طباعة هذه الصفحة

سهرة رمضانية بحضور ميهوبي، ڤرين ولعمامرة وفنانين

تكريم أيقونة الموسيقى الشعبية»دحمان الحراشي» موهبة محلية حقّقت العالمية

رياض الفتح: أسامة إفراح

احتضنت قاعة «ابن زيدون» برياض الفتح، أول أمس السبت، سهرة تكريمية للفنان الراحل «دحمان الحراشي»، حضرها جمهور غفير تقدّمه وزراء كلّ من الثقافة، الاتصال، والشؤون الخارجية. نشّط هذا التكريم، الذي نظمه الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، نخبة من الفنانين الجزائريين، كما تخلل السهرة شهادات أدلى بها رفقاء دحمان الحراشي، إيقونة الأغنية الشعبية الجزائرية التي وصلت العالمية.
سلّم كلّ من وزير الثقافة ميهوبي، ووزير الاتصال ڤرين، ووزير الشؤون الخارجية لعمامرة، «درع التكريم» لعائلة المرحوم ممثلة في أرملته ونجله كمال. بهذه المناسبة قال ميهوبي، إن هذا التكريم يعني واحدا من أعمدة الفن الذين قادوا الإبداع الجزائري إلى العالمية، وهو مدرسة حقيقية تخرج منها العديد من الأسماء. وشكر هذه الالتفاتة من ديوان حقوق المؤلف، التي ستتلوها لفتات أخرى عرفانا ووفاء لمن خدموا الثقافة والإبداع. «نتمنى للجيل الجديد أن يستفيد من إرث هؤلاء الكبار»، خلص ميهوبي.
كانت البداية مع نسيمة شعبان التي أدّت المديح الديني «يا صاحب الغمامة»، تماشيا مع الشهر الفضيل، وذلك تحت قيادة رئيس الجوق رياض صايجي.
أعقب ذلك شهادة أدلى بها كمال حمادي من على الركح، تحدث فيها عن تعرفه على دحمان الحراشي سنة 1959 بباريس، وكيف كان يلازم آكلي يحياتن وصالح سعداوي، وإن كان لم يغن في الإذاعة إلا أنه اشتهر حينها بين الناس. أضاف بأنه كان يعزف مثل قدور شرشالي، وهو لم يكن يغني الطابع الشعبي مثل العنقة ولا العصري مثل عبد الرحمن عزيز.
بعدها غنى رضا دوماز أغنية «غير اللي يحب صلاحو»، التي أعقبها شهادة آكلي يحياتن، قبل أن يعتلي الركح كمال الحراشي نجل المرحوم دحمان الحراشي، ليؤدي أغنية والده «يا دزاير يا زينة البلدان»، ثم الأغنية التي كرّم فيها أباه «الله يرحم الحراشي».
تعاقب على الركح فنانون منهم حميدو، ناصر مقداد، وآمال زان التي أدت أغنيتيْ «آ شاداني نعاندو» و»خبي سرّك يا الغافل».

دحمان كان سابقا لزمانه

على هامش الحفل، قال كمال الحراشي في تصريحه للصحافة إن والده «أعطى الكثير للشعبي خصوصا وللأغنية الجزائرية بصفة عامة، وتعدى فنه حدود الجزائر، لقد جبت ما يقارب نصف العالم بأغاني دحمان، وقد سمعت «يا الرايح» بنسختها الأصلية في أقاصي الأرض، بل وهناك من عرف الجزائر من خلالها، وهذا مفخرة لنا جميعا».
أضاف: «كان سابقا لزمانه، وكان لديه طابعه الخاص، كما أنه كان كاتبا وملحنا ومغنيا، لذا يمكن اعتباره فنانا كاملا.. دحمان يستحق التكريم كل سنة».
عن إرث والده الفني، يقول كمال: «ليس سهلا أن تكون ابن دحمان الحراشي أو أي إيقونة أخرى في الفن أو الرياضة أو غير ذلك.. أنا أقوم بما في وسعي لمواصلة هذا النوع من الموسيقى، وأفعل ذلك بكل افتخار.. كنت صغيرا جدا حينما فقدت والدي، ولا أدري ما الذي دفعني إلى ولوج عالم الموسيقى، وكنت فعلا أقلّد والدي في صغري بنسبة 300 بالمائة، ولكن مع الوقت صارت لدي طريقتي الخاصة في الغناء، وأعتقد أن الناس لاحظوا الفروق الموجودة بين الأب والابن».
عن أعماله المستقبلية قال كمال: «سجلت ألبومي الخاص منذ سنوات، وتضمن 6 أغانٍ معادة لوالدي و3 أغانٍ خاصة بي، وهناك ألبوم آخر مازال عبارة عن ورشة، وقد أبدأ العمل عليه شهر سبتمبر المقبل».
أما السيدة عائشة عمراني، أرملة دحمان الحراشي، فقالت إن زوجها كان رجلا طيبا جدا، وكانت الموسيقى والتأليف أهم شيء بالنسبة له. كما أكدت أنها ليست ضد إعادة الفنانين لأغاني زوجها، بشرط أن يحترموا حقوق التأليف. قالت السيدة عائشة إن أبناءها دخلوا عالم الفن بشكل شبه وراثي، بدليل كمال الذي يغني، إضافة إلى أخويه ضابط الإيقاع وعازف البيانو.

تكريم الفنان يكون بالإنتاج

من جهتها، قالت الفنانة آمال زان: «شرف لي أن أشارك في هذا التكريم، هو مغنّ متفرّد وأنا أستلهم كثيرا من فنّه. من الجيد أن نكرّم الفنان ولكن التكريم الحقيقي يكون بالإنتاج».
 تمنّى الفنان ناصر مقداد، في تصريحه لـ»الشعب»، دوام هذه العادة الحميدة بتكريم كبار الفنانين، كما اعتبر بأن شيوخ الأغنية الذين رحلوا لا يمكن تعويضهم، ولكن هنالك خير خلف لهؤلاء ينتظرون يد المساعدة، وأكد على أن للجيل الجديد شخصيته، دون أن ننكر أنه أخذ عن الأسماء الكبيرة التي سبقته.
فيما تحدث المدير العام للديوان الوطني لحقوق المؤلف سامي بن شيخ عن إصدار علبة تتضمن 12 قرصا مضغوطا، «حاولنا أن نجمع فيها حوالي 80٪ من أغانيه، وسيتم توزيعها مجانا على مراكز البحث والجامعات والمكتبات»، يقول بن شيخ، مضيفا بأنه ابتداء من الأسبوع المقبل، ستنطلق نشاطات «آفتر فطور» (ما بعد الفطور) التي ينظمها ديوان حقوق المؤلف برياض الفتح، وهي نشاطات مفتوحة للأجيال الشابة والمشهد الموسيقي الجزائري الجديد، وهو ما سيسمح بإعطاء الفرصة لفرق موسيقية لم تسنح لهم فرص المشاركة في الفضاءات الفنية الرمضانية.