طباعة هذه الصفحة

تيبـازة ولايـة واعـدة

إنتـاج 4 مــلايين و820 ألـف قنطار مــن الخضـروات

تيبازة: علاء ملزي

النّقطة السّوداء..قلّة اليد العاملة

 بالرّغم من محدودية المساحات القابلة للاستغلال الفلاحي، تبقى ولاية تيبازة رائدة في إنتاج مختلف المنتجات الفلاحية بما في ذلك تلك التي تصنّف ضمن المواد الاستراتيجية كالحبوب والبطاطا، وقدّرت المصالح الفلاحية قيمة الخضروات والفواكه المنتجة محليا بـ 6 ملايير دج كمعدل سنوي، فيما تحتل الولاية المرتبة الثالثة وطنيا في الزراعات المحمية والرابعة وطنيا في كل من الحمضيات والكروم، إلا أنّ ضعف ثقافة التخزين أثّر سلبا على عملية استغلال وتسويق هذه المنتجات.
 وفي ذات السياق، قد أكّد عدد من الفلاحين الممارسين على ندرة هياكل التخزين لمختلف المنتجات بالتوازي مع اندثار طرق التخزين التقليدية لأسباب موضوعية، بحيث يؤكّد هؤلاء على أنّ البطاطا مثلا لا تحتاج إلى غرف تبريد أصلا لتخزينها لفترة 3 أو 4 أشهر، وإنّما يمكن تخزينها تحت الأرض في شروط نظامية يدركها أهل الاختصاص وبدون أيّ استهلاك للطاقة ممّا يخفّض من حجم تكاليفها. والأمر نفسه بالنسبة للثوم والبصل، وعدّة خضروات أخرى بمعية مختلف أنواع البقول الجافة التي لا تحتاج الى استغلال التكنولوجيا الحديثة للحفاظ على ديمومتها لفترات طويلة، ولكنّ الواقع المعيش يشهد بأنّ مجمل هذه الطرق التقليدية أصبحت من الماضي، وقلّما تخطر ببال أحد لاستغلالها نظرا لتداخل عدّة عوامل موضوعية في العملية تأتي في مقدمتها ندرة اليد العاملة التي تسند لها مهام التخزين والمراقبة وعدم جاهزية المواقع لهذه العملية بفعل الانتشار المذهل للحيوانات البرية من جهة، وارتفاع درجة حرارة الأرض من جهة أخرى، بحيث كشف العديد من الفلاحين الذين أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع بأنّ منابع مائية عديدة عبر ربوع الولاية كانت تستغل 3 مرات يوميا لأغراض السقي الفلاحية، وجفّت من المياه اليوم بشكل رهيب بتأثير مباشر من ارتفاع درجة حرارة الأرض، فيما تبقى غرف التبريد الحديثة المنصبة على مستوى سوق الخضر والفواكه بالحطاطبة و ببعض المواقع بفوكة و القليعة محدودة، ولا تفي الغرض على الاطلاق.
 وفي سياق ذي صلة، يفضّل العديد من سكان الأرياف وغيرها من المواقع تسويق منتجاتهم الفلاحية طازجة وعند نضجها مباشرة لضمان تحصيل قدر من المال في وقت مبكر، مع تجنّب الجنوح لعمليات التجفيف والتحويل والتخزين لأسباب يعتبرها هؤلاء تخفي وراءها أتعابا مضاعفة لا تقابلها فوائد ذات جدوى، ومن ثمّ فقد استفحلت لدى هؤلاء ثقافة الجني المبكر للمحصول وتسويقه بشكل مباشر وسريع لغرض الحصول على المال مبكرا أيضا، بحيث ينطبق الامر على مختلف انواع الخضروات والبقول الجافة وحتى الفواكه لم تنج من هذه الظاهرة في أحيان كثيرة، الأمر الذي يسفر عن تشبع السوق محليا بالمنتجات الطازجة كالفول و الفاصوليا و الجلبانة و غيرها فيما تبقى أسعار تلك المواد مجففة مرتفعة الى حدود لا تطاق مع الاشارة الى كون الانتاج المحلي لا يفي الحاجة المعبّر عنها و يظطر أهل الاختصاص الى استيراد كميات كبيرة منها.
وبلغة الأرقام تتربّع الأراضي الفلاحية المستغلة بتيبازة على امتداد 64311 هكتار من بينها 25 ألف هكتار مسقية مع الاشارة الى كون ثلثي ذات المساحة تابعة للقطاع الخاص من حيث الطبيعة القانونية لها، وتنتج هذه المساحات مجتمعة 4 ملايين و820 ألف قنطار من الخضروات سنويا على مساحة قدرها 18500 هكتار من بينها 902 ألف قنطار تنتج داخل البيوت البلاستيكية  بمعية مليون و35 ألف قنطار من البطاطا. أما فيما يتعلق بالحمضيات فقد سجلت المصالح الفلاحية معدلا سنويا يتجاوز عتبة 800 آلاف قنطار سنويا، إضافة إلى أكثر من 600 ألف قنطار من منتجات الأشجار ذات النوى ونصف مليون قنطار سنويا من مختلف أنواع الحبوب.
أما بالنسبة لآفاق سنة 2019، فإنّ المصالح الفلاحية بالولاية ترتقب تجاوز عتبة 6 ملايين قنطار من الخضروات سنويا ومليون و 650 ألف قنطار من البطاطا و580 ألف قنطار من الحبوب ومليون قنطار من الحمضيات، وأكثر من 900 ألف قنطار من منتجات الأشجار المثمرة ذات النوى، تضاف إلى 45 ألف لتر من الحليب بمختلف أصنافه و19500 قنطار من اللحوم الحمراء و120 ألف قنطار من اللحوم البيضاء، بحيث ستتجاوز هذه المعدلات مجمل الأرقام المسجلة حاليا بنسب متفاوتة، وتعد بتحقيق وثبة نوعية في مختلف مصادر الغذاء للجزائريين كخطوة لابد منها لتحقيق اكتفاء ذاتي يغنينا من كابوس الاستيراد، غير أنّ هذه المعطيات تبقى بحاجة ماسة إلى مرافقة جدية وفاعلة تعنى بتفعيل وتجسيد مختلف البرامج المعنية بالتخزين والتحويل تجنبا لتكبّد خسائر فادحة، لاسيما حينما يسجّل فائض كبير في الانتاج، كما أنّ الجهات المعنية تبقى ملزمة بإيجاد حلّ سريع لمشكل ندرة اليد العاملة في القطاع الفلاحي، وهي الندرة التي أسفرت في الكثير من المرات عن بقاء مزارع الطماطم والفلفل والباذنجان والفاصولياء بدون جني للمحصول لفترات طويلة، بحيث ولّدت هذه الظاهرة قلقا كبيرا لدى الفلاحين بشأن مصير مهنتهم ومساهمتهم في توفير الغذاء للجزائريين.
اللّحوم الحمراء والبيض.. ثروتان نائمتان
 تشير مصادرنا من مديرية المصالح الفلاحية إلى أنّ إنتاج الولاية من اللحوم الحمراء لا يقل عن 87 ألف قنطار سنويا، كما لا يقلّ انتاج البيض عن 154 مليون وحدة سنويا، فيما تفوق كمية انتاج دجاج الاستهلاك حدود مليون ونصف رأس، وتتجاوز كمية الدجاج البيوض 860 ألف رأس ويقارب انتاج الديك الرومي 47 ألف وحدة سنويا، غير أنّ رئيس جمعية مربي الدواجن بالولاية السيّد عيد نور الدين أكّد على أنّ عدد مربي الدواجن بالولاية يمكنه أن يتضاعف مستقبلا في حال تحسين آليات التسويق، والتي يرتقب أن تتطور الى مرحلة التصدير، مشيرا الى أنّ المعايير الدولية التي تتطلبها عملية التصدير ليست تعجيزية بالنسبة للمربين بمنطقة الوسط الجزائري عموما بالنظر الى التزام المربين هناك ببروتوكول النظافة الذي يحدّد بوضوح دورة التربية ومجمل الوسائل المادية و التقنية الضرورية للوقابة من الأمراض الفتاكة، بحيث يتوجّب على المربي استكمال إجراءات تقنية بسيطة أخرى تعنى باحترام المعايير الدولية للتمكن من المرور الى مرحلة التصدير، غير أنّ الاشكال القائم والذي لا يزال يؤرق المربين يكمن في انعدام المذابح الصناعية محليا، وهي المذابح التي بوسعها استكمال مختلف الاجراءات العملية لتحضير المنتج للتصدير كالتعليب والتخزين النظامي وغيرها، ومن ثمّ فقد طالب رئيس جمعية المربين بضرورة إدراج هذا النمط من النشاط ضمن أولويات المشاريع الاستثمارية المقبلة على مستوى الولاية.
 كما أكّد رئيس جمعية مربي الدواجن أيضا على أنّ معظم المربين يتمركزون حاليا بمناطق فوكة والدواودة وبوسماعيل والشعيبة والقليعة وعين تقورايت، وبدرجة أقل بمنطقتي قوراية والأرهاط بالناحية الغربية، فيما انخفض عددهم بشكل لافت بمنطقة سيدي عمر التي كانت تعتبر إلى وقت قريب قطبا متميزا في تربية الدواجن، بحيث تختلف طرق التربية من
مرب لآخر على حسب الأهداف المسطرة وكذا الامكانيات الموفرة والمسخرة، إلا أنّ معظمهم ملتزمون ببروتوكول النظافة الذي تسهر على تطبيقه مختلف المصالح العمومية ذات الصلة بهذا النشاط، في بادرة لابد منها للتمكن من ترقية هذه الشعبة وتحضيرها لمرحلة ما بعد الاكتفاء الذاتي.