يعتبر النقل بالسكك الحديدية أحد الشرايين الحيوية للتنمية الاقتصادية لأي بلد والتجربة أثبتت أن البلدان التي عرفت طفرة اقتصادية وصلت إلى ذلك بفضل امتلاكها لهياكل قاعدية معتبرة في المجال، فرغم التطور الهائل لوسائل النقل المختلفة تبقى السكة الحديدية إحدى أرخص وأسرع وسائل النقل سواء تعلق الأمر بالمسافرين أو بالبضائع ويكفي أن التوجه العام في الدول المتقدمة اليوم هو الاستغناء عن النقل البري للسلع لصالح النقل عبر السكك فيما يخص المسافات الطويلة نظرا للتكاليف التي يمكن اقتصادها من خلال تبني هذا الخيار.
ان السكة الحديدة لا تقتصر أهميتها فقط على نقل البضائع والمسافرين ولكن الأهم منهما هو نقل المواد الأولية والمساهمة في استغلالها واعتقد أن الجزائر وفي ظل تدهور أسعار النفط وتوجه الحكومة نحو بديل آخر ظل مهمشا في بلادنا لسنوات طويلة وهو التوجه نحو الاستغلال المنجمي خاصة وأن الجزائر تنام على احتياطات ضخمة من المواد الطبيعية الباطنية التي يمكنها أن تكون إحدى القطاعات الخلاقة للثروة عبر إنعاش سلسلة من النشاطات الاقتصادية لكي لا تقتصر العملية على الاستخراج فقط ولكن كذلك التركيز على الصناعة التحويلية التي تغنينا نهائيا عن بيع الخام وإعادة شرائه في شكل مواد مصنعة أو نصف مصنعة وهي المعادلة التي تخسر فيها الجزائر كثيرا بعكس لو تم القيام بالاستخراج والتحويل في بلادنا.
إن مشروع الخط الرابط بين تندوف وبشار الذي سيتم من خلاله نقل 45 مليون طن من المواد المنجمية المستخرجة من منجم غار جبيلات - الذي ينام على ثروة حديدية ضخمة في شكلها الخام تقدر بملايير الأطنان - سيتم نقلها نحو بشار التي ستحتضن مصنعا للحديد الصلب وعبر السكة الحديدية دائما سيتم نقل هذا المنتوج نحو ميناء وهران ليتم تصديره إلى الخارج، فالنتصور معا الجدوى الاقتصادية لهذا الخط الحديدي الذي سيكون له بطبيعة الحال أثار إيجابية لا تعد ولا تحصى على الصعيد الاجتماعي من خلال مساهمته في فك العزلة عن الكثير من المناطق في الجنوب الكبير وبلد بحجم الجزائر لا يمكن طي المسافات فيه والربط بين أرجائه إيجابية لا من خلال شبكة واسعة وناجعة للنقل بالسكك الحديدية.