«الاقتصاد الأخضر» الممر الحتمي لما بعد المحروقات
شجّع انخفاض الموارد المالية الخارجية للجزائر البحث عن سبل وطرق جديدة للمساهمة في استبدال الواردات بالإنتاج الوطني من خلال استغلال الموارد المتوفرة، لاسيما عن طريق تثمين واسترجاع النفايات وإنشاء “اقتصاد أخضر” بديل للمحروقات. ويتطلب ذلك وعيا كبيرا من قبل المستثمرين بأهمية المجال في خلق الثروة والقيمة المضافة وتوفير مناصب عمل. هذا ما تحدث عنه كريم وامان، المدير العام للوكالة الوطنية للنفايات، في حوار خص به “الشعب” على هامش الصالون الدولي لاسترجاع وتثمين النفايات الصناعية.
- الشعب: بداية، ما هي الوكالة الوطنية للنفايات وما المهام التي تضطلع بها؟
كريم وامان: الوكالة الوطنية للنفايات تحت وصاية وزارة الموارد المائية والبيئة، تأسست سنة 2002، مهمتها الترويج للسياسة الوطنية في مجال تسيير النفايات.
تعنى الوكالة بجمع كل المعلومة المتعلقة بالنفايات وتتوفر على النظام الوطني لتسيير النفايات، وهي عبارة عن قاعدة معلومات يتم تحينها بشكل مستمر. هذه المعلومات توجه إلى الأشخاص المعنيين بتسيير النفايات.
أشير إلى أنه في مجال تسيير الوكالة، هناك عدة مراحل، أولا: مشكلة التخلص العشوائي من النفايات، وجاءت السياسة الوطنية للتخلص من ذلك، حيث تم وضع مراكز الردم التقني للتخلص من المكبات العشوائية، وألفت الانتباه كذلك إلى أن كل النفايات التي تدخل لهذه المراكز لدينا كل المعلومات المتعلقة بها من حيث الكمية والنوعية.
- المرحلة الحالية تتطلب المرور من التسيير الإداري إلى التسيير الاقتصادي للنفايات، كيف ذلك؟
دخلنا الآن مرحلة جديدة، حيث أن النفاية لا ترى مجرد مخلفة، إنما كمادة أولية وهذا ما يسمح بتقليص استيراد هذه الأخيرة والاقتصاد في استغلال الموارد الطبيعية، كما تمكن من خلق الثروة.
نحن الآن مجبرون على المرور إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة تسيير الاقتصادي للنفايات وهي مرحلة نوعية ترتكز على الجانب المادي للنفايات.
- هل لديكم معلومات عن كمية النفايات التي ينتجها المواطن الجزائري؟
المواطن الجزائري ينتج ما لا يقل عن 300 كلغ من النفايات سنويا، هذه الكمية ليست بالأمر الهين، حيث عندما نرى حجمها، نجد أنها تأخذ مساحة 1 متر مكعب من المركز التقني. وإذا أردنا تفاصيل يشأنها نرى أن 95 كلغ من 300 كلغ من هذه النفاية عبارة عن مغلفات قابلة للرسكلة، و160 كلغ من المواد العضوية قابلة للتثمين البيولوجي وما يتبقى تستقر في هذا المركز.
لابد أن أؤكد أن تثمين النفايات يحظى بمكانة مهمّة في برنامج الحكومة، من خلال المخطط الوطني لتسيير النفايات الصناعية والخاصة الذي تم إطلاقه سنة 2006، ونجد في الوقت ذاته أن نسبة استرجاع النفايات الصناعية في الجزائر تراوحت بين 6 و7 من المائة.
-ما الذي تقدمه الوكالة، بالإضافة إلى المعلومات، للمستثمرين أو الشباب الراغبين في إقامة مشاريع الاسترجاع؟
هناك اهتمام متزايد من قبل المتعاملين الاقتصاديين للاستثمار في تثمين النفايات ورسكلتها صناعيا.
هذا الصالون هو الأول من نوعه ويمثل فرصة للمتعاملين في هذا المجال لعرض عديد المشاريع الناجحة.
لدينا اتفاقية مع “أونساج” لمرافقة الشباب في تجسيد مشاريع مصغرة في مجال تسيير النفايات، كما نقوم بتكوينهم في هذا المجال، لأن العمل يكون في جميع مراحل عملية التسيير.
- ما عدد المؤسسات الناشطة في مجال رسكلة النفايات؟
ما لا يقل عن 1000 مؤسسة تنشط في مجال رسكلة النفايات، غير أن المسألة تحتاج إلى نشر وعي أكثر للمستثمرين بأهمية الاستثمار في مجال تثمين النفايات، وعلى عاتقنا وضع ميكانزمات التسيير ومرافقتهم في تسيير النفايات.
^ ما نوعية الاستثمارات التي يمكن إقامتها في مجال تدوير النفايات؟
^^ الاستثمار في البلاستيك أكثر من الاستثمار في الكارتون والورق المستعمل، لأن إعادة تدوير البلاستيك أسهل من إعادة تدوير الكارتون، كون هذا الأخير يتطلب منشآت كبيرة، كما أنه استثمار مكلف وثقيل. ويوجد في العالم 5 مؤسسات كبرى تقوم بهذا النشاط من التثمين إلى مادة خام جديدة.
كما أن الاستثمار في البلاستيك يكلف أقل من 10 آلاف دج، يمكن إنشاء مؤسسة صغيرة لتدوير البلاستيك، ويمكن للشباب أن يستثمر في كل المجالات القابلة للرسكلة والأمر يتطلب فقط التكوين، كما أن الجانب التقني هام.
كما ينبغي على الشباب أن يعي أن النفاية مادة غير قابلة للزوال، مادام هناك استهلاك، وأن لديها كلفة ولو قليلة. وأريد أن أكد لهم على ضرورة الصبر، لأن الاستثمار يحتاج إلى وقت لتحقيق النتائج والربح المنتظر.