رغم الهدوء الحذر، فإن فتيل الغضب الذي اشتعل في الغابون عقب الإعلان عن فوز علي بونغو في الإنتخابات الرئاسية بفارق ضئيل من الأصوات عن منافسه جان بينغ، لم ينطفئ بعد، ما ينذر بتصعيد خطير قد تشهده هذه الدولة الإفريقية إذا لم يغلّب المحتجون لغة العقل والحكمة ليتم ضبط النفس والبحث عن مخارج سلمية للأزمة الانتخابية التي تطل برأسها كالأعفى على الغابونيين.
تعيش ليبرفيل عاصمة الغابون هدوءا حذرا، بعد أن انتهت المواجهات بين متظاهرين غاضبين من إعلان هزيمة المعارض جان بينغ في الانتخابات الرئاسية.
وقد قتل شخصان على الأقل بحسب المعارضة وأصيب آخرون بجروح في أعمال العنف التي هزت الغبون غداة إعلان نتائج الرئاسيات
وتتويجها فوز الرئيس المنتهية ولايته علي بونغو.
وكان وسط ليبرفيل مقفرا في الصباح وتطوقه الشرطة ومدرعات الدرك، وتحدثت تقارير عن أعمال نهب لم تتخللها أعمال عنف في الضواحي، وقطعت الاتصالات الهاتفية وخدمة الإنترنت.
وكانت جادة تريومفال، الشارع الكبير الذي يشق وسط العاصمة الغابونية، ما زالت تحمل آثار العنف فتنتشر فيها السواتر التي يتصاعد منها الدخان والسيارات المتفحمة، فيما بدت على المباني آثار الهجمات.
قلق ودعوات للتعقّل
أعربت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، عن “قلقها العميق” لأعمال العنف. وقال وزير الخارجية جان مارك ايرولت إن “الأحداث التي حصلت في ليبرفيل تثير لدي قلقا كبيرا. وفي إطار عملية انتخابية، لا مكان للعنف أبدا”. ودعا “جميع الأطراف إلى أقصى درجات ضبط النفس لمنع سقوط ضحايا جدد”.
وأضاف وزير الخارجية الفرنسي إن “الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية يجب أن يحصل بالطرق القانونية، في إطار عملية شفافة وحيادية. فبهذه الطريقة يمكن تأكيد نزاهة العملية الانتخابية بشكل لا يقبل الطعن”.
ووصفت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فديريكا موغيريني الوضع في الغابون بأنه “أزمة عميقة” ودعت مختلف الأطراف إلى “الهدوء”.
واعتبرت أنه لا يمكن إعادة الثقة في نتائج الانتخابات الرئاسية التي أعقب إعلانها اندلاع أعمال عنف، “وأغرق البلاد في أزمة عميقة”، “لا يمكن أن يحصل إلا بالتثبت الشفاف مكتبا بمكتب” في نتائج الانتخابات.
وعلى غرار المعارضة، طلب الاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة، نشر نتائج جميع مراكز الاقتراع في الغابون (حوالى 2500).
في غضون ذلك دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومنظمة العفو الدولية قوات الأمن الغابونية لضبط النفس، كما دعت الولايات المتحدة إلى الهدوء.
من جهتها دعت وزارة الخارجية الفرنسية مواطنيها إلى تأجيل السفر إلى الغابون، مطالبة جاليتها الموجودة هناك بملازمة منازلها، كذلك أعرب الاتحاد الأفريقي عن قلقه إزاء أعمال العنف التي وقعت في الغابون.
وكانت اللجنة الانتخابية قد أعلنت الاربعاء إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته على بونغو لفترة ثانية من سبع سنوات بحصوله على 49.80% من الأصوات مقابل 48.23% لمنافسه بينغ.
وتمنح نتيجة الانتخابات أسرة بونغو سبع سنوات أخرى في السلطة الممسكة بزمامها منذ نصف قرن في بلد يمثل النفط نحو 60% من ناتجه المحلي الإجمالي ويقطنه 1.8 مليون نسمة. وانتخب بونغو للمرة الأولى عام 2009 بعد وفاة والده عمر بونغو الذي حكم البلاد لمدة 42 عاما.