
الثورة التي حركت لواعجه وجعلته من طينة المقاومين، بدأ منذ سنة 1956 بعدما نكلت القوات الفرنسية بأبيه وأخيه وعمه الذي رمت به من طائرة جاغوار على غرار الثائرين، ومعاملة جنود الاحتلال للسكان بأبشع الصور واحتقار الكولون لشخصه بعدما فضل أن يركب عمي الحاج سليمان الغول مع كلب بيني لما كان متجها لبوسماعيل، منها وغيرها جعلته يرفض التجنيد الإجباري، حيث رفض قبعته وانسلّ كما تنسل الشعرة من العجين.
ذكريات الثورة التي كانت محطة من محطات وطني مخلص لوطنه، مغامر مغامرة الشباب المتشبع بروح الإقدام ولا يعرف التراجع، منازلاته مع العدو رفقة سي نورالدين الندرومي وخليفة من بوقادير ومحمد رايس قائد الكومندوس وأحمد الزنداري والمواقع التي مازال يتذكرها بكل من عين الدفلى كبئر ولد خليفة، برج الأمير خالد وطارق بن زياد وزدين والعطاف وزكار وبطحية والسانية وغيرها وبني بوعتاب والكريمية وحرشون ووادي الفضة بالشلف، وفيالار ولارجام والأزهرية بتسمسيلت والرمكة وسوق الأحد ووادي رهيو بغيلزان. مواقع تحمل ذاكرة رجل وهب حياته، بحسب تصريحه لـ «الشعب»، ولم يبخل باستكمال واجبه ومهمته، كما قال لنا.
وبالكيفية التي لبى بها نداء الثورة، أعاده في تلبية نداء المقاومة لمنازلة المجرمين والإرهابيين، حيث شكل جبهة من أبناء المنطقة، بالتنسيق مع الجيش وقوات الأمن، حيث لقن هذه الفئة درسا في التصدي، رغم سنه المتقدمة.. عمي الحاج، الذي لم يتردد في توجيه ندائه للشباب أن يكون قوة واحدة ومحافظا على بسالة جيش أعطى خلال منازلته للفرنسيين والإرهابيين أنموذجا في المقاومة والإخلاص...
ما يصنعه الوطن ويحققه من إنجازات في كل الميادين يزعج الكثير من الأعداء... نحن بناة الوطن والحافظون لرسالة الشهداء، يهمنا أن نبقى تحت مظلة واحدة، شبابا وأحزابا، جمعيات وإطارات، مواطنين ومجاهدين... الإخلاص والجزائر لن تركع إلا لربها ورسالة شهدائها ومبادئ جيشها... يا ولدي، يقول البطل المجاهد الحاج سليمان الغول.