طغى طابع الانتقاد على النقاش الذي تبع عرض وزيرة العلاقات مع البرلمان غنية الدالية، مراجعة القانون العضوي رقم ٩٩ / ٠٢، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، إذ أعاب ممثلو الشعب على وزراء الحكومة، عدم نزولهم إلى البرلمان ورفض أعضاء الجهاز التنفيذي استقبالهم، وانتقدوا دحرجة الغرفة السفلى إلى مرتبة ثانية في التشريع بعد الحكومة.
لم تختلف كثيرا قاعة المجلس الشعبي الوطني، أمس، عن اليوم الذي سبقه، إذ غاب عدد كبير منهم، مفوتين مناسبة مناقشة مراجعة القانون العضوي رقم ٩٩ / ٠٢، الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة، رغم أن عدد المتدخلين المسجلين أكثر. ولعل ما يلفت النظر، استياء النواب من البرمجة السريعة لقوانين هامة تكرس الدستور بصيغتها الجديدة، وحال ضيق الوقت دون تحضيرهم الجيد.
وقال بهاء الدين طليبة، عن جبهة التحرير الوطني، إن “المطلوب من المعارضة والموالاة العمل على ترقية العمل البرلماني، تثمينا للنقلة النوعية للإصلاحات الدستورية”.
وإذا كان طليبة قد أشاد بالقانون وثمّنه، فإن زميله إلياس سعدي، من نفس التشكيلة، وإن ثمّن بدوره إلا أنه طرح إشكالا هامّا وفق تقديره، ممثلا في عدم نزول بعض الوزراء إلى البرلمان بمناسبة الجلسات المخصصة للأسئلة الشفوية، مشددا على ضرورة “احترام السلطة التشريعية”.
وأشارت النائب سعيدة بوناب، إلى أن مراجعة القانون تأتي بعد 17 سنة، مثمّنة محتواه.
سعداوي سليمان، زميلهم عن الحزب العتيد، شدد اللهجة، متسائلا عن إمكانية محاسبة الوزير وحده وليس الحكومة، بعيدا عن التماس الرقابة وكيف يعاقب الوزير الذي أخلّ بالتزاماته.
وبخصوص المادة 80 الخاصة ببيان السياسية العامة، الذي بات عرضه لزاما بموجب دستور 2016، أكد أنه طالما كان موجودا، إلا أن المشكل في التنفيذ.
كما انتقد عدم ردّ الوزراء على النواب، مدافعا بشدة عن زملائه بقوله “أغلب النواب غير فاسدين”.
النائب لمين عصماني، دون انتماء، ذهب في نفس الاتجاه مؤيدا زميله سعداوي، مؤكدا أنه “لا يمكن للبرلمانيين إسقاط وزراء أخفقوا”، غير أن رئيس المجلس ولد خليفة، فتح قوسا ليؤكد أن البرلماني إذا كان في الضفة الأخرى، أي الجهاز التنفيذي، فإن خطابه سيكون مختلفا حتما.
النائب نوال أغا، عن التجمع الوطني الديمقراطي، أكدت أن مثل هذه القوانين تراعي عدم تضايق الحكومات، ولا تسمح بتعسف البرلمانات، ونبهت إلى أن القانون الذي يثمنه الحزب الذي تنتمي إليه، بعيدا عن المزايدة والتوظيف السياسي، يندرج في إطار الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية والتي كان آخرها تعديل الدستور، يعزز دور المؤسسة التشريعية عموما، والمعارضة على وجه التحديد، ومثل هذه الخطوات تقوّي مؤسسات الدولة وضمان استمراريتها.
واعتبر النائب لخضر بن خلاف، عن جبهة العدالة والتنمية، أن مشروع القانون المعروض “تجاوزه الزمن ولا يواكب العمل النيابي والممارسة السياسية، مستشهدا بتسمية رئيس الحكومة”. وكان المفروض ـ بحسبه ـ تسبيق تعديل الدستور على مراجعة القوانين. كما دعا إلى تقييم القانون 02/99 قبل مراجعته.
في سياق آخر، انتقد بشدة زميله طليبة، دون ذكره، معيبا عليه الاستحواذ على المرتبة الأولى في قائمة المتدخلين، إلا أن الأخير الذي تدخل مباشرة بعده رفض الرد عليه.
يرفصون عقوبة زميلهم... وولد خليفة يؤكد أن القرار داخلي
في سياق آخر، أكد بعض النواب بالمجلس الشعبي الوطني في مداخلاتهم، تضامنهم مع زميلهم الطاهر ميسوم، الذي تعرّض لعقوبات، لافتين إلى أن المجلس الشعبي الوطني سيّد في قراراته، غير أن رئيس الغرفة محمد العربي ولد خليفة أكد أن القرار داخلي.
وردا على النائب لمين عصمان، دون انتماء، الذي أكد رفض منح إملاءات للمجلس الشعبي الوطني، الذي يعتبر هيئة سيّدة، في إشارة إلى العقوبة التي سلطت على النائب المعروف باسم “سبيسيفيك”، قال ولد خليفة: “القرار اتّخذ قبلا، ولا علاقة له بجهات خارجية عن المجلس”. وحرص على التوضيح في السياق، أنه “لا داعي لخلق صراع بين سلطتين”.
وبخصوص النائب، شدد على ضرورة احترامه لنفسه وأن لا يضع نفسه مكان وكيل الجمهورية، مشيرا إلى تحمّله 3 سنوات.
من جهته، النائب لخضر بن خلاف، عن جبهة العدالة والتنمية، وصف إقرار العقوبات على النواب بـ “البدعة” غير الموجودة في النظام الداخلي والمرفوضة، موازاة مع رفض أي تجاوز من قبل النواب، داعيا إلى التعامل مع النواب بالعدل.