اعتبر الخبير عبد الرحمان مبتول أن الدروس المستخلصة من التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية حول الوضع الاقتصادي للجزائر تشير إلى أن الحصيلة محتشمة بالرغم من أهمية المصاريف العمومية التي جذبت معها النمو في السنوات الأخيرة مؤكدا أن للجزائر إمكانيات هائلة يؤهلها لإنجاز أفضل شريطة اعتماد إصلاحات هيكلية. وقد تضمن التقرير الذي شمل 140 دولة إشارة إلى تحسن طفيف في مناخ الأعمال لكنه لا يعكس حقيقة القدرات التي تتوفر عليها الجزائر التي لن تكون في نهاية المطاف سوى ما يقرره الجزائريون وقادتها. وذكر الخبير بتقرير «دوينغ بيزنس» الذي وضع الجزائر في المرتبة الـ30 من ضمن 47 بلدا شملهم التقييم على أساس 80 برنامج إصلاح في الفترة ٢٠١٦/٢٠١٥. ويوضح مبتول أن هذا التقييم يظهر وجود نقص على مستوى الإصلاحات من أجل بناء اقتصاد متنوع وديناميكي ومنه القيام بالتحول الاقتصادي تحت مظلة الحوكمة. وحذر من أن الوضع سيكون أكثر صعوبة على الصعيد المالي كون الجزائر اعتمدت بين ٢٠١٤/٢٠١٣ سعرا مرجعيا لبرميل النفط بين ٢٠٠/١١٥ دولار ومعدل 80 دولارا في 2016، فيما يتوقع أن يكون المعدل بين 70إلى80 دولار في السنوات القادمة مما يلقي بضغوطات على الميزانية.
وأشار إلى أن المعضلة تكمن في محيط الأعمال الذي لا يتم تطهيره بالتشريعات فقط وإنما بالتركيز على معالجة دواليب عمل المجتمع من كافة الجوانب (البيروقراطية، النظام البنكي، النظام الاجتماعي والتربوي غير الملائم والعقار الذي يتسبب في ارتفاع كلفة الاستثمارات نتيجة مضاعفة قيمته عند انتقال الملكية). وأكد أن جهودا كبيرة يجب القيام بها على مسار تحرير الطاقات الكامنة وجذب متعاملين ينشؤون الثروة، الحقيقيين المحليين والأجانب مع المبادرة بإرساء تنظيم مؤسساتي جديد يرتكز على الأقطاب محليا ومركزيا ضمن رؤية منسجمة تقود نحو بلوغ أهداف إستراتيجية دقيقة.
وفي ظل هذا أضاف مبتول قائلا:»يجب أن يدرك المسؤول أينما كان مدى التحولات الجديدة التي يشهدها العالم في الفترة من 2017 إلى 2030 القائمة على اقتصاد المعرفة الذي يشكل ثروة هامة أكبر بكثير من ثروة النفط»، مضيفا أن هذا التوجه يتطلب اعتماد خير نموذج جديد لاستهلاك الطاقة. كما دعا إلى ملاءمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية مع الثروة الاقتصادية الجديدة التي تلوح في الأفق لتفرض حدا أدنى من التوافق الاجتماعي. وخلص الخبير والأستاذ الجامعي إلى التحذير من استنزاف احتياطي الصرف بالعملة الصعبة في الفترة ٢٠٢٠/٢٠١٩ دون التوصل إلى حل المشاكل الحقيقية المرتبطة بالتنمية وهي أساس التراكم التكنولوجي و»المناجيريالي» ضمن القيم والمعايير الدولية.