طباعة هذه الصفحة

حلول واقعية لمسائل طارئة

فنيدس بن بلة
04 أكتوير 2016

وضع رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة خارطة طريق تشرح الوضعية الصعبة التي تعيشها الجزائر وتعرض اقتراحات حلول لتداعيات تراجع أسعار النفط. هي حلول تعتمد على الخيارات الوطنية دون الاتكال على الآخر.
يظهر من خلال توجيهات الرئيس وتعليماته في مجلس الوزراء، ضرورة البحث عن مخرج من الوضع الصعب واتخاذ من الأزمة قوة انطلاق نحو الخيارات البديلة دون السقوط في اليأس والقنوط.
من التدابير الجديرة بالتوقف عندها ووضع الرئيس بوتفليقة تحتها خطا أحمر لا تسمح بالقفز عنها أو الاستهتار بها، اعتماد تدابير تشريعية غايتها تحسين الإيرادات وتشجيع الاستثمار المنتج المولد للثروة الحقيقية وليس الريع النفطي وما يحمله من أخطار محدقة، نتيجة تراجع أسعار المحروقات وانهيارها بفعل الصراعات الجيواستراتيجية ومعارك النفوذ واهتزازات الدول الواقعة في نزاعات وحروب في الغالب محركة بأجندات خارجية.
جاءت هذه التدابير امتدادا للإصلاحات التي مست الاقتصاد، المالية والمصرفية والمرفق العمومي. وهي إصلاحات تحمل رؤية استشرافية لمواجهة الطارئ بتدابيرة عملية تؤمن البلاد من السقوط في المجهول، مثلما جرى في فترات سابقة، حيث أدت السياسات الارتجالية وسوء التسيير والتقدير، أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، وما تبعها من اهتزازات، إلى ارتماء الجزائر في احضان «الأفامي» مكرهة واتباع سياسة التعديل الهيكلي التي أنجرت عنها اضطرابات اجتماعية، سرعان ما أصلحت بفضل الخيارات التي اعتمدها رئيس الجمهورية، منها تسديد المديونية وإعادة بعث صناعة وطنية وحركية اقتصادية أعادت الاستقرار والطمأنينة للنفوس وقلصت البطالة إلى ما دون 10 من المائة.
وطبيعي أن تكون هذه الحركية الاقتصادية ثمار تدابير السلم والمصالحة التي أعادت اللحمة بين الجزائريين وأخرجتهم من الغفلة وحررتهم من الخطاب التيئيسي المشكك في كل إنجاز بتطبيق القاعدة السلبية «كلّ ليس على ما يرام».
رئيس الجمهورية، الذي أعاد على أسماع الطاقم الحكومي ما ذكّر به أكثر من مرة بوجوب إطلاع المواطنين بحقائق الأشياء والصعوبات وتجاوز خطاب التفاؤل المفرط، قدم تعليمات أخرى تخص عقلانية التسيير ورشادة النفقات، موسعا روح المسؤولية والمبادرة إلى الجماعات المحلية المطالبة بالتحرك أكثر لعلاج التعقيدات على مستواها دون العودة الدائمة إلى المركزية وانتظار المؤشرات الفوقية.
وأول خطوة يقوم بها الولاة ورؤساء البلديات، البحث عن موارد مالية محلية تمول المشاريع وتشكل نفقات خدمات مصالح هي في أمس الحاجة إليها دون اتكالية على الميزانية العمومية. والموارد المالية محل الحديث تأتي من جباية واستثمارات.
من هنا نفهم لماذا إصلاح المالية المحلية التي تحتل الأولوية في خطاب الرئيس بوتفليقة وتوجيهاته. وهي مسألة أكد عليها، أمس، في اجتماع مجلس الوزراء، مطالبا الحكومة التعجيل بهذا الملف الحساس الذي يتوج مسار إصلاحات سنوات مضت ومسار تجديد وتقويم في جزائر قوية وآمنة.
إنها إجراءات مكملة لما اتخذ في قانون المالية التكميلي 2015 المتضمن أحكاما غير مسبوقة في مجالات تعزيز الموارد المالية المحلية وصلاحيات الجماعات المحلية التي أعطاها قانون البلدية والولاية سابقا، قوة واعتبارا.
وما يجب التذكير به، أن هذه الإجراءات خففت من القرارات التي تسير العقار الصناعي والتسيير البيروقراطي وقلصت من حجم ونسب الرسوم على النشاط المهني المنتج وكرّست مبدأ التضامن المالي بين الجماعات المحلية في مختلف الأقاليم وكلها مسائل تعود إلى الواجهة في اجتماع الحكومة والولاة قريبا.