مرّ عليها العديد من الأقوام لكنها ظلت منارة سياحية بامتياز
شهدت المدينة الأثرية بتيبازة إقبالا كبيرا من طرف الزوار لا سيما منهم أبناء الجالية الجزائرية المقيمين بالخارج الذين انبهروا بجمال وسحر هذا المعلم السياحي التاريخي،حيث وجد الباحثون عن الراحة والاستجمام مبتغاهم من خلال استمتاعهم بالمناظر الخلابة وسط الغابات والمياه الزرقاء.
وما زاد من ارتياح الزوار توفر الأمن في مختلف مناطق هذه المدينة التاريخية، حيث نجد أعوان الأمن وكذا الدرك الوطني ينتشرون في كل مكان بهدف حماية العائلات من محاولات الاعتداء، التي أصبحت إحدى الظواهر الأكثر شيوعا والتي تحول دون الاستمتاع بهكذا مناطق أثرية ساحرة تتوفر عليها الجزائر ما أثر على التعريف بهذه الوجهة السياحية من خلال تشجيع السياحة الداخلية.
من جهته، أكد لنا أحد أعوان الأمن الذي وجدناه رفقة مجموعة من العائلات انه لم يتحصل بعد على ايجازته وانه مستعد للعمل إلى غاية نهاية الشهر من أجل حماية جميع الزوار الذين يأتون إلى المدينة التاريخية لقضاء وقت ممتع موضحا أن مجهودات كبيرة تبذل من قبل جميع أعوان الأمن للسهر على ضمان الراحة والأمان لفائدة العائلات الذين يفضلون رؤية الطبيعة في أبهى صورها ليقضوا فترة نقاهة تنسيهم عبء الحياة وضجيج المدن.
ولم يبخل المرشدين السياحيين الذين وجدناهم يتجولون داخل هذا المنتج السياحي بتزويد الزوار بأهم المعلومات المتعلقة بتاريخ هذه المدينة العريقة التي عرفت الحياة منذ العصر الحجري مع قدوم الفينيقيين الذين بنوها وغرسوا فيها أشجار الزيتون وفي الطريق المؤدي إلى البحر والذي يختاره الشباب للاستجمام تجد طريقا رصت على جانبه أعمدة من الحجارة تحاكي التاريخ وفي وسطها مجموعة من الطرق الفرعية التي تؤدي إلى مختلف الأمكنة التي كانت تصنع الحياة في تلك الفترة.
وفي ذات السياق، أوضح المرشد السياحي كريم الذي رافقنا خلال الجولة السياحية أن تيبازة بالفينيقية تعني الممر لأنها كانت معبرا وممرا للناس بين مدينتي الجزائر العاصمة وشرشال، ثم أصبحت تعرف بقرطاجية قبل أن تكتشف بتيبازا مستعمرة فينيقية تعود للقرن الـ 5 ق.م مضيفا أنه بعد قدوم الرومان تحولت إلى مستعمرة تتبع لاتيوم، ثم تحوّلت إلى مستعمرة تتبع روما في عهد الإمبراطور كلاوديوس 41 - 54 م.
وقال المرشد السياحي أن المدينة الرومانية تيبازة بنيت فوق ثلاثة تلال صغيرة متقابلة مطلة على البحر، حيث كانت البيوت السكنية في التلة الوسطى ولكن لم تبق لها آثار في حين لا تزال بعض الآثار باقية لثلاث كنائس كالبازيليكا الكبرى وبازيليكا إسكندر في التلة الغربية وبازيليكا القديسة سالسا في التلة الشرقية، حيث حاول المرشد أن يأخذنا في رحلة عبر الزمن وينقل لنا حياة الرومانيين في هذه المدينة من خلال رؤيتنا لبقايا الآثار والحكايات المثيرة للحضارة الرومانية القديمة التي مرت عليها.
وما لفت انتباهنا خلال اطلاعنا على أثار المدنية المتبقية الأسوار العالية والمعابد والحمامات والبوابات الرئيسية على الجانب الشرقي والغربي والمدرج المبني بطريقة رائعة زيادة على شساعة مساحتها التي تقدر بـ 60 هكتار وإطلالها على البحر، وهو ما جعلها القبلة الأولى السياح كون الزوار يستمتعون بروعة المناخ المعتدل للبحر الأبيض المتوسط وجمال الطبيعة الخضراء التي تزين حافة البحر.
وأضاف المرشد أن المدينة الرومانية لها مكانة تجارية وكانت محاطة بسور عظيم و37 مركز مراقبة استعملها الرومان لحراسة المدينة التي كان جمالها وموقعها الجغرافي المتميز محل أطماع الكثيرين ونحتت الرياح البنايات لتحولها إلى تحف فنية تحتفظ المدينة بأطلال الماضي من القصور والمسرح والتماثيل والآثار وغيرها والتي تستقطب كاميرات كم هائل من السياح لتروي لهم روعة الحياة اليومية في عهد الاحتلال الروماني للمنطقة، مشيرا إلى أن الاستعمار الفرنسي منذ احتلاله للمدينة استولى على مختلف الثروات التي بقيت من ذهب وأموال.
من جهة أخرى عبر السياح القادمين من أوروبا عن إعجابهم الكبير بسحر وجمال المدينة الرومانية تيبازة لاسيما وأنها تجمع بين الآثار التاريخية القديمة للعصور الرومانية وشاطىء البحر الذي زادها جمالا ورونقا داعيين العائلات الجزائرية إلى عدم تفويت فرصة زيارة هذه المدينة التي تشعر كل من يزرها بالراحة والاستجمام.
ولا يمكن للزوار أن يغادروا المدينة التاريخية دون شراء بعض الهدايا التذكارية التي يوفرها مجموعة من الشباب الذين اصطفوا بطاولاتهم على جنبات الطريق عارضين عليها تحف مختلفة الأحجام والأشكال وكذا مجموعة التذكارية لمختلف المناطق الطبيعية للجزائر كتيبازة والصحراء الجزائرية، بالإضافة إلى عرض تحف طينية تقليدية على غرار الدربوكة والشحيحة والطاجين، إلى جانب اكسيسورات وقبعات مختلفة ولوحات صحراوية قبائلية.