«بإمكان الجزائر تحقيق أولويات التنمية وإنجاز ما يطمح إليه شعبها، على الرغم من السياق الاقتصادي العالمي المتأزم واستمرار الاضطرابات الهيكلية للسوق العالمية للمحروقات”، هذا ما أبرزه رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة، خلال افتتاحه، أمس، الدورة العادية للبرلمان 2016 - 2017، التي يتم خلالها عرض 8 مشاريع قوانين للنقاش والمصادقة، بالإضافة إلى مشروع قانون المالية 2017.
قال ولد خليفة، إن هذه الدورة تعد الأولى في تاريخ البرلمان الجزائري وستتواصل بدون انقطاع لمدة لا تقل عن 10 أشهر، من أجل المساهمة في تكريس الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية، لافتا إلى أن الجزائر تعرف حركة نهضوية منذ 15 سنة، ساهمت في ترقية المواطنة والتمكين للحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وأضاف، أن الجزائر تزخر بإمكانات ضخمة من مصادر الثروة، وهي اآن في حالة تفعيل للتقليل من أثار الأزمة التي تعاني منها غالبية اقتصاديات العالم المتقدم والأقل نموا، مؤكدا أن التحديات التي تفرضها الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تتطلب من الشركاء في مؤسسات الدولة وفعاليات المجتمع، المزيد من التعاون لتجاوز المصاعب التي تواجهها الجزائر في المرحلة الراهنة.
ما حققته الجزائر جعلها تحظى باهتمام خاص من طرف المختصين والمراقبين الدوليين. وبشهادة منهم اعتبروها “استثناء عربيا وإفريقيا، فيما يتعلق بالاستقرار والتنمية وبناء الديمقراطية”، وهو ما يمكن تأكيده - كما قال – بموضوعية عند النظر لما يحدث من اضطرابات “في جوارنا الجيوسياسي”، من تفاقم عمليات التفكيك والإضعاف من الداخل، وانهيار الدولة الوطنية.
ونوّه في هذا الصدد، بالمجهودات التي بذلتها الجزائر لمساعدة الدولتين الجارتين ليبيا ومالي، لتحقيق الاستقرار والوحدة والمصالحة الوطنية، دون تدخل أو وصاية، مع الحرص على توثيق علاقات التضامن والتعاون مع دول الساحل وكل البلدان الإفريقية، “باعتبارها العمق التاريخي والاستراتيجي لبلادنا”. مجددا في هذا الإطار، الدعم الدائم للقضية الفلسطينية وحقها المشروع في دولة مستقلة، عاصمتها القدس، وكذا الوقوف إلى جانب الشعب الصحراوي في قضيته، المتعلقة بحقه في تقرير المصير.
و ذكر في هذا الإطار، بأن نجاح السلم والمصالحة الوطنية، الذي تحل بعد أيام ذكراها 11، ساهم في خلق الشروط الموضوعية لشروع رئيس الجمهورية في إصلاحات عميقة كرّست الخيار الديمقراطي التشاركي، والحوار المنفتح على الجميع. كما وسّعت من مجالات المشاركة “المواطنية” في الحياة السياسية والمدنية والإعلامية والفكرية.
ويعزز هذه السياسة، كما أضاف، الأداء الديمقراطي للمؤسسات، بفعل التعديلات الدستورية الأخيرة، التي تجعل من البرلمان الحاضنة الفعلية للمواطنة الفاعلة، من خلال توسيع مجالات عمله التشريعي والرقابي، مع الحرص على جعله “صرحا لديمقراطية وطنية تعددية، بناءة تساهم في تحقيق أولويات الوطن ومصالحه العليا”.
كما أشاد بالمجهودات التي يقوم بها الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، الذي يقف سدّا منيعا أمام المخاطر والتهديدات المحيطة بالجزائر، كما يبرهن عن ذلك حصيلة العمليات الاستباقية والوقائية، التي تستأصل الإرهاب و«إيديولوجيته المسيئة لديننا الإسلامي الحنيف”.
وبحسب ما ذكر ولد خليفة، فإن هذه الدورة، ينتظر أن تشهد نشاطا برلمانيا مكثفا، نظرا لما أتت به التعديلات الدستورية الجديدة من قواعد، تستدعي التكييف القانوني، بالإضافة للقوانين الأخرى المرتبطة، بمختلف القطاعات الحكومية.
ومن بين القوانين المبرمجة في أجندة الدورة، مشروع القانون الذي يحدد قائمة المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية، التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها، وهي مسألة لطالما شكلت جدلا في الأوساط السياسية ومطلبا ملحّا من قبل عديد الاحزاب السياسية. بالإضافة إلى مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 83-12 المؤرخ في 2 جويلية 1983 المتعلق بالتقاعد، وهو الآخر يشكل حاليا انشغالا كبيرا من طرف الموظفين والعاملين، خاصة ما تعلق بالتقاعد النسبي أو المسبق، وكذا مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 01-14 المؤرخ في 19 أوت 2001 والمتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق وسلامتها وأمنها، وذلك بالنظر إلى ارتفاع حوادث المرور، الذي جعل الجزائر تتواجد في المراتب الأولى من حيث عدد هذه الأخيرة.
كما سيتم تعديل القانون العضوي المحدد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعلاقتهما بالحكومة. كما يشكل تعديل القانون الداخلي للغرفة السفلى للبرلمان أولوية، بحسب ولد خليفة، من أجل الرفع من “أدائنا، خدمة للهيئة التشريعية ووفاء بالتزاماتنا المواطنية”.
يذكر، أنه تم عقب جلسة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، تكريم رئيس الجمهورية من قبل ولد خليفة، في سابقة الأولى من نوعها منذ توليه هذا المنصب، بعد تشريعيات 2012، وهو ما أثار تساؤلا لدى بعض النواب من المعارضة.