تحتل ولاية سكيكدة مركز الريادة في العديد من الشعب الفلاحية على غرار إنتاج الطماطم الصناعية الذي وصل خلال الموسم الفلاحي الماضي، إلى أكثر من 4 ملايين قنطار، مما أهل الولاية لأن تتربع لسنة أخرى، على عرش الطماطم الصناعية ذات الجودة العالية على المستوى الوطني، بنسبة إنتاج تمثل حوالي 51 بالمائة من الإنتاج الوطني.
ويأتي هذا الإنتاج بالرغم من التقلص النسبي الذي عرفته المساحة المزروعة خلال هذه السنة، والذي انتقل من 8000 هكتار خلال السنة الماضية، إلى 7500 هكتار خلال السنة الحالية، وذلك بسبب لجوء بعض المنتجين إلى التنويع في الزراعة من خلال تهوية الأرض وتركها ترتاح حتى تضمن في السنة الموالية إنتاجا نوعيا من الطماطم الصناعية، وفيما يخصّ إنتاج هذه السنة فإنه سيلبي، بشكل كبير، مصانع التحويل الثلاثة بالولاية، خاصة مع دخول وحدة جديدة ببكوش لخضر بسعة إجمالية تقدّر بـ 600 طن / اليوم من معجون الطماطم المركز، وتبقى بلدية ابن عزوز الرائدة وطنيا في إنتاج الطماطم، حيث تقدر المساحة المزروعة بها بـ 4 آلاف هكتار، تليها بلديات بكوش لخضر عزابة وجندل، موازاة مع 15 بلدية أخرى تقع معظمها بالجهة الشرقية والجنوبية من الولاية المشهورة بزراعة الطماطم الصناعية.
إضافة إلى إنتاج بذور البطاطا والقمح الممتاز، في الوقت الذي عرف قطاع الفلاحة بولاية سكيكدة، ارتفاعا في نسبة النمو بلغت 20 في المائة، وحقّقت رقما مهما في إنتاج بذور القمح الممتاز، وقد بلغ الانتاج الكلي للسنة الفارطة لكل الأصناف إلى 748570 قنطار من القمح بنوعيه الصلب واللين، على مساحة 40 آلاف هكتار، إذ أصبحت ولاية سكيكدة منذ بداية الألفية الحالية الممون الرئيسي لـ 13 ولاية بشرق البلاد ببذور القمح الممتاز، كما احتلت المرتبة الأولى في إنتاج بذور البطاطا التي تسوّق إلى ولايات شرق وجنوب البلاد وبعض الولايات بالوسط.
فالمساحة الصالحة للزراعة بسكيكدة تمثل نسبة 32 % من المساحة الإجمالية للولاية، موزعة على مناطق جبلية كجبال القل، أم الطوب، أولاد احبابة، عزابة، أراضي سهلية خصبة وتشمل كل من منطقة واد الصفصاف، واد القبلي، واد الكبير، وأراضي سفحية وتتمركز في كل من الحروش، عين بوزيان، سيدي مزغيش والسبت، ومن مجمل هذه المساحة هناك ما يقدر بـ 11686 هكتار قابلة للسقي.
وتتوفر ولاية سكيكدة على مخزون هام من المياه من سدود ووديان ناهيك عن تنوع المناخ والتضاريس من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى التساقط الكثيف للأمطار خاصة في الجهة الغربية التي تعدّ الأولى على المستوى الوطني من حيث نسبة كمية التساقط، جعلها تصنف كمنطقة لتكثيف كل أنواع الإنتاج في إطار المخطط الوطني للتنمية الفلاحية والتجديد الريفي لتستطيع بذلك من تصدر المراتب الأولى في مختلف المنتوجات الفلاحية.
وتتوزع المحاصيل الزراعية في المساحة الصالحة للزراعة على الحبوب بـ 38245 هكتار، الزراعات الصناعية بـ 2500 هكتار، البقوليات بـ 2848 هكتار، الأشجار المثمرة بـ 9956 هكتار، الخضروات بـ 22325 هكتار، الأعلاف بـ 37169 هكتار، كما تتمثل الإمكانيات البشرية في سكان الريف الذين يبلغ تعدادهم 236314 نسمة.
الصدارة في القمح الممتاز
فزراعة الحبوب تنحصر في سهول رمضان جمال، الحروش، سيدي مزغيش ومجاز الدشيش والصفصاف وبني ولبان وأم الطوب، ومع أنّ ولاية سكيكدة لم تصنف بعد ضمن الولايات الرئيسية المنتجة للحبوب على المستوى الوطني، إلا أن توسيع زراعة الحبوب الشتوية والاستعانة بالري الصغير والمتوسط وتحويل مياه سد زيت العنبة الكائن ببلدية بكوش لخضر لسقي مساحات كبيرة من هذه الزراعة الأساسية يرشح الولاية لتكون في المستقبل القريب من بين المصادر الرئيسية في تزويد المزارعين على الأقل على مستوى الجهة الشرقية للوطن ببذور الحبوب الممتازة لزراعة القمح والشعير وأعلاف الماشية تتم حاليا في مساحة تقدر بـ5 آلاف هكتار، يحتل القمح فيها نسبة 70 بالمائة بمساحة تزيد عن 3 آلاف هكتار، والباقي هو موزع بين القمح اللين والشعير، للنوعية الخاصة التي تتوفر عليها الولاية، وكذا وجود مساحات شاسعة قابلة للإصلاح والاستغلال تمكن من التوسع في زراعة الحبوب في كل جهات الولاية والزيادة في القدرات الإنتاجية السنوية والاعتماد على الطرق العصرية المتبعة في دول العالم في مجال زراعة القمح بنوعيه.
كما أشارت تقارير رسمية لمصالح مديرية الفلاحة بالولاية، إلى ان السياسة الوطنية المتبعة فيما يخص التكفل بالفلاحين ماديا وتقنيا في إطار الصندوق الوطني للتنمية الفلاحية، قد أعطت نتائج إيجابية على صعيد المنتوج الذي يسجل ارتفاعا من حيث الكمية والنوعية، وبالرغم من ذلك يبقى هذا الانتاج دون مستوى الإمكانيات الحقيقية التي تزخر بها الولاية في مختلف الميادين، إذ تمتلك مساحة إجمالية تتجاوز 132 ألف هكتار تعد من أخصب وأجود الأراضي الفلاحية بالوطن، إلاّ أنّها غير مستغلة بنسبة كبيرة ومنها ما هو مستغل بصورة عشوائية وفوضوية كبعض المستثمرات الفلاحية الفردية والجماعية أصبحت مهملة وضائعة والمستفيدون لا يستغلونها بكيفية منتظمة وحقيقية، وبعضها تخلى عنها فيما لجأ آخرون إلى كرائها والتفرغ لأعمال أخرى غير الميدان الفلاحي.
هذا، وأصبحت ولاية سكيكدة في السنوات الأخيرة تشتهر بإنتاج بذور البطاطا، حيث توجد بها 13 مؤسسة متخصصة إنتاج بذور البطاطا، وإنتاج البطاطا بنوعيها البيضاء والحمراء الموجهة للاستهلاك، وزراعة البطاطا بولاية سكيكدة ممركزة في بلديات الحروش وصالح بوالشعور ورمضان جمال وتمالوس وكذا بن عزوز، وتزود العديد من الولايات ببذور البطاطا من بينها كل ولايات شرق وجنوب البلاد وحتى ولايات من الغرب الجزائري، حسب ما أكدته المصالح الفلاحية في التقارير الأخيرة، وتتوزع هذه الأخيرة في أكبر المناطق
والقطاعات الفلاحية المتمركزة في الجهة الجنوبية، وعلى وجه الخصوص دائرة الحروش وتساهم بـ 25 في المائة من نسبة الإنتاج الوطني من البذور على مساحة تقدر 1300 هكتار، وربع المساحة المخصصة للخضروات تغرس بمادة البطاطا ولجودة شتائل بذور البطاطا بمدينة سكيكدة جعل الإقبال عليها واسعا من مختلف مناطق الوطن، ومن المرتقب أن تصل خلال السنوات القليلة القادمة إلى حوالي 2000 هكتار، وذلك لتصبح مدينة سكيكدة تغطي أغلبية حاجيات الولايات الداخلية من هذه المادة.
وتتم زراعة البطاطا في ولاية سكيكدة حسب المصالح الفلاحية، داخل مساحات صغيرة الحجم وفي رقعات جغرافية محدودة، وهو ما يعيق إمكانية الانتقال بالولاية إلى مرتبة كبيرة جدا قد تؤدي بها إلى مرتبة حقيقية من التصدير الخارجي لهذه المادة الحيوية، والأمر يتعلق بمشاكل العقار الفلاحي التابع للدولة والمجموعات الفلاحية، فيما لا يملك المزارعون الخواص العاملون في ميدان الإنتاج المساحات الكافية.
وتعدّ مؤسسة «قدماني» الرائدة في إنتاج شتائل بذور البطاطا على المستوى الوطني بأكثر من 4 آلاف طن سنويا، وتشرف على تطوير هذه الزراعة بالعديد من الولايات بالوطن، ومؤخرا دخلت المؤسسة مجال التسويق العصري، حيث إن عملية بيع وشراء المنتوج تتم على مستوى الإدارة بخلاف السنوات السابقة، أين كانت تتم على مستوى الحقول والمزارع، وتعتمد هذه المؤسسة في تطوير منتوجها على العنصر البشري والأساليب الحديثة والمكننة، والاحتكاك مع المؤسسات الأجنبية المختصة في هذا المجال. وقد تمّ في الآونة الأخيرة تصدير أول شحنة بطاطا من ميناء سكيكدة باتجاه دولتي البحرين والسنغال، الشحنة المقدر وزنها بـ 380 طنا وضعت بحاويات مبردة تمهيدا لنقلها للبحرين والسنغال، وتعد أول شحنة تصدر انطلاقا من ميناء سكيكدة، ومن المنتظر أن يتم قريبا تصدير شحنات متتالية بوزن 2000 طنا وستكون موجهة لإفريقيا ودول الخليج.