الصحراء مورد فلاحي وسياحي متجدد وثروة بديلة للمحروقات
أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، أمس، من ورڤلة أن التنمية المستدامة في ولايات الجنوب كانت ولازلت أولوية بالنسبة للسلطات العمومية، موضحا عند افتتاح أشغال اجتماع تقييمي مع ولاة جنوب البلاد أن الحكومة تعمل على تقليص الفوارق بين ولايات الشمال وولايات الجنوب، داعيا الولاة والولاة المنتدبين إلى جعل 2017 سنة للتكفل بالتنمية المستدامة والاستثمار، مشيرا إلى أن الدولة ستواصل دعمها لتأهيل الجماعات المحلية في جنوب الوطن.
قال بدوي بأن هذا الاجتماع التقييمي جاء تمهيدا لاجتماع الحكومة والولاة المقرر في الدخول الاجتماعي المقبل من أجل تقييم ومعاينة شاملين للتنمية والاستثمار عبر الوطن بهدف وضع خريطة طريق واستراتيجية تنمية خاصة بالجماعات المحلية.
ويضم هذا اللقاء التقييمي المنعقد بمقر ولاية ورڤلة الولاة العشر لولايات جنوب البلاد إضافة إلى الولاة المنتدبين كما يأتي بعد الاجتماعين اللذين خصا ولايات الشرق والغرب.
.. ويؤكد: الجنوب يفرض نفسه كمتغير أساسي في معادلة التنمية الوطنية
صرح وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي، أن الجنوب يفرض نفسه اليوم كمتغير أساسي في معادلة التنمية الوطنية، موضحا بالقول أن ‘’الجنوب يفرض نفسه اليوم أكثر مما مضى كمتغير أساسي في معادلة التنمية الوطنية فبعد أن كان النفط السمة الغالبة عليه أصبحت العديد من عوامل الانطلاقة الاقتصادية رهينة به فلا طاقة متجددة ولا فلاحة مكثفة وعصرية وسياحة واعدة ولا عمق اقتصادي وجهوي ودولي من دونه فهو يعني اليوم الكثير’’.
‘’إن ميادين وورشات عمل ضخمة في انتظار التجسيد’’، كما قال الوزير أمام المسؤولين المحليين، مؤكدا في الوقت ذاته أنهم ‘’يشرفون على أقاليم بكر تضاهي بلدانا كاملة في حجمها الجغرافي وفي أعبائها ولكن أيضا تضاهيها بل تفوقها في خيرتها وإمكاناتها’’.
وأشار بدوي أن هذه الأقاليم ليست ‘’عقيمة كما يعتقد البعض بل هي أرض خيرات لا تنضب في حاجة لنظرة ثاقبة وعميقة ولإرادة قوية وحصينة ولمنهجية سديدة ورشيدة أكثر منها حاجة لأي شيء آخر’’.
‘’ففي ولايات أدرار والوادي وغرداية وبسكرة ثروة فلاحية تفوق احتياجات الوطن الغذائية يمكن أن تكون موردا للعملة الصعبة’’، يضيف الوزير منوها إلى ‘’إمكانات الصحراء لتشكيل مستثمرات كبرى ووحدات لوجيستية وتحويلية مرافقة لها لا تتوفر في الولايات الشمالية ولم يتم توطينها إلى حد الآن بالرغم من كل الجهود المبذولة’’.
وفي هذا الشأن، دعا السيد بدوي إلى فتح المجال واسعا للاستثمار الفلاحي واستغلال الأدوات القانونية المتاحة لاسيما في مجال الولوج للمكية العقارية والشراكة.
كما تعتبر أدرار وعين صالح ‘’خزانا لا ينضب’’ من الطاقة الشمسية يسمح للبلاد وليس فقط لولايات الجنوب من الاكتفاء ذاتيا من حاجياتها من موارد الطاقة والتوجه نحو سياسة تصديرية ‘’جريئة’’ حيث تملك الدولة ‘’مقومات التنافس الاقتصادي النزيه مالا يتوفر عند غيرنا’’، يضيف الوزير.
كما استعرض خلال مداخلته أيضا المقومات السياحية بمناطق الجنوب على غرار غرادية وتمنراست وجانت وبني عباس وبشار وقصور أدرار التي تمثل -كما قال- فضاء متميزا متفردا من مناظر طبيعية ومواقع سياحية وعمرانية ودينية وصناعات تقليدية.
‘’إن كل ما في صحرائنا مورد سياحي متجدد ودائم في انتظار من يثمنه في إطار استراتيجية استشارية متكاملة تعمل على توسيع المرافق السياحية الموجودة وتطور خدماتها وتؤسس لشبكة خدمات سياحية متطورة وعصرية مندمجة كليا على المستوى الدولي ومرافق قاعدية تثمن المكنونات السياحية وتوظفها لخدمة السياحة المحلية’’ يضيف السيد بدوي.
كما اعتبر تمنراست وعين قزام وإيليزي وأدرار وبرج باجي مختار ‘’أقطابا تنموية مستقبلية ونقاط إشعاع جهوية متفتحة على الساحل الإفريقي تستقطب دول الجوار في إطار نموذج اقتصادي جهوي مندمج يسمح لنا بتسويق منتجاتنا المحلية والترويج لها جهويا والتحكم على المدى المتوسط في مسارات تجارة الساحل الإفريقي مما يؤهل بلادنا أن تلعب دورا محوريا في المبادلات التجارية والاقتصادية الأورو-إفريقية.
ستواصل الدولة دعمها لولايات الجنوب
وستواصل الدولة - حسب ذات المسؤول - دعمها لولايات الجنوب من أجل التقليل من الفوارق في مجال المرافق العمومية والشبكات القاعدية لاسيما على المستوى المناطق الحدودية والمعزولة.
كما أكد في السياق ذاته، عن مواصلة سعي الدولة لجعل ولايات الجنوب تستفيد من إجراءات خاصة تتناسب وخصوصيتها الاقتصادية والاجتماعية والمناخية حتى نحين تدريجيا من جاذبيتها وتنافسيتها الاقتصادية.
وفيما يخص الولايات المنتدبة المحدثة أضاف أنه ‘’يجب أن تعرف من جهتها خلال السنوات القادمة ديناميكية جديدة على كل المستويات إلا أن هذا الدعم سوف لن يعدو أن يكون مرافقا لجهد تنموي محلي حقيقي ومستقل يرتكز بالدرجة الأولى على إمكانيات المنطقة ومؤهلتها قوامه المبادرة الاقتصادية وإرشاد النفقات.
‘’إن مشاريعنا لولايات الجنوب كبيرة وكبيرة جدا وتجسيدها هو تجسيد القسم الأكبر من النموذج الاقتصادي الجديد للحكومة’’ يؤكد الوزير مضيفا بهذا الخصوص ‘’ أن النموذج هو في الميدان قيد التطبيق لن يتكلم سوى بلغة النتائج التي ستكون من الآن فصاعدا محل تقييم دوري من خلال لقاء الحكومة بالولاة’’.
التحكم في تطور سوق الشغل
دعا وزير الداخلية والجماعات المحلية، أمس، بورڤلة الولاة والولاة المنتدبين بجنوب البلاد إلى ضرورة التحكم في تطورات سوق الشغل والعمل على تأهيل الرأس مال البشري بما يتناسب مع حاجيات المنطقة.
وأكد الوزير في مداخلته في اللقاء الجهوي لولاة الجنوب على التحكم في تطورات سوق الشغل والعمل على تأهيل الرأس مال البشري بما يتناسب مع حاجيات مناطق الجنوب من كفاءات لا سيما في مجالات الطاقات المتجددة والهندسة الفلاحية والطاقة التقليدية وغيرها من المؤهلات التي تعتبر هذه المناطق في أمس الحاجة إليها.
كما نوه بالدور المحوري الذي تلعبه الجامعات والمراكز الجامعية والمعاهد المتخصصة في هذا الشأن وفقا لإستراتيجية راجحة وطويلة الأمد.
وفي سياق متصل تطرق الوزير إلى أهمية ‘’ضمان العدالة والمساواة في الفرص لأبناء الولايات الجنوبية في مجال التوظيف وتقلد المسؤوليات التي تتناسب ومؤهلاتهم والعمل في إطار مخطط هادف لتمكينهم من المشاركة في الجهد التنموي الوطني».
ومن جهة أخرى، أكد على ضرورة العمل لتعمير المناطق الصحراوية غير الآهلة لاسيما عبر محاور عين صالح-تمنراست وبشار-أدرار وبرج باجي مختار حيث تم الشروع في إنجاز مرافق قاعدية على مستوى المناطق الحدودية والمحاور السالفة الذكر بهدف إنشاء نواة لتجمعات سكانية دائمة وقارة لاسيما عبر تشجيع الاستثمار الفلاحي.
‘’إن تعميم المجهود التنموي بالجنوب وتدارك النقائص المسجلة كان دائما هاجسا يؤرق السلطات العمومية’’ يضيف السيد بدوي مشيرا أن هذا التوجه يتجلى من خلال المشاريع الضخمة التي استفادت منها العديد من الولايات الجنوبية على غرار مشروع القرن بتحويل المياه الشروب من عين صالح إلى تمنراست على مسافة 700 كلم ومعالجة ظاهرة تصاعد المياه الجوفية وتحسين نسب الربط بالشبكات القاعدية وشق الطرقات لفك العزلة على الساكنة في أبعد النقاط الجغرافية.
وصرح وزير الداخلية والجماعات المحلية أنه عكس ما قاله في تجمعات سابقة بأن ‘’عهد التحويلات المالية المركزية قد ولى’’ فإن الأمر يستثني ولايات الجنوب باعتبار ‘’أن المنطقة لا زالت في حاجة لمرافقة في برامجها التنموية وأن مرافقة الدولة ستوجه فقط للجماعات المحلية التي هي في أمس الحاجة لها والتي تعاني من عجز هيكلي لا يمكن تجاوزه من دون دعم خارجي’’.
كما أبرز بدوي أهمية استحداث الولايات المنتدبة بهدف تخفيف العبء على الولايات التقليدية وتركيز المجهود التنموي على كل الأقاليم رغم اختلافاتها بغية تحقيق تنمية متوازنة وشاملة لاسيما على مستوى المناطق الحدودية التي تحتاج إلى عناية خاصة وعمل تنموي استراتيجي.