يجد المراسلون الصحفيون صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات من مصدرها لأسباب شتى، خصوصا من المؤسسات الاقتصادية وبعض الإدارات التي تكون في الغالب لا تهتم بتخصيص خلايا اتصال على مستواها ممّا يجعل المعلومة عملة نادرة، يقتصر الأمر على تنظيم أبواب مفتوحة خلال المناسبات فقط، وعندما غير متوفرة فمن الأكيد إنّ المعلومة المغلوطة تطغى على المشهد بكل قوة.
يتعرّض المراسل الصحفي مثلا عند أخد الصور أو التصريحات عند دخول تجمعات واحتجاجات أو حوادث مرورية وغيرها إلى مضايقات وصعوبات في أخذ الأخبار الصحيحة، لأن كل الأطراف لحظة الحدث تجمع على “ممنوع التصريح” و«ممنوع التصوير”، وهو ما يجعل المراسل يعتمد على خبرته والذكاء في اعتماد الاستنتاج والقياس، وقراءة ما وراء العبارات لإرسال الخبر المقارب للحقيقة لجريدته. وفي ظل هذه الظروف يكثر الضغط على المراسل الصحفي، ما قد يوقعه في أخطاء يكون عرضة بعدها لمتابعات قضائية، وفي بعض الاحيان تتعدد الأحداث داخل ولايته ويجد نفسه محاصرا من جهات عديدة، فلا يجد من أين يبدأ، لان كل الأحداث هامة، مما يضطره إلى استعمال الهاتف والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي، والاستعانة بمصادر خبر في جهات معينة، بحيث يعتمد على طريقته من أجل التأكد، فيستمع إلى عدة أطراف حول موضوع واحد، ليستنتج المعلومة الصحيحة في حال عدم تمكنه من التنقل إليها، مع تحمّل كل التبعات في حال الخطأ.
فدور المكلف بالاتصال جوهريا في مجال الاتصال، إلى جانب كونه حلقة وصل بين الهيئة التي يمثلها ومختلف وسائل الإعلام لنقل أي معلومة أو خبر، فهو المصدر الموثوق الذي يلجأ إليه الصحفي لتأكيد خبر ما أو نقله قصد تقديم عمل صحفي يعتمد الموضوعية في الطرح والمعالجة، ورغم أهمية وخطورة هذا الدور وغياب المكلفين بالاتصال في مختلف المؤسسات يؤدي الى عائق حقيقي يحول دون الوصول إلى المعلومة الصحيحة من مصدرها المفترض.
كما أن اعتماد بعض المكلفين بالإعلام، الازدواجية في التعامل مع مختلف الصحف الوطنية، يؤدي بالصحفي اللجوء بفعل هذا الخلل إلى المغامرة في نقل الخبر ممّا يغذّي الإشاعة والأقاويل غير المؤسسة، وهو ما يستدعي حسب البعض الآخر رسم سياسة اتصال قائمة على التواصل بين الطرفين، وعدم تسهيل مأمورية الصحفي، وتزويده بمعلومات ضرورية يقع هذا الأخير في الخطأ والمعلومة المغلوطة.
تصحيح المفاهيم
ولغرض إبعاد المصطلحات الخاطئة والمغلوطة، نظّمت المفتشية الجهوية لشرطة الشرق بقسنطينة مؤخرا، على مستوى نادي الاطارات بالمصلحة الجهوية للمالية والتجهيز بقسنطينة، ملتقى جهويا حول المصطلحات القانونية والشرطية المتداولة عبر مختلف وسائل الاعلام، وهذا لفائدة رؤساء مكاتب الاتصال والعلاقات العامة التابعة للولايات الشرقية، وكذا ممثلي مختلف وسائل الإعلام المحلية، أين كانت جريدة “الشعب” ممثّلة بمراسلَيْها لولايتي سكيكدة وجيجل بهذا اليوم الاعلامي الجهوي، أشرف على تنشيط هذا الملتقى العميد الأول كحول ميلود ممثلا عن المفتش الجهوي للشرطة للشرق، بحضور إطارات من مختف المصالح الجهوية للشرطة. وفي كلمة افتتاحية تطرّق العميد الاول الى الهدف من الملتقى، بغية تصحيح المفاهيم لبعض المصطلحات المتداولة عبر وسائل الاعلام، وإعادة النظر فيها، لتحقيق الانضباط والعمل على تجاوز فوضى المصطلحات كما أوضح كحول “أن المديرية العامة للأمن تعمل على توفير كل الوسائل الضرورية لتمكين الأسرة الاعلامية من المعلومة، ضمانا لمصدر الخبر، مع التقيد بالمصطلحات القانونية”، مؤكّدا “على أن الاعلام شريك في زرع روح التسامح بين مختلف شرائح المجتمع”، فالهدف من هذا الملتقى حسب كحول “هو الوقوف على الاختلالات والأخطاء الشائعة أثناء استعمال وتداول هذه المصطلحات وفق قانون الاجراءات الجزائية وقانون العقوبات، مع توضيح الاستعمال السليم لها في مختلف القضايا وتكييفاتها”.
الملتقى كان غنيا بالمداخلات التي تمحورت حول “المصطلحات القانونية في مجال الشرطة القضائية” التي قدّمها عميد الشرطة بوبكري محمد يزيد من أمن عنابة، تلتها مداخلة محافظ الشرطة زغيب لبيب من أمن قسنطينة حول “المصطلحات القانونية في مجال الأمن العمومي”، ثم مداخلة الصحفية دغيش فاطمة الزهراء رئيسة المكتب الجهوي لوكالة الانباء الجزائرية بقسنطينة كانت حول “المصطلحات القانونية والاعلام”.
واختتم الملتقى بمداخلة لمحافظ الشرطة زياد شبان مونية من أمن قالمة تمحورت حول “المصطلحات القانونية في مجال الشرطة الادارية”، ومن ثم فتح باب المناقشة التي كانت مفيدة لرجال الاعلام في العديد من جوانب العمل الميداني.
أين دار الصحافة؟
فأزيد من 30 مراسلا صحفيا معتمدا من طرف الصحافة المكتوبة بولاية سكيكدة يعاني جملة من المشاكل والعراقيل التي حالت دون تأدية وظيفتهم على أحسن حال، ويأتي على رأس هذه المشاكل تأخر إنجاز دار للصحافة، ومعاناة أخرى تعد من أكبر الحواجز، كظاهرة الضغط والانتقادات جراء ما يكتب ويمارس على الإعلاميين بالولاية فيما يتعلق بكشف الحقيقة.
وأمام كل هذا يبقى المراسل الصحفي بولاية سكيكدة ينتظر إنجاز دار للصحافة من طرف السلطات الولائية، علّها تساعده في تثمين مجهوده والاعتراف بتغطيته اليومية لمختلف الأخبار المتنوعة المنشورة باليوميات الوطنية.