أكدت الدول المشاركة في الاجتماع الوزاري 15 للمنتدى الدولي للطاقة، تضرر الاقتصاد العالمي، جراء انخفاض أسعار البترول. وأفادت بضرورة السعي لتوافق يسمح بتعافي القيمة المالية لبرميل النفط، قصد تحريك الاستثمار الطاقوي. كما عبرت عن تفاؤلها بإمكانية تقريب وجهات النظر عبر الحوار والتشاور.
حمزة محصول
تحولت الجزائر، أمس، إلى عاصمة عالمية للطاقة، حيث جمعت على أرضها حوالي 60 دولة منتجة للذهب الأسود، من داخل منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» ومن خارجها، تتطلع لإنعاش سعر البرميل الواحد، ومستهلكة تدافع عن أمنها الطاقوي بأثمان “مقبولة”.
مجريات الاجتماع الهام، بحكم الوضعية الحالية لأسواق النفط والنمو الاقتصادي العالمي، خصصت لها الجزائر صرحا معماريا فخما، وهو المركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، الذي دشنه رئيس الجمهورية قبل أسبوعين، ومن داخله بحث المشاركون عدة قضايا وإشكاليات ترتبط بالوضع الراهن للاستثمارات الطاقوية وانعكاساتها على اقتصادات الدول وكذا الآفاق المستقبلية للتحول نحو الطاقات المتجددة.
وفور الصورة التذكارية الجماعية، التي التقطت لضيوف الجزائر رفقة الوزير الأول عبد المالك سلال، أوصدت الأبواب أمام ممثلي الصحافة الوطنية والدولية، لتنطلق الأمور الجدية بشكل مغلق.
وبحسب الأصداء التي حازت عليها “الشعب” من داخل القاعة، فإن أولى الأفكار التي طرحت كانت “الحفاظ على توفير مصادر الطاقة للبشرية”، بعبارة أخرى يعتبر “استمرار تدفق النفط لبلدان العالم أولوية حيوية”، واصطفت المنظمة العالمية للطاقة في هذا الطرح إلى جانب الدول المستهلكة، مرافعة لسعر يخضع لواقع اقتصادي محض، لا لحسابات سياسية.
وتميل الكفة، منذ سنتين ونصف، لصالح البلدان المستوردة، على اعتبار السقوط الحر للأسعار. ورغم الانعكاسات الكارثية لهذه الوضعية على اقتصاداتها، طمأنت الدول المنتجة، من منظمة أوبيب ومن خارجها (روسيا)، بضمان تموين السوق الدولية بالكميات اللازمة من المصادر الأساسية للطاقة.
وبين مستفيد من السعر المنخفض ومتضرر منه، فرض ثقل النفط في الساحة الدولية مفارقة أساسية، تمثلت في إجماع المشاركين على انكماش النمو الاقتصادي العالمي وتهاوي الاستثمارات في ميادين الطاقة الناجمة عن انخفاض الأسعار منذ 2014؛ بمعنى آخر “ الكل متضرر ويجب أن تأخذ الأمور تصاعديا”.
وإذا كان جوهر الاجتماع الوزاري 15 للمنتدى الدولي للطاقة، يتعلق بحماية مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، فإن مخرجاته ستنعكس بشكل آلي وجزئي على الاجتماعي الجانبي، المنتظر زوال اليوم، بين دول منظمة أوبك، حيث ستتحكم عديد المعطيات في نقاشات أعضائها، على اعتبار أن فاعلين كُثْر يتحكمون في السوق النفطية.
ووفقا للنقاشات التي جرت داخل القاعة، فإن التوجه يسير نحو سعر مرجعي مستقر، يعيد الحركية للاستثمارات ويعطي جرعة أكسيجين لاقتصادات البلدان، مع استبعاد حصول صدمة بترولية مضادة تعيد سعر البرميل إلى 100 دولار، على الأقل خلال الفترة 2017 -2020.
وزير الطاقة السعودي: متفائل بوضع السوق
كان خالد عبد العزيز الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية للمملكة العربية السعودية، الأكثر طلبا لدى الصحافيين. وأمام إلحاحهم، توقف ممثل أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، ليقدم قراءة تحمل بصيصا من التفاؤل.
وقال الفالح: “أنا متفائل من وضع السوق وهي في تحسّن مستمر من يوم لآخر، من ناحية التقاء الإنتاج مع الاستهلاك على مستوى الاقتصاد العالمي. ورأينا مؤشرات جد إيجابية في الأسواق الأمريكية في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، حيث أن هناك انخفاض في المخزون مما أدى لتقلص تقلبات الأسعار”.
ويقصد الوزير، انخفاضا واضحا في مخزونات الدول الكبرى المستهلكة للطاقة مما يجعلها تقبل على الكميات المعروضة وبالتالي الامتصاص التدريجي للفائض.
وتحدث الفالح في ذات الوقت، عن تقارب آراء الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها. هذا التقارب يتعلق بأهمية تعافي الأسعار، لكن السؤال الأهم هو كيف سيتم بلوغ هذا التعافي؟
أمام هذه الإشكالية، ترى السعودية من خلال وزيرها، إلزامية تنامي الاستثمار في سلسلة الطاقة. وهنا تشاطر الطرح الجزائري، حيث قال الفالح: “الوزير الأول سلال محق عندما تطرّق إلى مسألة انكماش الاستثمار في الطاقة”، مضيفا أن حدوث ذلك يستلزم مستوى صحيا ومتعافيا للأسعار. ليؤكد “إننا وجدنا أن السعر في السنتين الأخيرتين لم يكن كافيا”.
هل هذا يعني أن السعودية موافقة على القيام بخطوة تؤدي إلى ارتفاع الاسعار؟، جواب الوزير السعودي للطاقة كان دبلوماسيا، حيث تحدّث عن “دعم الرأي الذي يجمع جميع المنتجين”. بينما تشير المعطيات إلى وجود معركة تكتيكية طاحنة، خاصة وأن التنافس بين الدول المنتجة تسبب في إغراق السوق ودمّر الأسعار. وعلى هذه الجبهة، تبذل الجزائر معركة دبلوماسية كبيرة لتحقيق التوافق.
واستبعد الوزير السعودي عودة الأسعار لترتفع إلى ما وفق 100 دولار للبرميل، معتبرا أن السنوات القليلة الماضية عرفت تدفق مستويات عالية من الاستثمار تسبب لاحقا في الفائض.
وعبّر عن أمله في عودة التوازن بين العرض والطلب، وقال إن بلاده تنظر بمسؤولية بالغة لمصالح المنتجين والمستهلكين.
وزير النفط الكويتي: نساند كل المقترحات التوافقية
أكد وزير النفط الكويتي، أنس الصالح، أمس، على هامش اجتماع المنتدى الدولي للطاقة، دعم بلاده لتوافق يقضي برفع سعر النفط في السوق الدولية، مشيرا إلى أنها تدعم كل إجماع، سواء كان بتجميد الإنتاج أو خفضه.
وأكد تضرر التنمية الاقتصادية بالنسبة للدول المصدرة للنفط، بعد تراجع الأسعار بشكل كبير خلال سنتين. وعلق في المقابل على اجتماع منظمة أوبيب المنتظر، اليوم، أنه تشاوري، على أن تتخذ القرارات الحاسمة، شهر نوفمبر المقبل في قمة فيينا.
وزير النفط العراقي: ندعم كل ما يؤدي لرفع أسعار النفط
من جانبه قال وزير النفط العراقي جبار علي حسين اللعيبي، إن اجتماع أوبك سيبحث، اليوم، أفضل آلية لضمان زيادة الأسعار وتوازن السوق. وقال إن العراق يدعم كل مقترح يساهم في عودة الأسعار نحو الارتفاع، مشيرا إلى الطابع التشاوري للقاء الذي وصفه بالهام جدا، معبرا عن أمله في التوصل لما يثبت كقرارات ملزمة في قمة فيينا لصالح البلدان المنتجة.
وزير النفط الإيراني: نعول على دعم المنظمة لاستعادة مكانتنا في السوق
اعتبر وزير النفط الإيراني، بيجن نمدار زنكنه، أن اجتماع الجزائر غير الرسمي، يكون تشاوريا وفضاء للتباحث وليس لاتخاذ القرارات.
وقال في تصريح صحفي قبل انطلاق أشغال منتدى الطاقة العالمية، إن بلاده تسعى للحصول على مساعدة دول أوبك لاستعادة مكانتها في السوق الدولية، بعد تضرر إنتاجها كثيرا بعد إقرار العقوبات الاقتصادية عليها.
وزير الطاقة الروسي: مستعدون للحوار مع أوبك
قال وزير الطاقة الروسي، إن بلاده متفتحة على الحوار والتشاور مع منظمة أوبك، للتوصل إلى وفاق مرض حول أسعار النفط. وأضاف، إن السعر تتحكم فيه عوامل مرتبطة بالسوق وبالتالي لا يمكن التسرع، بحسبه، في اتخاذ قرار تجميد الإنتاج من عدمه. وأبدى تفاؤلا بتوصل لقاء الجزائر إلى حلول تحظى بالإجماع وتحفظ مصالح الدول المنتجة.