45 ألف دينار لشقة من 3 غرف بأحياء شعبية ومضاربة مفتوحة
ارتفعت أسعار إيجار الشقق هذه الأيام بصورة مفاجئة بالعاصمة، مسجلة زيادة جنونية يطلبها أصحاب السكنات، في تحالف مع أصحاب الوكالات العقارية، الذين باتوا يتحكمون في سوق الإيجار، ضاربين تعليمات وزارة السكن عرض الحائط. ويتحالف أصحاب الوكالات العقارية مع موكليهم لرفع الأسعار بشكل مفاجئ، تجاوز في كثير من الأحيان 45 ألف دينار في بعض الأحياء الشعبية، التي لم يكن يتجاوز سعرها سابقا 30 ألف دينار، ناهيك عن الأحياء الراقية بوسط العاصمة.
استغرب عدد من زبائن الوكالات العقارية على مستوى العاصمة، طلب هذه الأخيرة زيادات خيالية في أسعار الإيجار، مهددين بفسخ العقد في حال الامتناع عن دفع مبالغ إضافية، ما يشير إلى «تغوّل» أصحاب الوكالات وفرض منطقهم، في ظل غياب المراقبة الدورية للجهات الوصية، حيث عبّر بعض المواطنين، ممن التقتهم «الشعب» في جولة استطلاعية، عن تذمرهم من هذا السلوك غير المنطقي.
وفي الوقت الذي يسعى فيه الموظف البسيط والعامل بحثا عن سبل الاستقرار، يفاجأ الكثيرون بطلبات الوكالات العقارية بشكل مفاجئ للمؤجّر تحت شعار «إدفع أو اخرج»، خياران لا ثالث لهما أمام المؤجر، الذي لا يجد حلا سوى إضافة المبلغ المطلوب أو البحث عن السكن المفقود وهو ما يؤرق فئة كبيرة من المواطنين أضحت تمس حتى ميسوري الحال.
عينة معتبرة من المستأجرين التقيناهم وهم في حيرة من أمرهم، لا يجدون وسيلة لتفادي الوقوع في فخ أصحاب الوكالات أو المؤجرين، سوى البحث عن مسكن آخر بسعر أقل حتى ولو على حساب المسافة بين الإقامة ووسط العاصمة، وهو حال المواطن مهدي. م.
تأسف المتحدث لهذا السلوك غير المبرر، لاسيما وأنه يأتي مفاجئا، حيث قال لنا إنه حديث الزواج ولم يمض على إيجاره ببلدية برج الكيفان، شرق العاصمة، سوى بضعة أشهر، حتى طلبت منه صاحبة المسكن زيادة مبلغ الإيجار إلى 25 ألف دينار، في حين اتفقت معها في بداية الأمر على سعر 18 ألف دينار، الأمر الذي جعله يخلي المسكن ويتجه نحو مسكن آخر.
وببلدية باش جراح، ارتفعت أسعار كراء السكنات بصورة مفاجئة في ظرف قياسي وبشكل غير مسبوق، مسجلة بذلك أرقاما خيالية، حيث قام أصحاب الوكالات العقارية بفرض منطقهم القاضي برفع تسعيرة الكراء، حيث وصل ثمن شقة مكونة من 03 غرف إلى 45 ألف دج، ضاربة بذلك تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال عرض الحائط.
ارتفاع قياسي في سعر الكراء مقارنة بالسنوات الماضية، حيث تراوحت الشقق المكونة من ثلاث غرف 45 ألف دج، بينما يبلغ إيجار شقة من غرفة واحدة أكثر من 15 ألف دينار ويصل في بعض الأحياء الراقية إلى 25 ألف، في حين يبلغ إيجار شقة من غرفتين ما بين 30 إلى 50 ألفا شهريا، وإيجار شقة من أربع غرف أكثر من 60 ألف دينار شهريا، مما أثر سلبا على المستوى المعيشي للفرد القاطن بالمنطقة وعمق أزمة السكن التي يعاني منها منذ سنوات.
وما يزيد متاعب زبائن الوكالات العقارية، إلزامهم بدفع أقساط الإيجار المحددة في العقد لكل سنة مسبقا ودفعة واحدة، الأمر الذي يعجز عنه الكثيرون، حتى أولئك الذين يشغلون مناصب محترمة، ويدفع بعضهم إلى الإقامة عند أقربائهم أو السكن في البيوت القصديرية المنتشرة في هذه الأحياء، في حين يلجأ بعض آخر إلى استئجار غرف تفتقد لأبسط الشروط الصحية.
من جانبها كشفت لنا سيدة في عقدها الرابع عن خروقات كبيرة بات يتعمّدها أصحاب الوكالات مع موكليهم من مؤجري السكنات، حيث روت لنا قصة عن رحلة بحثها عن مسكن بسعر بسيط في ضواحي العاصمة، تقول وهي متأسفة على تردي الوضع إلى هذا الحال وبسط هذا المنطق دون حسيب أو رقيب. وذكرت، صاحب منزل عرض عليها كوخا لا يصلح حتى للمبيت بسعر تجاوز 25 ألف دينار، بعدما علم أنها موظفة قادمة من ولاية مجاورة ومجبرة على الكراء.
وعزا كثيرون ارتفاع أسعار الإيجار إلى خروقات في توزيع السكن، اعتبروها سببا مباشرا في ارتفاع الأسعار، في ظل عدم وجود لجنة تحقيق لوضع حد لهذه التجاوزات الخطيرة من طرف هذه الوكالات العقارية التي لا تعير اهتماما لأي طرف سوى الجري وراء المصلحة وتحصيل المال.
تضاف إلى جملة معاناة الباحثين عن مسكن للإيجار، الشروط التعجيزية التي يمليها أصحاب السكنات، في مقدمتها أن تكون متزوجا وهو الشرط الصعب الذي يقابل الراغبين في الكراء، حيث يتساءل الكثيرون عن هذا الشرط التعجيزي وغير المنطقي. في مقابل هذا، يتحجج ملاك السكنات بوقوع مشاكل بالنسبة للمستأجرين العزاب، لكنها تبقى في رأي المستأجرين حججا واهية لا غير.