طباعة هذه الصفحة

غياب المسابح وانعدام التّوعية بخطر المسطّحات المائية ببلعباس

أطفال يغامـرون بحياتهم بحثـا عن استجمــــام ممزوج برائحة المـوت

سيدي بلعباس: غ ــ شعدو

مع دخول فصل الصيف وتزايد درجات الحرارة بسيدي بلعباس، يتّجه أطفال وشباب العائلات الفقيرة والمحدودة الدخل إلى البحث عن طرق بديلة للترفيه والإنتعاش أين يتخذون من البرك والمسطحات المائية والأحواض القريبة من مقرات سكنهم ملاذا لهم من الحرارة المرتفعة، مخاطرين بحياتهم وبصحتهم في سبيل نيل ساعات من الإستجمام الممزوج برائحة الموت. “الشعب” ترصد هذه الوضعية في هذا الاستطلاع.
 تشهد سيدي بلعباس تفاقما مستمرا للظاهرة،حيث يلجأ الكثير من الأطفال والشباب المغامرين إلى البحث عن الإنتعاش بالسباحة داخل المسطحات المائية بمختلف أنواعها في ظل النقص الكبير الذي تشهده الولاية في المرافق الترفيهية بإستثناء العدد القليل من المسابح المتواجدة بعاصمة الولاية، والتي تبقى بعيدة المنال نظرا لأثمانها التي تفوق قدرتهم المالية، وهو ما يدفعهم للبحث عن البدائل دون مراعاة خطرها على الصحة وعلى الحياة عموما.
وأرجع سكان الولاية سبب انتشار الظاهرة إلى نقص اهتمام الجهات الوصية في توفير أماكن مخصصة للإستجمام وتعميمها على كافة بلديات الولاية، بدليل العدد الضئيل جدا للمسابح المستغلة حيث تتوفر عاصمة الولاية مثلا على مسبحين فقط على الرغم من كثافتها السكانية التي تفوق 600 ألف نسمة. الأول بالمركب الرياضي 24 فيفري، والذي تم افتتاحه شهر جوان الماضي بعد إخضاعه لعملية تهيئة واسعة تطلبت سنوات من الغلق، والثاني بمسرح الهواء الطلق الصايم لخضر.
أما بالبلديات الجنوبية والمناطق النائية فتبقى المسابح من المطالب التي طال انتظارها بالنسبة للشباب، فعلى الرغم من تشييد البعض منها خلال سنوات مضت إلا أن الإهمال نال منها قبل أن تدخل الخدمة، وهو حال المسبح المتواجد ببلدية بلعربي على سبيل المثال.
ويعد نقص حملات التحسيس والتوعية بمخاطر هذه الظاهرة سببا آخر في إستفحالها، لما له من أهمية في تنوير الشباب والأطفال بخطر السباحة داخلها، وما ينجر عنه من كوارث صحية قد تصل حد الوفاة.
تجدر الإشارة أيضا، إلى ضرورة تحسيس الفلاحين بمخاطر الآبار المكشوفة وإلزامية تغطيتها، وبناء الحواجز بالأحواض المائية لمنع الأطفال التوجه نحوها والسباحة داخلها، مع توفير رقابة مستمرة بالسدود والبحيرات التي تجذب السياح إليها كسد “صارنو” وبحيرة “سيدي محمد بن علي”.
المسطّحات المائية تبتلع خمسة أطفال وستة بالغين
تشير آخر الإحصائيات المستقاة من جهات مختلفة، إلى وفاة 5 أطفال غرقا بالمسطحات المائية بسيدي بلعباس منذ بداية السنة وحتى نهاية شهر جويلية، آخر هذه الحوادث انتشال جثة مراهق يبلغ من العمر 15 سنة يدعى “ف ـ أ«، لقي حتفه غرقا بسد “صارنو” بقرية الدلاهيم يوم 30 من شهر جويلية المنصرم.
 وشهد شهر ماي حادثتي غرق متتاليين، الأولى وقعت يوم 20 ماي بعد تدخل فرقة الغطاسين لمديرية الحماية المدنية من أجل انتشال جثة المدعو “ب ـ ع« 12 سنة، والذي غرق بوادي “مكرة” بمنطقة كائنة بين بلدية “بوخانفيس” وبلدية “سيدي خالد”، والثانية كانت يوم 21 ماي إثر انتشال جثة غريق من حوض مائي بالمكان المسمى مزرعة “زعدلو عبد النبي” بحي بلحسن ببلدية لمطار تعود لمراهق يدعى “ف ـ ص«، يبلغ من العمر 16سنة.
كما سجّل في شهر أفريل وفاة شقيقين تتراوح أعمارهما بين 16 و11 سنة، لقيا حتفهما غرقا بأحد الآبار المتواجدة بمزرعة سي صالح الواقعة بالطريق المؤدي نحو بلدية عين ثريد، كما سجلت أيضا وفاة طفل يبلغ من العمر 14 سنة غرقا داخل مسبح بأحد الفنادق الخاصة بسبب انعدام الحراسة.
وتمكّنت مصالح الحماية المدنية من إنقاذ طفلين آخرين كانا يسبحان بمسطحات مائية ببلدية سيدي بلعباس وزروالة، وتضيف ذات الإحصائيات وفاة 6 أشخاص بالغين خلال نفس الفترة بعد تعرضهم للغرق داخل مسطحات مائية منتشرة عبر الولاية.
السّباحة في نافورات موصولة بالكهرباء
تحوّلت النّافورات المائية بعاصمة الولاية إلى أماكن للسباحة، حيث يقصدها العشرات من أطفال الأحياء الشعبية للاستجمام. المتجول وسط المدينة يلاحظ مجموعات من الأطفال أمام النافورات التي وضعت أساسا لتزيين المحاور الدائرية والحدائق، يستمتعون بأوقاتهم غير آبهين بأخطار هذه النافورات ومياهها التي تشكل بؤرة حقيقية لإنتشار الأمراض والأوبئة، فضلا عن أخطار السقوط بسبب أرضياتها اللزجة وأخطار التكهرب باعتبار أن جلها موصول بالتيار الكهربائي.
حدث هذا بالنافورة المتواجدة بالحديقة المائية بشارع المقطع، التي تحولت إلى مسبح حقيقي للأطفال على الرغم من توفير البلدية لأعوان أمن مهمتهم حراسة المكان، وكذا النافورة بالمحور الدائري المؤدي لحي الساقية الحمراء. أما النافورات المتواجدة بكل من حي دبي وفيشي الصغير، فقد تمّت إزالتها في إطار مشروع ترامواي سيدي بلعباس بعد أن شكّلت وطيلة سنوات خطرا حقيقيا على صحة الأطفال.