موعد لإطلاق قمر اصطناعي للاتصالات العام القادم
ضربت الوكالة الفضائية الجزائرية، موعدا جديدا مع الاتصالات الفضائية ببرمجتها مشروع إطلاق قمر اصطناعي للاتصالات «الكوم سات»، قبل نهاية سنة 2017، قد يكون ذلك في جوان، وفقا لما صرح به رئيس الوكالة السيد عزالدين أوصديق في ندوته الصحفية، أمس، بمناسبة نجاح برنامج إطلاق الأقمار الاصطناعية الثلاثة.
أوضح أوصديق في رده على سؤال مندوب «الشعب»، حول الآفاق المستقبلية، أن قمر الاتصالات الذي يضيف نجمة مضيئة جديدة بمكانة الجزائر في الفضاء ويتم التحضير لمحطته الأرضية ببوشاوي، ستكون له انعكاسات إيجابية بالنسبة للتكوين ولكلفة وأسعار خدمات الهاتف والأنترنت. علما أن وزن هذا القمر الاصطناعي يقدر بـ5 أطنان ويتطلب إعداد المنشآت اللازمة بتوسيع الموجودة حاليا وتجهيزها.
وأضاف، أن العمل يتم ضمن شراكة مع الصين، بالشروع في تكوين الموارد البشرية وفقا لبرنامج يشمل حوالي 350 مهندس وتقني يساهمون في تجسيد المشروع.
بخصوص الكلفة المالية للأقمار الاصطناعية الثلاثة التي تم وضعها على المدار، بعد نجاح إطلاقها من قاعدة منحصصة بالهند، أكد أن كلفة قمر ألسات 1ب بلغت 3 ملايير دينار وألسات 2ب 1,9 مليار دينار تقريبا، موضحا أن الفارق الإيجابي للثاني مرده النسبة العالية للاندماج الوطني وقيام إطارات الوكالة بإنجاز نسبة كبيرة من الأشغال.
وبخصوص مردودية هذه الإنجازات، أجاب مدير الوكالة أنها ضروروية من خلال مختلف أنظمة تسويق المنتجات الفضائية، مثل الصدر عالية الدقة والدراسات المرتبطة بها، مشيرا إلى أن الوكالة الفضائية الجزائرية تقوم بتسويق خدماتها عبر الفضاء مثل الصور الفضائية والدراسات المرتبطة بها حسب نوعية الطلب التي تم بيعها لعديد البلدان المجاورة، مثل موريتانيا، السينغال، تشاد، النيجر وتونس.
وتحسبا لخدمات الأنظمة الفضائية للأقمار الجديدة، يرتقب استحداث الوكالة لفرع تجاري يتولى جانب استغلالها، بحيث يتكفل بالسوق الفضائية محليا وإقليميا في مرحلة أولى.
وأبرز في هذا الإطار، مدى الأهمية التي سوف تتحقق من خلال هذا الإنجاز ذي المردودية الاقتصادية والبيئية، خاصة قي مجالات استكشاف الموارد الطبيعية السطحية والجوفية، على غرار المناجم والمياه، على امتداد التراب الوطني مترامي الأطراف، بما يوفر للاستثمار خارج المحروقات فرصا بمؤشرات دقيقة تفيد مشاريع في مختلف المجالات، خاصة في الهضاب العليا والجنوب، حيث يمكن للخرائط والصور عالية الدقة أن تختصر الطريق إلى مواقع لاتزال تنتظر من يستغلها.
علاوة على المزايا الاقتصادية المباشرة، فإن الأقمار الاصطناعية الجزائرية التي تسبح في الفضاء، توفر خدمات أخرى ذات قيمة، مثل الوقاية والاحتياط من الكوارث الطبيعية وتسييرها، خاصة بالتعاون مع مصالح المديرية العامة للحماية المدنية ومختلف الأطراف المعنية الأخرى بحيث أن تفادي كارثة يوفر بالمقابل كلفة مالية توجه لقطاعات أخرى.
ولم يكن غريبا اختيار الهند لإطلاق هذه الإقمار كون، كما أوضحه مدير الوكالة، أن عملية الإطلاق نحو الفضاء نت الجزائر في الظرف الراهن معقدة، تتطلب شروطا تكنولوجية وذات كلفة والأولوية حاليا - كما أضاف أوصديق - تتمثل في التحكم أكثر في صناعة القمر الاصطناعي كلية، من حيث التصميم والتركيب والتجهيز وكذا الصيانة لتمديد عمره الذي يقدر بـ5 سنوات ويرسل ما لا يقل عن 40 صورة في اليوم.
ويتم اعتماد منهجية عمل واقعية تندرج في المديين المتوسط والبعيد حتى تعزز الجزائر موقعها في الفضاء وذلك بالاستثمار في التكنولوجيات وتكوين الكفاءات وفقا لمسار مرحلي يضمن السير قدما إلى النادي العالمي للفضاء خدمة للتنمية والسلم لفائدة البشرية. وقد حقق هذا الخيار نتائج ملموسة، من حيث الإنجازات والتأطير، إذ أن الوكالة التي بدأت العمل بـ25 إطارا، تتوافر حاليا على 150 كفاءة من مهندسين وتقنيين في المجال الفضائي وصناعة الأقمار الاصطناعية والتكنولوجيات ذات الصلة.
وسبق الندوة، التي حضرها خبراء، إلى جانب رئيس وأعضاء مجلس إدارة الوكالة الفضائية الجزائرية، عرض بالفيديو لمختلف مراحل تحضير، إعداد، نقل وإطلاق الأقمار الثلاثة ووضعها على المدار بتاريخ 26 سبتمبر الجاري. يتعلق الأمر بالقمر الاصطناعي ألسات1ب بدقة تصويرية متوسطة لرصد الأرض ومراقبتها، حيث يلتقط الصور من ارتفاع 670 كلم ويندرج نشاطه في تلبية المجالات التنموية الحيوية، مثل حماية البيئة ورصد ظاهرة التصحر، مع رسم خارطة لها ورصد شغل الأراضي وتهيئة الإقليم والساحل والوقاية من المخاطر.
كما يتكفل ألسات 2ب، برصد الأرض بدقة تصوير عالية يشتغل على ارتفاع 670 كلم، حيث يعزز قدرات تغطية الإقليم الوطني، يوفر خدمات موضوعاتية اقتصادية، مثل التهيئة والفلاحة ومتابعة البنية التحتية والمنشآت الفنية وإعداد مسح دقيق للأراضي السهبية والصحراوية والوقاية من الأخطار الطبيعية والوقاية منها، كالحرائق والفيضانات.
أما القمر الثالث النانومتري ألسات 1ن، المنجز بشراكة جزائرية - بريطانية، فإنه أداة علمية.
وتتم متابعة، تسيير ومراقبة واستغلال هذه الأقمار، التي اشتغل عليها حوالي 300 مهندس، من طرف محطتين أرضيتين بوهران وورقلة، تديرها كفاءات جزائرية عالية.
يجدر التذكير، بأن هذا العمل النوعي يندرج في إطار إنجاز البرنامج الفضائي الوطني آفاق 2020، الذي تم اعتماده والمصادقة عليه في 2006، من أجل أهداف وطنية كبرى، عنوانها تقوية القدرات الوطنية للبلاد في رصد الأرض لخدمة التنمية المستدامة وتعزيز السيادة الوطنية. وكان حجر أساس هذا الخيار تأسيس مركز تطوير الأقمار الاصطناعية بوهران، الذي دشنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في فيفري 2012، ليمد جسرا ينقل البلاد إلى مرحلة نوعية جديدة بدأت نتائجها تظهر بالملموس.