تمر، غدا، 17 سنة على مصادقة البرلمان الجزائري على قانون الوئام المدني، الذي كان محور الحملة الانتخابية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، حيث راهن عليه لاجتثاث الإرهاب وإرفاق المعالجة الأمنية بإجراءات سياسية واجتماعية لحماية المجتمع من المدّ الإرهابي ومنح فرصة للذين لم يلطخوا أيديهم بدماء الجزائريين للعودة إلى أحضان أسرهم والمجتمع.
راهن الرئيس بوتفليقة على الوئام المدني كامتداد لقانون الرحمة، الذي أصدره الرئيس السابق اليامين زروال في 1996، حيث سمح بإنزال المئات من المغرر بهم من الجبال ومنحهم فرصة أخرى للاندماج في المجتمع.
قام الرئيس آنذاك، بحملة انتخابية ساخنة تخللتها عديد المواقف المعارضة من التيار الاستئصالي وبعض العواصم العالمية، التي اعتبرته تجسيدا لثقافة اللاّعقاب.
لكن بمرور الأيام والأعوام، بدأت النتائج تظهر للعلن من خلال استتباب الأمن وعودة الهاربين من جحيم الإرهاب إلى مداشرهم وقراهم ومباشرة السلطات مشاريع تنموية ضخمة من خلال برامج خماسية خصصت لها أكثر من 800 مليار دولار.
ومن التشكيك في الوئام المدني الذي أتبع في سبتمبر 2005 باستفتاء المصالحة الوطنية، إلى التهليل به وتعالي الأصوات بضرورة اتخاذه مرجعا لكل الدول التي عرفت أزمات وحروبا أهلية داخلية، حيث نجحت الجزائر في تصدير ثقافة السلم والمصالحة الوطنية إلى مالي وليبيا وعديد الدول التي جاءت لتنهل من النظرة الجزائرية في معالجة المشاكل الداخلية.
تضمن قانون الوئام المدني 43 مادة، خصصت معظمها للذين لم يشاركوا في أعمال عدائية وعمليات قتل ووضع قنابل ضد المواطنين ورجال الأمن.
ونجحت الجزائر في قلب موازين الحرب على الإرهاب، فمن المحافظة على الجمهورية إلى الضربات الاستباقية، بعد أن تم وضع المؤسسة العسكرية على المحك وتمكينها من برامج واستراتيجيات احترافية، جعلتها في موقع قوة في التصدي للعمليات الإرهابية حتى بات الجيش الوطني الشعبي مرجعا مهما في العالم وحتى مختلف التقارير العالمية أشادت بالمستوى الكبير الذي بلغه ومختلف أسلاك الأمن في التعامل مع الإرهاب وقدرة الجزائر على القضاء على الجماعات الإرهابية في أوقات قياسية.
وما زاد في قيمة مبادرات الوئام والمصالحة الوطنية، تركيزها على حلول ناجعة مع الأخذ بعين الاعتبار كل الأسباب التي أدت إلى ظهور المد الإرهابي.