عززت الجزائر إجراءات عصرنة الإدارة باعتماد أنظمة الكترونية حديثة للتقرب من المواطن والقضاء على البيروقراطية. وشملت الإصلاحات المعمقة، على وجه الخصوص، وزارتي الداخلية والعدالة، وامتدت لتشمل باقي القطاعات بطريقة غير مباشرة، مما يجعل حزمة الملفات الورقية آيلة للزوال.
بلغ الجهاز التنفيذي مرحلة متقدمة من تنفيذ مخطط “تقريب الإدارة من المواطن”، الذي انطلق، قبل أربع سنوات، بهدف القضاء على البيروقراطية.
وحظي المشروع المهم بحرص ومتابعة شديدين من قبل السلطات العليا للبلاد.
البداية كانت بفرز دقيق لحزمة الوثائق الإدارية التي شكلت هاجسا يوميا للمواطنين عند تكوين أبسط الملفات، حيث استقر الأمر على تقليص “الشهادات المطلوبة” إلى الحد الأدنى، على اعتبار أن مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية أكدت أن حوالي 35 وثيقة يجري طلبها بشكل غير قانوني.
وللانتقال من المرحلة التقليدية المحطمة لمعنويات الجزائريين، نصبت الحكومة فريقا خاصا سهر على وضع أنظمة إلكترونية حديثة، سمحت بشحن السجل الوطني للحالة المدنية في رابط واحد، وتم إقرار استخراج شهادة الميلاد الأصلية من كافة البلديات على مستوى القطر الوطني. وسبق ذلك اعتماد العمل بجواز السفر البيومتري.
وشهدت السنة الجارية، الإعلان الرسمي من قبل وزارة الداخلية، عن الانتقال من بطاقة التعريف العادية إلى بطاقة التعريف البيومترية. وحظي طلبة شهادة البكالوريا 2016، بامتياز الاستفادة منها قبل باقي فئات المجتمع الأخرى، وذلك بغرض منحهم مرونة أكبر في إجراءات اجتياز الاختبار أو الدخول إلى الجامعة.
وسمح تزويد مختلف الوزارات، خاصة وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية الوطنية برابط السجل الوطني الإلكتروني للحالة المدنية، بشطب شهادات الميلاد من الملفات المطلوبة وهو ما انعكس إيجابا على الإدارات والمواطنين، على حد سواء.
البطاقة البيومترية بدءاً من الفاتح أكتوبر
صحيح أن النظام الإلكتروني المعتمد في إعداد وطبع واستخراج بطاقة التعريف الوطنية البيومترية، بالغ التعقيد ويخضع لإجراءات أمنية صارمة لحماية البيانات الشخصية. غير أن الحصول عليها من قبل الجزائريين سيكون في غاية السهولة، وسيتعاملون مع الإدارات المعنية عبر الأنترنت والهاتف النقال دون عناء التنقل.
وأفرجت وزارة الداخلية، مطلع الأسبوع الحالي، عن انطلاق عملية استخراج هذه البطاقة منذ الرابع من سبتمبر الجاري، على مستوى ولاية الجزائر، على أن تعمم على باقي ولايات الوطن في الفاتح من أكتوبر.
وقالت الوزارة، إن حاملي بطاقة التعريف العادية، التي تنتهي صلاحيتها أواخر السنة، بإمكانهم استصدار بطاقة التعريف الوطنية البيومترية وجواز السفر البيومتري من 48 صفحة.
وأوضحت، أن المرحلة الأولى من العملية تتعلق “بحاملي جواز السفر البيومتري، الذين يمكنهم طلب الحصول على البطاقة من خلال خدمة إلكترونية جديدة على الموقع الإلكتروني للوزارة دون عناء التنقل لمصلحة الجوازات”.
ولإضفاء المرونة اللازمة، سيتم إبلاغ طالبي بطاقة التعريف الوطنية البيومترية عبر رسالة نصية قصيرة بتاريخ ومكان الحصول عليها.
وستفرج مصالح وزارة الداخلية، قبل نهاية 2016، عن النظام الإلكتروني الخاص بالبطاقات الرمادية الاإكترونية ورخصة السياقة بالتنقيط، إلى جانب النموذج الجديد للوحة ترقيم السيارات والتي ستكون بمثابة سجل وطني إلكتروني خاص بالمركبات.
وينص مشروع القانون المتعلق بالحالة المدنية، الذي سيعرض على البرلمان، على إمكانية تقديم طلبات تعويض وإبطال وتصحيح وتعديل وتسجيل عقود الحالة المدنية والأوامر والأحكام القضائية الصادرة حولها عبر إرسالها عبر الطريق الإلكتروني.
قطاع العدالة يحقق وثبة نوعية
لم تقتصر عملية عصرنة الإدارة الجزائرية على قطاع الداخلية والجماعات المحلية، بل شمل قطاع العدالة أيضا حيث تمكنت من استحداث أنظمة إلكترونية في السنوات الأخيرة، أقرّت اعتماد استخراج شهادة الجنسية وشهادة السوابق العدلية إلكترونيا.
وأعلنت، شهر جويلية الماضي، عن تمكين مكتسبي الجنسية الجزائرية من سحب نسخة طبق الأصل من مرسوم التجنس الخاص موقّع إلكترونيا عبر الأنترنت، واعتمدت في وقت سابق نظام المحاكمة عن بعد عبر تقنية السكايب.