طباعة هذه الصفحة

مواطنون وأفراد الجالية يشكون من غلاء التذاكر ونقص الخدمات

رحلة الألف ميل لقضاء عطلة في الوطن وسط الدفء العائلي

قالمة: أمال مرابطي

 خدمات مغرية، اسعار تذاكر في المتناول، ورغبة في اكتشاف الجولة  وما تميزه من اغراءات لاستقبال الزوار. هي شهادات جزائريين بأرض الوطن والمهجر لـ«الشعب» حول اختيار تونس وجهة سياحية لقضاء عطلة صيفية بعد تعب سنة وضغط اليوميات واكراهاتها. التفاصيل في هذا الاستطلاع الذي رصدناه بقالمة في موسم الاصطياف.
أبدى الكثير من أفراد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج رغبة ملحة في قضاء العطلة بالوطن وسط الدفء العائلي والأهل لكنهم يرون في غلاء تذاكر السفر احد العوائق الكبرى رغم التخفيضات التي تقرها الجوية الجزائرية للمهاجرين كل موسم صيف والعطل والمواسم.
حسب هؤلاء إن ارتفاع التذاكر يحول دون قضاء العطلة بين الأهل والاحباب. كشف الكثير منهم لـ«الشعب» ان غلاء تذكرة السفر حرمتهم من قضاء إجازتهم الصيفية مع عائلاتهم بولاية قالمة مؤكدين أن سعر التذكرة من فرنسا باتجاه الجزائر يترواح بين 30000 دج و40000 دج للفرد الواحد، وهذا ما صعّب عليهم القدوم لوطنهم وزيارة أقربائهم الذين طال الغياب عنهم.
وفي هذا الشأن ، أكد مراد قرفي لنا أنه اصطدم بارتفاع أسعار تذكرة الطيران مما صعّب عليه اصطحاب أولاده  وزوجته للعودة الى أرض الوطن وقضاء العطلة ببلدية لخزارة شرق قالمة مثلما دأب عليه من قبل.  
بحسبه، فإن الظروف المادية له لم تسمح بقضاء عطلته الصيفية في الجزائر، ما حتّم عليه العودة لبلجيكا بعد زيارة خاطفة يومي العيد  دامت  لمدة أسبوع. كما تأسّف قرفي لما تشهده الخدمات المقدمة من ارتفاع وغلاء في الأسعار بالنسبة للكثير من المغتربين مؤكدا بأن زيارته كانت لرؤية والده المريض، وتمنى لو كان أولاده برفقته للتعرف على تقاليد البلد وقضاء إجازتهم مع العائلة الكبيرة وزيارة عدة مناطق من الوطن كسكيكدة والقالة التي أراد أن يتعرف عليها أبناؤه.
وأوضح بن الطيب نبيل مقيم بباريس، أن افراد الجالية الجزائرية تعاني من ارتفاع الأسعار في العطلة الصيفية والأعياد خاصة، وطالب من السلطات المسؤولة والقطاعات المعنية التدخل من أجل إيجاد حلول ناجعة لهذا المشكل خاصة وأن سلوك شركات الطيران يتكرر كل سنة في أوج مرحلة قدوم الجالية إلى ارض الوطن.
عن التخفيظات المقدمة من «الجوية الجزائرية» قال بن الطيب انها خطوة هامة لكن تبقى ناقصة ولابد من مراجعة تكلفة تذاكر السفر المرتفعة مقارنة بما تطبقه شركات الطيران الأجنبية، مضيفا انه يحبذ الجوية الجزائرية على أي شركة طيران اخرى.
ولم تقف ارتفاع الأسعار على تذاكر الطيران فقط وإنما تساءل العديد من افراد الجالية بقالمة عن سبب ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة من إيجار الشقق، فيما عبّر آخرون عن استيائهم لما آلت إليه الطرقات بفصل الصيف، حيث تغرق السيارات في الازدحام، ناهيك عن عدم تطور قالمة وبقائها على حالتها دون تهيئة للعمران والطرق والاقليم عكس عنابة مثلا.
 فحسب تعبيرهم «قالمة هي هي» ويظهر ذلك من خلال النقص الفادح بالمرافق الترفيهية، رغم ما تتميز به الولاية من معالم وامكانيات تجعل منها قطبا سياحيا بامتياز بالشرق الجزائري كله.
وفي هذا الإطار، قال بشير بن صالح القادم من مرسيليا: «أن الازدحام أدى إلى تعطيل الأعمال وتأخير الناس وهدر الوقت، لذلك فإن أكبر الهموم التي تقع على عاتق الجهات المعنية بالطرقات، تنظيم حركة المرور.
كما عبّر عن استياءه ساخطا عن سوء تسيير قطاع السياحة بالبلاد قائلا: «لا نظام  في ركن السيارات حيث نظل لأكثر من ساعة نبحث عن أمكنة شاغرة بالطرقات، بالإضافة إلى المناوشات  الكثيرة بين الأشخاص بسبب عدم احترام أماكن التوقف مع ارتفاع درجات الحرارة.
ومن جانبه، برّر عيمر جمال مدير وكالة  السد للسياحة والأسفار أن ارتفاع أسعار التذاكر راجع إلى قلة العرض وانعدام المنافسة، مشيرا إلى أن قالمة والولايات المجاورة لها كعنابة وقسنطينة لا تتوفران  على فنادق وهياكل كافية لاستقبال زوارها وتلبية مختلف حاجياتهم.
 وحسب محدثنا  فالعجز واضح في الاستقبال ومن الناحية الترفيهية، مننبّها على جانب الخدمات الموجهة للأطفال وهو ما تبحث عنه معظم العائلات ولا تجده بالفنادق الجزائرية.
وتابع حديثه  مبرزا الصعوبات التي تواجهها وكالات السياحة بقالمة لترقى أعمالهم  للمستوى المطلوب، قائلا: «إن الخدمات التي تقدمها الوكالة  مهمة لجلب العملة الصعبة لهذا وجب على السلطات المعنية دعم قطاع السياحة بمساعدة وتسهيل عملها أمام المقبلين عليها، كما دعا لضرورة العمل على كسب ثقة الزبون بتقديم خدمات أرقى  بدل هروب السياح من داخل الوطن أو خارجه  لدول أخرى.
وكأبسط مثال أوضح ذات المتحدث المشاكل التي تواجهها الوكالات السياحية، منها مشكل النقل وعدم توفر الحافلات المخصصة لذلك على  مستوى مديرية النقل، وقال في هذا الشأن: «إن وكالة السد وقعت في مشكل عويص مع زبائنها  خلال رحلة كانت مبرمجة  من قالمة اتجاه  تونس، وجاء هذا بعد الاتفاق مع مديرية النقل لخروج الحافلة من التراب الوطني، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق ولم توفر الحافلات بالوقت المناسب، ما جعل موظفو الوكالة  يتحركون بسرعة وقاموا  بكراء سيارات لخروجها من التراب الوطني، وبمقابل هذا  كلف الوكالة  خسائر مادية كبيرة «.
ويرى جمال ضرورة جمال إقامة تنسيق بين مديريتي السياحة والنقل ووكالات الأسفار لإعطاء دفعا للقطاع الذي يعد بديل المحروقات واحد الروافد الاساسية للمقصد الجزائري.
ركز ذات المتحدث من ناحية أخرى على ضرورة تكاتف الجهود بتولي  شركات النقل السياحي العامة والخاصة ووسائل النقل العامة والشركات السياحية وبعض الفنادق ووكالات تأجير السيارات بتقديم هذه الخدمة تيسيرا على السائحين في التنقل من مكان إلى مكان داخل الوطن، بدل معاناة الكثير من سوء التنظيم والاكتظاظ  وعدم توفر أماكن لركن السيارات مقابل ما يدفعونه من أموال.
تونس تتصدّر قائمة أفضل الواجهات السياحية
 ومن جانب آخر، كشف مدير وكالة السد أن تونس تتصدر أفضل الواجهات السياحية، حسب ما تمّ تسجيله بذات الوكالة، وأرجع ذلك لما تقدمه من رفاهية في جميع وسائل الإقامة السياحية مثل الفنادق والقرى السياحية وخاصة بالحمامات والشقق المفروشة والمخيمات، بالإضافة إلى المطاعم والكفيتريات والمحلات العامة. وهذه الخدمات لا تتوفر بالجزائر وأن وجدت فهي مكلفة للغاية تجعل المواطن لا يقبل عليها.
وفي نفس الاتجاه، أشار مدير الوكالة إلى أن تميز الخدمة السياحية في أي دولة هو مقدار ما تتصف به من تقديم الخدمات من مزايا غير موجودة في خدمات الدول السياحية المنافسة وما توفره من عوامل الجذب والمنافسة، فمع انعدام كل هذه الامتيازات «يقول محدثنا» ساهم في ارتفاع تذكرة السفر بالنسبة للجالية وصعب عليهم زيارة أقربائهم ووطنهم أثناء عطلتهم الصيفية التي كانوا يتوقون لها مع كل إجازة.
‏ وفي السياق ذاته، قال عبداوي حمزة بذات الوكالة: «كلما اتصفت الخدمة السياحية بالسهولة واليسر وابتعدت عن التعقيد كلما كانت أكثر جذبا للسائحين لأن السائح دائما يبحث عن الراحة والهدوء والاستقرار وهذا لا يتحقق في ظل الخدمات السياحية التي تتصف بصعوبة الحصول على احتياجاتهم وخدمة التنقلات الداخلية بين المناطق المختلفة».
وحسب عبداوي، فإن نقص الطلب على السياحة  يرتبط دائما بمستوى الخدمات السياحية، فعدم وجود خدمات متميزة وفي المستوى المطلوب مع ارتفاع أسعارها يقلل من الجذب السياحي، واعتبر أن الخدمة السياحية بالسعر المناسب هي جوهر العمل السياحي الناجح، لأن السائح دائما يفضل الخدمات ذات المستوى الجيد مع التسعيرة المناسبة.
وحسب عبداوي، إأن العائلات القالمية تبقى تفضل تونس وجهة سياحية للاسباب المذكورة سلفا. وقال في هذا الصدد: «رغم صعوبة الظرف الأمني الذي تمر به تونس لا يزال نصف المسافرين الجزائريين لخارج البلاد يختارون الوجهة التونسية لما تقدمه من برامج مغرية وبأقل الأسعار. تليها تركيا، ماليزيا ، إسبانيا وشرم الشيخ المصرية.
وتأسف عبداوي لما  شهدته الرحلات المبرمجة إلى جيجل والعاصمة وبجاية من نقص في الإقبال هذه السنة، وهذا من خلال الشكاوي التي استقبلتها الوكالة من ناحية غلاء أسعار استئجار الشقق، وذكر أن تأجير شقة لليلة واحدة بجيجل وصل إلى 6000 دج ويرتفع احيانا الى 8000 او اكثر وهو ما يعتبره الكثير خارجا عن إمكانياتهم ما ساهم في اختيار تونس كوجهة سياحية لما يوفره نفس المبلغ من حق المبيت والألعاب للأطفال ونصف وجبة فطور وعشاء.
وخصّ عبداوي بالذكر أساتذة الجامعة الذين فضلوا وجهتهم تونس كون الوكالة متعاقدة مع جامعة قالمة وكلهم ابدوا ارتياحا لما وجدوه من خدمات وتسهيلات لا زالت حلما لا ينال في بلادنا رغم الامكانيات التي تتوفر عليها وكان من المفروض ان تكون هي الرائدة في الجذب السياحي.