طباعة هذه الصفحة

محملـة بالحـب والخيانـة

كريمة عيطـوش تفــسر الحيـاة في قصص «الوجه الثـالث للمـوناليزا»

تقدم الكاتبة كريمة عيطوش مجموعتها القصصية الأولى «الوجه الثالث للموناليزا» محملة بالحب، الحياة، الموت والخيانة عبر 176 صفحة من القطع المتوسط.
كأنها تريد أن تلخص موقفها من الحياة كلها، أو تشرحها تتبّع عيطوش خطى شخوص قصصها، والصوت الغالب للإناث إما محكيات أو حاكيات ما جعلها مجموعة أنثوية بامتياز.
«الدقيقة الأولى بعد الموت» هو عنوان القصة المفتتح، وهو يحيل على معنى، هذه القصة تثمن الحياة عبر بطلتها نورة التي تقبع بمستشفى منتظرة المرور إلى مصيرها وفي سرها تريد الحياة.
وتبدو لغة قصة «الوجه الثالث للموناليزا» - القصة العنوان للمجموعة - أعلى من لغة بعض القصص، والسبب يبدو معقولا، إذا عرفنا أن الكاتبة قد اشتغلت على المجموعة في أوقات متقطعة، فبعضها يعود إلى سنوات سابقة، كما أشير في ختامها.
وتضع كريمة عيطوش القارئ بين عالمين، أحدهما صامت والآخر قلق في قصة «صوت الصمت»، التي تتحدث فيها حمامة وتتداخل فيها العوالم في دواخل البطلة الراوية التي تحمل عالمها داخلها.
وفي قصة «خدعة الأزهار»، تتبع الكاتبة مسار الحب، حيث تبدأ الحكاية في مكتبة وتعود إليها بعد رحلة معرفية بين العاشقين اللذين يتكتمان عن حبهما، بينما يدركه القارئ بسهولة.
أما في نص «الكفن الأزرق» وهو الأطول نسبيا، فقد شرحت الكاتبة مأساة الشباب الذين هاجروا (حرقة) وقضوا في البحر، ورغم أن منسوب المأساة كان عاليا، إلا أن رصد التفاصيل قلص من وقعها.
وتبلغ القسوة ذروتها في قصة «صانع الفراغ»، أين يصبح الانتقام الذي يلي الخضوع شيطانيا، فالزوجة الخاضعة تهدي زوجها عذابات مجتمعة في جرعة واحدة، لتصبح صانعة خراب إلى جانبه.
وفي قصتي «رسالة على شاهد» و»رحل ولم يقل شيئا»، تقترب القاصة أكثر من أجواء الراحلين، فتقدم صورة الفقيد الحبيب والأم وترسم تفاصيل ما بعد الرحيل لدى المحبين مراهنة عليها دون الحزن.
أغلب القصص تصدرت بعتبات لكتاب وشعراء كبار، ما يبدو بمثابة دعم لرؤاها أو استئناس برؤى هؤلاء الكتاب، وهو ما يسمح للقارئ أن يتلمس نوع القراءات المختلفة للكاتبة.
وتشترك بعض قصص المجموعة، الصادرة مؤخرا عن منشورات ميم، في الاحتمالات التي تصدم أفق المتلقي في كل مرة، وقد تقصدت الكاتبة أن تضع مسارات القصص في وجهات مختلفة لتوقع القارئ.
وفي كل قصة من قصص المجموعة الثماني، هناك مساحة كبيرة للوصف الذي يكاد يقترب من الروبورتاج الصحفي أحيانا، إذ ترصد القاصة زوايا وحركات الشوارع والمقاهي والسكان وتصفها بإسهاب.
حاولت القاصة أن تكون مختلفة في باكورتها القصصية، لكن النفس السردي كان كثيفا فجاءت نصوصها كبيرة مقارنة بالقصة العربية المعتادة، وهو ما يدلل على أفق سردي قادم للكاتبة.
كريمة عيطوش، قاصة تعمل أستاذة اللغة العربية، لم يسبق لها النشر، رغم أنها تكتب منذ سنوات القصة القصيرة.