زغيدي: تشكيلها من المبادئ التي بنت عليها الحركة الوطنية
أجمعت شخصيات وطنية ومجاهدون على أن تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية يعتبر عيدا وطنيا، لأنه بمثابة استعادة للشخصية الوطنية، كما أن تشكيل هذه الحكومة لم يكن وليد سنة 1958 وإنما فكرة أساسية من المبادئ التي بنيت عليها الحركة الوطنية، وترسخت في مؤتمر الصومام، مؤكدين أن الحكومة المؤقتة كان لها برنامج ونظرة سياسية وبعد فلسفي وقد جسده نداء أول رئيس للحكومة وهو فرحات عباس بالقاهرة. داعيين إلى تناول الوقائع التاريخية بكل موضوعية دون تزييف بعض الحقائق لاسيما وأن الفاعلين الأساسين فيها ما يزالون على قيد الحياة وهم من لهم الحق في تأكيد صحة أو عدم صحة الحادثة التاريخية.
أكد المؤرخ والأستاذ الجامعي د.محمد لحسن زغيدي في تدخله أمس بمنتدى الذاكرة الذي نظمته جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع يومية المجاهد تكريما لكتاب الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الفقيدين عمر أوصديق ومصطفى اسطنبولي والمجاهد لمين خان، أن الذكرى الـ58 لتأسيس الحكومة المؤقتة يعد عيدا وطنيا بأمر من قيادة الثورة التي أوصت بأن يكون 19 سبتمبر من كل سنة عيد وطني كسائر الأعياد الأخرى لأنه فيه تمت استعادة الشخصية الوطنية.
وأوضح في هذا الصدد، أن تأسيس الحكومة المؤقتة لم يكن وليد سنة 1958 وإنما هي فكرة أساسية من المبادئ التي بنت عليها الحركة الوطنية أسسها في بدايتها، كما أن مبادئ نجم شمال إفريقيا المعلن عنها في عام 1927 ركزت أولا على حكومة وطنية، جيش وطني، وبرلمان جزائري، حيث نجد هذه المبادئ الثلاثة نجدها تتكرر في كل إعلان للحركة الوطنية من حزب الشعب الجزائري، ومن بعده حركة الانتصار للحريات الديمقراطية.
وأضاف زغيدي أن المؤتمر الثاني لحركة الانتصار للجنة المركزية في 1953، ركز على ضرورة إقامة حكومة، ومما يلاحظ أن الحركة الوطنية حاولت عام 1944 تأسيس حكومة في سطيف تحت غطاء حركة أحباب البيان والحرية، حيث انتقل مبدأ الحكومة من مبدأ جمهورية إلى حكومة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية، مشيرا إلى أن مؤتمر الصومام ركز على نقطة الحكومة المؤقتة بعد أن أسس هياكل الدولة الجزائرية من لجان إلى المجلس الوطني للثورة إلى لجنة التنسيق والتنفيذ، كما ترك باب وهو أن تأسيس الحكومة المؤقتة تبقى من مهام المجلس الوطني للثورة متى رأى ذلك مناسبا.
وقال أيضا أن لجنة التنسيق والتنفيذ لعبت دور الحكومة المؤقتة إلى غاية 1958، التي طبعتها ظروف الثورة ومؤتمر طنجة الذي ركز على القضية الجزائرية، وأسفر عن اعتراف كل حكام منطقة المغرب العربي بجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي ووحيد للثورة، وثانيا أوصوا بضرورة تأسيس الحكومة المؤقتة لتكون المفاوض مع الطرف الفرنسي وكذا تكون لها مكانة دولية، كون الجنرال ديغول كان يناور ويدعي أنه لم يجد من يتحاور معه، مبرزا أن تشكيل الحكومة المؤقتة سرعان ما أخذ الاعتراف الدولي لحظة الإعلان عنها في الأمم المتحدة وأصبح لها سفراء في الدول الشقيقة والصديقة.
وأشار المؤرخ إلى أن هذه الحكومة ضمت 19 عضو مقسمة على ثلاثة أنواع الأولى القياديين الذين شكلوا الوفد الخارجي والثانية الاعتراف بالمناضلين سجناء والنوع الثالث هم ثلاثة وزراء من قيادي الداخل المتواجدة على المستوى السياسي والنضالي و على مستوى الشباب المناضل الذي انضم كإطارات في جبهة التحرير الوطني، كما أن الشباب المناضل كلهم من النخبة الوطنية المثقفة المتخرجة من الجامعات.
من جهته، قال دحو ولد قابلية رئيس جمعية المالغ ووزير الداخلية الأسبق، أن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية هي أول حكومة للدولة الجزائرية بعد حكومة الأمير عبد القادر، مشيرا إلى أن بعض المؤرخين والمشاركين في الثورة استنكروا شرعية الحكومة المؤقتة بحجة أنها لم تعين من طرف المجلس الوطني للثورة، وهذا خطأ، كون اللائحة النهائية لأشغال المجلس الوطني للثورة في اجتماعه بالقاهرة من 22 إلى 28 أوت 1958، أوصى بتكليف لجنة التنسيق والتنفيذ بالإعلان عن تشكيل حكومة متى ترى ذلك مناسبا، أضاف ولد قابلية.
وأبرز في هذا الإطار، أن هذه الحكومة كان لها نظرة سياسية وبعد فلسفي ،منوها بموقف فرحات عباس الذي يستحق التقدير كونه أوصى بتسليم المسؤولية للشعب الجزائري وبقي صامدا على موقفه إلى غاية 1962. وحسب رئيس جمعية المالغ فإن هذه الحكومة هي امتداد للمعركة الداخلية وليست حكومة في المنفى كما يدعي البعض.
وانتهز ولد قابلية الفرصة، للإشادة بشخصية ونضال ووطنية الفقيد عمر أوصديق الذي قدم الكثير للثورة وكذا مصطفى اسطنبولي، وبالمقابل أعرب المجاهد زهير احدادن عن تذمره من بعض وسائل الإعلام والأساتذة الذين يقدمون مغالطات تتعلق بالحقائق التاريخية دون التأكد من صحتها، خاصة وأن الفاعلين الأساسيين على قيد الحياة.