طباعة هذه الصفحة

قـــــراءة نقديــة في نــص “يا فاتنـــاً نــــذرتُ لــــه الضلــوع” للشّاعـرة د. سجـال الركابـي

بقلم: الدكتورة خيرة مباركي

«صلوات وتهجد لفاتن معبود”..ذلك هو نصها وتراتيلها تناجي في محرابها مبحوحة البوح..إنّه المعشوق المنبلج من الخلود المعانق لسموق النخل..خطاب أنشأته شاعرتنا من ركام وجد يتفتّق من أعماقها أبجديّة..لعلّه الغزل في صومعة المتعبّد. يبلغ فيه البوح منتهاه في بذخ محاصر بمشاعر الفقد والشوق والحنين، فيعلو الشجن وتتعالى تراتيل الصلاة، في نسق انفعالي ينشئه الأسلوب الإنشائي عبر جملة من الأعمال اللغويّة مثل النداء والاستفهام والأمر، تخرج عن وظائفها الأصليّة لتؤدّي وظيفة فنّية هي التعبير عن المشاعر الباهظة التي ترزح تحت وطأتها المتكلّمة فتحتد وتيرة المناجاة وتكون هذه الأعمال مفتاحا من مفاتيح الدنيا المحجبة تجعلنا أمام حركة خفية فيها إعلان عن معاناة وجدانيّة، ولكنّه في الواقع ينبئ بتحول من الشقاء الروحي إلى النشوة الصوفية..إنّها الحالمة بين العواصف، هنا نقف إزاء جمالية الكلام لحظة نشوة خطاب مشتعلة تنبئ بشاعريّة خصبة ومشاعر متأججة تتفتق أبجديّة تتأهل بالقوة والاعتداد تارة وباللين والتبتل طورا، بذلك فهذه العوالم التي تنشئها الشاعرة من أعماقها نغما وصلاة وتهجدا، هي بوابة عبور لاختراق آفاق الوهم والتخييل لأن هذا الفاتن قد يتجاوز الكائن المتجسد في المكان إلى صورة رامزة قد تمثل النموج المنشود في واقع دميم خرّ مغشيا عليه من أثر السقوط فتعيض على مرارته بالتبتل والدعاء. وقد يمثل صورة للوطن الجريح تناجي فيه رفعته وانبلاج خلوده من سموق نخله، بهذا فقيمة الخطاب في هذا النسيج من قدرة الشاعرة على رصد انفعالاتها عبر العمل اللغوي، الذي يتشكل في أذهاننا كونا شعريّا مميزا.