دعا الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس إلى إطلاق حوار بين الرافضين والمؤيدين لإتفاق السلام الموقع بين الحكومة وحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، الذي يهدف إلى طي صفحة نزاع استمر أكثر من نصف قرن، وذلك بعد النتيجة المفاجئة للإستفتاء التي جاءت بالرفض.
فقد رفض الناخبون الكولومبيون اتفاق سلام مهم بين الحكومة وحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، وجاءت نتيجة الإستفتاء على الإتفاق مفاجئة حيث صوت 24 ، 50 في المائة ضده الذي وقعه الرئيس خوان مانويل سانتوس مع زعيم حركة «فارك» الأسبوع الماضي بعد مفاوضات دامت 4 أعوام.
كان الإتفاق الموقع بين الجانبين يرمي إلى إنهاء أقدم نزاع مسلح في الأمريكيتين استمر قرابة 52 عاما إنخرطت فيه حركات تمرد يسارية وميليشيات عسكرية من اليمين المتطرف، وأسفر عن إزهاق 260 ألف روح و 45 ألف مفقود و 6، 9 ملايين مهجر.
جاء رفض الإتفاق لإحتوائه على «عدد من النقاط المثيرة للجدل»، حيث لم يقبل بعض الكولومبيين أن يستفيد مرتكبو الجرائم بعقوبات بديلة غير السجن في حال اعترفوا بجرائمهم، مثل تقييد حريتهم لمدة 8 أعوام.
رفض المعارضون أيضا مشاركة (فارك) في الحياة السياسية من خلال حزب سياسي جديد سيمنح 5 مقاعد في مجلس النواب ومثلهم في مجلس الشيوخ.
كان من المفترض أن تتحول حركة (فارك) التي تأسست عام 1964 إذا ما كان اتفاق السلام قد حصل على الموافقة من إنتفاضة للفلاحين وما تزال تضم 5765 مقاتل إلى حزب سياسي بعد ان تسلم أسلحتها تحت إشراف مهمة للأمم المتحدة التي تحققت حتى
الآن من إتلاف حركة (فارك) 620 كلغ من المتفجرات.
تمسك بوقف اطلاق النار
في أول رد فعل على نتيجة الاستفتاء، تعهد الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس -الذي تعد هذه النتيجة إنتكاسة له بعد أن تعهد منذ إنتخابه عام 2010 بإنهاء النزاع- وزعيم القوات المسلحة الثورية الكولومبية تيمليون خيمينيز بأن يبقى وقف إطلاق النار ساريا بين الطرفين.
قال الرئيس سانتوس في خطاب متلفز، أمس الأول، «إنني أولا أعترف بالنتيجة»، متعهدا بأن «يبقى إتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء العداءات الثنائي بين الجانبين ساريا وقائما».
كما تعهد باحترام كافة الآراء التي عبرت في الاستفتاء ودعا إلى إطلاق حوار بين الرافضين والمؤيدين لاتفاق السلام. قال الرئيس سانتوس «غدا سأستدعي كافة القوى السياسية ولاسيما تلك التي قالت لا للاستماع إليها وفتح آفاق للحوار لتحديد المسار الذي نتبعه. سنقرر فيما بيننا أي مسار نتخذه لجعل السلام ممكنا».
أراد الرئيس الكولومبي إجراء الإستفتاء غير الملزم لإعطاء «أكبر شرعية» ممكنة على الإتفاق الذي وقعه في 26 سبتمبر مع قائد القوات المسلحة الثورية (فارك).
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الكولومبي كان قد حذر من أن فوز «لا» في الإستفتاء سيدفع مقاتلي (فارك) إلى «العودة إلى الأدغال».
يمثل قرار الكولومبيين انتصارا كبيرا للرئيس السابق الفارو أوريبي الذي قاد حملة نشطة لرفض الإتفاق. وانتقدت الحملة ما اعتبرته حصانة فضفاضة من الملاحقة القضائية لعناصر الحركة المتمردة وطالبت بمعاقبتهم عن جرائمهم.
كان أوريبي قد تعهد في حالة رفض الإتفاق بأن تتفاوض كولومبيا بشأنه مجددا وبأن يسلم مسلحو (فارك) أسلحتهم ويكافحون من أجل مستقبل كولومبيا في إطار ديمقراطي.
(فارك) تتعهد بمواصلة العمل من أجل السلام
من العاصمة الكوبية هافانا حيث جرت مفاوضات السلام بين الجانبين لمدة 4 أعوام ، أكد زعيم (فارك) أن منظمته «ستواصل العمل من أجل السلام في كولومبيا وستستخدم الكلمات كسلاح وحيد لبناء المستقبل. وبالنسبة للكولومبيين الذين يحلمون بالسلام ويعولون علينا: السلام سوف ينتصر».
قال أن «نتائج اليوم تعد انتصارا لهؤلاء الذين يراهنون دائما على الحرب وإراقة الدماء في كولومبيا»، مضيفا أن «فارك تأسف بشكل بالغ لتأثير القوة التدميرية لأولئك الذين يزرعون الكراهية والمرارة على رأي الشعب الكولومبي». قال إن رغبة فارك في أن تصبح حركة سياسية « تتطلب أن نكون أقوى لبناء سلام مستقر ودائم».
من جهتها، دعت حركة «جيش التحرير الوطني» ثاني حركات التمرد في كولومبيا إلى مواصلة السعي الى «حل تفاوضي» للنزاع المسلح في كولومبيا.
قالت بعد اعلان نتائج الاستفتاء «رغم النتائج يجب الكفاح من أجل السلام «داعية «المجتمع الكولومبي الى مواصلة البحث على حل تفاوضي للنزاع المسلح».