مازالت أمريكا تواصل مناوراتها السياسية والدعائية على خلفية العمليات الجارية لتحرير مدينة الموصل العراقية من قبضة عناصر تنظيم داعش الإرهابي، الذي يعدّ صناعة أمريكية بامتياز، وهذا باعتراف السيدة كلينتون مرشّحة الرئاسيات الأمريكية لسنة 2017 ووزيرة الخارجية سابقا في كتابها الأخير، فأمريكا شأنها شأن الدول الغربية الاستعمارية التي كانت تدّعي بأنّها حلّت بمستعمراتها «لتحضرها» وتخرجها من التخلف، وترقّيها على الأقل نظريا ومن الناحية الشكلية لكن ما تضمره شيء آخر يتمثل في الاستغلال لثروات البلد، واستعباد شعبه ومحاولة تقسيمه إلى دويلات، وأحسن مثال على ذلك العراق المستعمر منذ سنوات، والذي يراد له أن يقسم إلى ثلاث دويلات السنة والشيعة والأكراد.
أعلنت الخارجية الأمريكية في 18 أكتوبر الجاري عن حضور نائب وزير الخارجية «أنتوني بلينكن» في اجتماع وزاري لمناقشة عملية تحرير الموصل في العراق يومي 20 و21 أكتوبر بباريس، وبحث استقرار الأوضاع بعد تحرير الموصل من داعش ونقل المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تشملها العملية.
هؤلاء المجتمعون في فرنسا أي أمريكا وحلفاؤها يتحدّثون عن التّحرير والمساعدات الإنسانية، لكن هناك شيء مستتر يتحدّثون عنه باستحياء، وهو عملية المحاصصة وتقسيم مناطق النفوذ باسم إعادة الأعمار بعد أن أتوا على الأخضر واليابس وخّربوا وهّدموا البنى التحتية للعديد من الدول، وقتّلوا وهجّروا شعوبها.
لكن ولذرّ الرّماد في العيون ويثير الغضب والاشمئزاز، هو ما تؤكّده الخارجية الأمريكية على أنّ واشنطن لم تلعب أي دور في تحديد انطلاق عملية تحرير الموصل في العراق، وأن العملية تتم تحت قيادة عراقية، بينما يقتصر الدور الأمريكي ودول التحالف في توفير الغطاء الجوي ووجود عناصر من القوات الخاصة والإستخبارات في مواقع محددة بكامل التراب العراقي بنحو خمسة آلاف عسكري أمريكي يقومون بالتدريب للعراقيين، وتقديم العمل اللوجيستي مع تحالف دولي مكون من نحو 66 دولة، وهذا لمحاربة نحو خمسة آلاف إرهابي داعشي حسب المتحدث باسم البانتاغون «بيتر كوك».
ومع ذلك، يتحدّث وزير الدفاع الأمريكي «آشتون كارتر» عن أهمية احترام سيادة العراق من جميع أعضاء التحالف، وما زاد الطين بلة هو تصريح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأنّ بلاده تشارك بقوة في الحملة العسكرية من أجل تحرير مدينة الموصل العراقية، حيث يتواجد 4 آلاف عنصر عسكري يساهمون في العمليات وفرقة تكتيكية مدفعية، غير أنّ العبادي أكّد أنّ من يقوم بالعمليات العسكرية هي القوات المسلحة العراقية والشرطة وقوات البيشمركة بدعم من طيران التحالف الذي تقوده أمريكا، بالإضافة إلى تسعة آلاف عسكري أمريكي وفرنسي. وقد أثنى البنتاغون على سير العمليات ونجاحها، أما البيت الأبيض فقد أعلن أنه لا يمكنه تحديد إطار زمني لانتهاء عملية التحرير، وأن النجاح في الموصل يتطلب الكثير من الوقت.
وترغب الولايات المتحدة في أن تمتنع تركيا عن القيام بأية عمليات عسكرية في العراق دون أخذ الضوء الأخضر من بغداد، في الوقت الذي يتواجد فيه مقاتلون من 66 دولة، فعن أي تحرير أو استقلال يتحدّثون؟ ومن يصدّق أكاذيبهم بعدما خرّبوا العديد من الدول خاصة العربية منها والإسلامية خدمة للمشروع الصهيوني وجعل من إسرائيل دولة إقليمية كونها ابنتهم المدلّلة؟