دعا الاتحاد الإفريقي إلى الاقتداء بتجربة الجزائر في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف واستخلاص دروس عميقة للوقاية من الظاهرة المدمرة. وأكدت الولايات المتحدة الأمريكية على حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان لتحقيق أمن البلدان من الجماعات الإرهابية.
سجلت الجزائر، أمس، الموعد الدولي الثالث في ظرف سنة تقريبا، حول التصدي للظاهرة الإرهابية. فبعد مؤتمري جويلية 2015 وأفريل 2016، اللذين عالجا إشكالية التطرف وعلاقات شبكات التواصل الاجتماعي بالإرهاب، نظمت هذه المرة ورشة سلطت الضوء على “دور الديمقراطية في الوقاية ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب”، بقصر الأمم بالعاصمة.
نشط أشغال الورشة، رسميون وخبراء أمنيون من الدول الكبرى الفاعلة على مستوى مجلس الأمن الدولي، كالولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، ايطاليا واليابان، وكذا الدول العربية والإفريقية، بحثوا خلال يومين كاملين السبل الكفيلة بوضع خطط ملائمة للتصدي للأعمال الإرهابية والخطابات المحرّضة على العنف والتطرف.
وأكد رئيس وفد الاتحاد الإفريقي إيساكا غاربا عبدو، في كلمة الافتتاح، أهمية وضع التجارب المختلفة على طاولة واحدة أمام المشاركين للخروج بخلاصات مشتركة، وقال: “إن الجزائر أعطتنا الفرصة السانحة لتبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف”.
وأوضح أن أهمية الورشة تكمن في الخروج بتوجيهات مفيدة للعمل الدولي المشترك للوقاية من الخطر الإرهابي، الذي انتشر بشكل مقلق على مساحات شاسعة من الخارطة العالمية.
وفي السياق، أكد المتحدث دعم الاتحاد الإفريقي للورشة التي تجسد، بحسبه، “التزام الجزائر الدائم بمكافحة الإرهاب وتقاسم خبراتها مع الآخرين”. وقال، “إنها الشريك الذي لابد منه والمثال الذي يحتذى به في هذا الميدان”. مضيفا، أن التجربة الجزائرية مع الإرهاب، طيلة عشرية كاملة، تمثل مدرسة يجب الاقتداء بها على الصعيد العالمي.
مساعد كاتب الدولة الأمريكي: الجزائر سبقتنا في الحرب على الإرهاب
أفاد مساعد كاتب الدولة الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان والشغل، توم مالينوفسكي، بأن الجزائر اختبرت وحشية الإرهاب قبل تفطن المجموعة الدولية لهذا الخطر الداهم. واعتبر أن تجربتها تمنحها أفضلية في تقديم الدروس والإفادة بالخبرات اللازمة لمكافحة الظاهرة بكافة أبعادها.
وقال مالينوفسكي، الذي كان الضيف الرسمي الثاني خلال الورشة الدولية، إن “الولايات المتحدة الأمريكية واجهت تحدّي الإرهاب داخليا وخارجيا والجزائر واجهته قبلنا واستفدنا منها ونتطلع للاستماع أكثر لها ولتجربتها”.
وأوضح، أن بلاده ترى في الإرهاب والتطرف العنيف قضية يشاطرها فيها الجميع، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية باتت على قدر عال من الخطورة، الأمر الذي صعب مهمة وضع استراتيجية ناجعة لمكافحتها.
وأكد المتحدث، أن تنظيم داعش الإرهابي، على سبيل المثال، ابتكر طرقا جديدة في ممارسة العنف والتقتيل، مفيدا بأنه لم يعد يستخدم الطرق التقليدية المتعارف عليها، معتمدا في ذلك على شبكات واسعة وكبيرة تقوم بالتخريب والاغتيالات الجماعية وتنتشر في كل الدول والمناطق تقريبا.
وقال توم مالينوفكسي، إن تنظيم داعش الإرهابي بات مرادفا للقتل والدموية عالميا، مما يفرض، بحسبه، عملا مشتركا من قبل المجموعة الدولية لحماية المواطنين والقيم الإنسانية، ودعا في ذات الوقت إلى اتخاذ تدابير استباقية للوقاية من أساليبه في التجنيد وإثارة الفوضى.
وأوضح، أن مراحل التطرف العنيف تبدأ باستغلال التنظيمات الإرهابية للطبقات الهشة في المجتمعات، من خلال التأثير عليها بالأموال وتجنيدها عقائديا. وأكد أن التصدي لذلك يحتاج لاستراتيجيات شاملة، لا تخضع للمعيار الأمني فحسب، إنما تراعي الأبعاد السياسية والاقتصادية.
وفي السياق، اعتبر المتحدث أن الولايات المتحدة خرجت من تجربتها الطويلة مع الإرهاب بمجموعة من الدروس، أهمها ضرورة حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان، باعتبارهما وسيلة ناجعة لحفظ الأمن الوطني لكل دولة.
ورأى ممثل الإدارة الأمريكية، في تكريس الثقة بين الحكومة والمواطن، عصب الديمقراطية الحقيقية، وقال إن “عدم التسامح مع الفساد وتفادي التعذيب وإحداث التغيير بالطرق الديمقراطية والسلمية، تعزز ثقة المواطنين في حكومتهم وتبعدهم عن التحريض والتأثير الذي يمارس عليهم من قبل الجماعات الإرهابية”.
ودعا مالينوفكسي إلى إعطاء حرية أكبر لممثلي المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية التي تعمل لمصلحة المجتمع. كما أكد أهمية التكفل بانشغالات الشباب لمواجهة التطرف العنيف وإحداث التوازن بين الديمقراطية وحقوق الإنسان ومتطلبات المواطنين.
حمزة محصول