طباعة هذه الصفحة

“الشعـب” تستطلع واقع التنمية بولاية تبسة

التهريـــب يحجـب قدرات المنطقـة السياحية والصناعيـة والفلاحيـة

استطلاع: حكيم بوغرارة

 بلديات تعاني العطش والتهيئة العمرانية كارثية

مازالت التنمية بولاية تبسة بعيدة عن تطلعات المواطن، فالولاية رقم 12 الحدودية تمتلك الكثير من القدرات التي يمكن أن تجعلها قطبا سياحيا وصناعيا وفلاحيا بامتياز، ولكن غياب برامج إستراتيجية مدروسة ومتكاملة ومتواصلة ضيع عليها الكثير من الوقت والمال.
 الزائر لولاية تبسة يلاحظ التفاوت الكبير بين التنمية بين شمال وشرق وغرب وجنوب الولاية، وكم كانت دهشتنا لرؤية مناطق تنعدم فيها تهيئة الإقليم نهائيا و أخرى تعاني العطش، وبلديات بدون أية مشاريع تنموية، وتمتلك مناطق سياحية مهمة بدون زوار، وغيرها من النقائص الكبيرة التي وقفنا عليها.

التهريب... هل هو شر لا بد منه؟
تعتبر ولاية تبسة منطقة تهريب بامتياز، حيث ساهمت العديد من العوامل في تطور عمليات التهريب وأساليبها وعدد المرتدين على هذا النشاط الممنوع والذي يعاقب عليه القانون.
 الأخطر في عمليات التهريب بهذه المنطقة الحدودية هو دخول الأسلحة والذخيرة على الخط حيث سجلت مصالح الدرك الوطني 322 قضية خاصة في هذا المجال بشرق البلاد متبوعة بالوسط بـ 310 قضية، ثم غرب البلاد بـ204 قضية وهذا في 2015. ويعكس تنامي التفكير في تهريب الممنوعات رغبة المهربين في زيادة الربح السريع من خلال التهريب عبر محور “الوادي/ تبسة” بحكم تجاورهما وبيع تلك الأسلحة لبارونات التهريب في الجزائر أو محاولة اعادة تهريبها لتونس مستغلين تنامي الناشط الارهابي بعد تدهور الأوضاع الأمنية في تونس.
 تمتلك شبكات التهريب بالولاية مجندين مختصين في رصد ومتابعة الهيئات الأمنية وشبكات لوجستية كبيرة هدفها تأمين الطريق والبحث عن أماكن التخزين والبحث عن الزبائن، وكشف العديد من المواطنين القاطنين بالمنطقة الحدودية بالمريج بأن الشبكات باتت إقليمية وتعمل على خط “ليبيا/الجزائر/تونس”.
كشف “عمر/ ب« 70 سنة متقاعد، التقينا به قرب مركز بريد المريج “...بأن الشائعات واّلأخبار التي تتحدث عن تهريب الأسلحة انتشرت بقوة منذ الأزمة الليبية، وتأكدنا من تلك الأخبار بعد رؤية العمليات المتكررة لأفراد الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن المشتركة ولكن كل الخوف من ان يكون السلاح مخزنا في المناطق الحدوية في ظل وجود الكثير من المساكن المهجورة القديمة ودراية المهربين بالأحراش والأودية التي قد تكون مخازن للمواد المهربة”.
 حول سر اقبال الشباب على التهريب تحدث نفس المصدر الذي يقطن بالمنطقة من قبل الاستقلال بأن غياب التنمية بالمنطقة هو الذي يدفع الشباب للتهريب، فالفلاحة لم تعد تجدي نفعا في ظل شح السماء في السنوات الأخيرة وتغير مناخ المنطقة بفعل التصّحر، فتبسة ننتظر ان تصنف ولاية صحراوية، والزراعة جلّها يعتمد على الأمطار فمحاصيل القمح والشعير تتضاءل من سنة لأخرى، والجميع بات يتهرب من الحرث والبذر حتى لا يخسر أمواله هباءً منثورًا.
وبألم كبير تحدث عن شح المياه فالحنفيات بالمريج شحيحة ولا يستفيد المواطن من مياه الشرب إلا لفترات قليلة جدا، ويقوم السكان بالمريج باقتناء الماء من الصهاريج التي تأتي بالماء من الابار المجاورة ومن منبع “يوكوس” حيث يباع الصهريج بألف لتر بحوالي 2000 دج ولكم ان تتصوروا حجم المعاناة.
مناجم الونزة وبوخضرة تحرمـان شبـــاب الكويـــف العمـــل بهـــما
 تدخل شاب في الأربعينيات من العمر يدعى حسان، طالبا منا نقل ما يقول للسلطات حتى يعرفوا واقع ولاية تبسة موضحا “...ان الشباب هنا ما عدا المؤسسة العسكرية وأسلاك الأمن المشتركة لا يوجد أين نعمل فبلدية المريج منذ الاستقلال لم تستفد من أي مشروع استثماري، كما ان شبابها لا يستفيد من مناصب عمل في مناجم الونزة وبوخضرة اللتان تبعدان بـ 24 كلم فأين، وحتى العديد من الشباب تخلوا عن الدراسة في وقت مبكر بسبب بعد المتوسطات والثانويات فالمنطقة لم تستفد من ثانوية إلا منذ 05 أو 06 سنوات، وأمام هذه الظروف لم يبق للشباب سوى ولوج عالم التهريب”.
ترجينا الشاب ليحدثنا عن التهريب والمواد المهربة فأكد بأن تشديد الخناق من قبل مصالح حرس الحدود والجمارك قد ضيق على نشاطنا كثيرا، وخاصة عملية إدخال السيارات الأجنبية فهذا النشاط يكسبك أموالا هامة و لكن بمخاطر كبيرة كذلك، موضحا بأن المردود تناقص كثيرا، كما تحدث عن عملية تهريب الوقود التي اعتبرها مهمة خاصة في ظل الفارق في السعر بين الجزائر وتونس، “وسألناه حول حقيقة تهريب الأسلحة والمخدرات فأكد لنا بأنه توجد شبكات تنشط ما بين الولايات وعلى مستوى الحدود وباروناتها لا تظهر للعيان ويجندون شبابا مراهقين للقيام بمختلف النشاطات، مضيفا أن نشاطها معقد جدا وفي سرية، مؤكدا بأن معظم المهربين يسعون لكسب قوت يومهم، بينما نشاط الأسلحة والمخدرات بعيدا عنهم. فجل المهربين لا يتاجرون في الممنوع، وينحصر نشاطنا في تهريب الوقود أو مواد غذائية، بينما عصابات المافيا التي تنشط بين ليبيا والوادي وتبسة وتونس هي التي تهرب الأسلحة والمخدرات”
حدثنا «حسان» عن الظروف الصعبة وكثرة حوادث المرور التي يتعرضون لها في عمليات التهريب طالبا من السلطات إقامة مشاريع تنموية قائلا سيتوقف عن عملية التهريب التي باتت متعبة جدا خاصة في ظل التعزيزات الأمنية المشددة على الحدود.
ينتشر التهريب عبر مختلف مناطق التماس مع تونس فمن الونزة الى المريج مرورا بعين الزرقاء والكويف وأم علي والحويجبات وبئر العاتر كلها مناطق تهريب ومنها إلى مناطق جنوب الولاية حتى الوصول إلى مدينة وادي سوف، ويتميز الشريط الحدودي بين تبسة وتونس بصعوبة التضاريس وتنوعها ومنه تجد مختلف القوات الأمنية المكلفة بمراقبة وحراسة الحدود صعوبات كبيرة في التصدي لعمليات التهريب كلها.        
سجلت مصالح الجمارك في حصيلتها لسنة 2015 انفراد قضايا تهريب الوقود 70 بالمائة من القضايا المعالجة، حيث أوقفت المصالح ذاتها 579 مهرب وحجزت 1.3 مليون لتر من الوقود، وتم تسجيل بالحدود الشرقية بـ500 قضية.
شهدت تبسة حسب احصائيات الجمارك توقيف العديد من السيارات بدون وثائق وبلغت قيمة المحجوزات 55 مليون دج في 2015، وحجز مقابل ذلك بالعملة الصعبة بـ52 مليون دج و565 ألف لتر من الوقود وقد أدت إجراءات خفض تهريب الوقود إلى تقليص احتياجات الولاية الى الثلث من مختلف أنواع الوقود.
تهريــب الآثـــار.. الجريمـــة الصامتــة العاكسة لحالـــــة السياحــــة
شجع تواجد مافيا عالمية تعمل بين أوروبا تونس والجزائر على ادخال الآثار في عالم التهريب بالنظر لما تجنيه من أموال طائلة على شبكات المهربين التي تنقلها لتونس ومنها الى اوروبا بأساليب شيطانية.
 قد كانت العشرية الدموية احدى أكبر أسباب انتشار هذه الاثار حيث أدى انشغال مختلف المؤسسات الأمنية بمكافحة الارهاب استغل الكثيرين تلك الظروف لتنويع أنشطة التهريب حيث ما تم تهريبه في العشرية الدموية لا يقاس بثمن.
 قد تفطنت السلطات لهذا النوع من التهريب وكونت فرقا مختصة في مكافحة تهريب الاثار وتراث الجزائر وهو ما مكن عناصر الدرك الوطني من تفكيك العديد من الشبكات بتسبة أهمها العملية التي جرت في 2012 حيث تم تفكيك عصابة مختصة في تهريب وبيع الآثار القديمة، واسترجاع تمثالين لألهة فرعونية نادرة، إلى جانب شمعدان عليه شعار يهودي، والعشرات من القطع النقدية القديمة أغلبها فينيقية تحمل صورا لملوك وأمراء ما قبل الحقبة الرومانية، وميداليات رسمت عليها صور النبي عيسى عليه السلام والسيدة مريم.
 سمحت مداهمات قوات الشرطة القضائية لتبسة في 2013 من العثور على قطعتين أثريتين؛ إحداها عبارة عن تمثال أثري صغير الحجم “شمعدان”، والثاني عبارة عن رأس أثري، أثبتت فيما بعد الخبرة التقنية أنها تعود إلى الحقبة الرومانية، من أحد المهربين الذي أكد بأنه كان يبيعها لشبكات دولية تنشط في تهريب الاثار.
 تبقى الكثير من آثار تبسة التي تعرف ضعفا كبيرا في المجال السياحي وعدم استغلال المناطق الأثرية لتنشيط الخدمات وتفعيل مختلف الفنادق.
 تضم تبسة العديد من المعالم الاثرية التي يمكن أن تكون قبلة لمختلف السياح من مختلف انحاء العالم بالنظر للحضارات الكثيرة المتعاقبة على المنطقة وأهمها الحضارة الرومانية، لكن اهمال السياحة وعدم وجود وكالات سياحية تبحث عن الترويج لتراث المنطقة جعل تلك المناطق الأثرية تعاني الاهمال والنهب لسنوات طويلة قبل رد الاعتبار لبعضها وتسييجها وتعيين حراس عليها، ولكن بعد نهب العديد من مكوناتها. فحسب موقع الحقائق يؤكد عراقة تاريخها وهي المعالم التي تمثل بطاقة تعريف لماضي هذه المدينة الجزائرية ومن هذه المعالم نجد قوس النصر والذي شيده الامبراطور الروماني كاراكالا ويعد من أهم المعالم الاثرية التي تعتبر تحفة معمارية رائعة وفريدة ومن احسن ما شيد الرومان في مدينة تبسة.
  تم تشييد هذا المعلم ما بين سنتي 212 / 211 م في حقبة الازدهار الروماني. ويضم هذا المعلم اربعة جهات كل جهة مهداة الى احد افراد العائلة الحاكمة وقد اقيم قوس كاراكالا بطريقة فريدة على شكل مربع ويرفع فوقه قبة كما اكد ذلك علماء الاثار. وخلال الحقبة الاستعمارية اجريت عليه اكثر من عملية ترميم ومازال إلى اليوم يحافظ على طابعه المعماري رغم زوال ثلاثة اعمدة بسبب الحروب القديمة.
 المعلم الآخر الذي يميز مدينة تبسة هو السور البيزنطي أو الحصن ويعد احد اروع وأضخم البنايات الأثرية الموجودة بالمدينة. وقد تأسس هذا المعلم سنة 535 ميلادي على يد البطريق سولومون. وشيد هذا الصرح الاثري لحماية المدينة وبسط سلطان البيزنطيين في المنطقة وضرب الاعداء.
 حسب المؤرخين، فإن هذا المعلم كانت أغلب أجزائه منهارة وقام الفرنسيون بترميمها خلال الحقبة الاستعمارية كما استعملوا جزءا كبيرا منه كثكنة عسكرية. ولهذا المعلم ثلاثة أبواب أصلية، باب “كاراكالا”، باب “سولومون” وباب “شهلة”، ثم اضاف الفرنسيون ثلاثة أبواب صغيرة أخرى. وتعرضت أبواب “شهلة” و«قسنطينة” خلال سنوات الستينيات والسبعينيات إلى التهديم. لكنه خضع خلال الثمانينيات لعملية ترميم وتنظيف بمادة الرمل مرة أخرى. كما أجريت عليه العديد من  الدراسات من طرف علماء الآثار.
 من المعالم الاخرى نجد المدرج الروماني هو من البنايات الاولى التي شيدها الرومان بالمنطقة، فقد تم بناؤه في عهد القنصل الخامس الامبراطور فسباسيانوس سنة 75 م.
 استعمل هذا المدرج كملعب أو مسرح وأحيانا لألعاب المصارعة بين الفرسان وأسرى الحرب أو مع الحيوانات المفترسة، وحسب العالم الاثري سيري دوروش فقد تم اكتشاف شكله الدائري أثناء عمليات الحفر والذي يقدر قطره بـ 65-50 مترا.
 بالنظر الى عمليات الحفر التي قام بها العلماء يعتبر المدرج المسرحي حديث الاكتشاف سنة 1859. ولهذا المدرج اربعة مداخل وحجرات للفرسان والعبيد والحيوانات لمفترسة. ويعد المدرج المسرحي مصنفا وطنيا ويعتبر احد المتاحف على الهواء الطلق.
 لم يقتصر وجود الاثار بتبسة على القصور والمسارح والثكنات أي المعالم السياسية والاجتماعية والعسكرية بل كان للدين حضوره بين افراد المجتمع سواء خلال الحقبة الوثنية أو بعد انتشار الديانة المسيحية، ومن الشواهد الدينية القديمة نجد المعبــد الوثـنــي مينارف وهو رائعة تاريخية وتحفة مربعة، هي بيت الاصنام التي عبدها الرومان وكثير الشبه بالبيت المربعة بنيــم تأسس هذا المعلم في عهد الامبراطور “سبتيم سيفار” وقد تم اهداؤه الى مينارف صنم الحكمة في تلك الحقبة، ويقع معبد مينارف على يمين قوس النصر من الجهة الداخلية له شكل مستطيل تتقدمه أربعة أعمدة متشابهة طوله تسعة عشر متر وعرضه 9 أمتار ومدخله الرئيسي بسلم هرمي الشكل وله بوابة كبيرة تتقدمها بيت الالهة عند الرومان وبها غرف سفلية مقوسة الشكل وفي سنة 1889 اتخذه الفرنسيون متحفا ويحيطه سور لا يعرف تاريخ تأسيسه.
أما الكنيـــسة الرومــــانية فهي احد المعالم التاريخية النادرة في العالم باسره, والتي بقيت محافظة على طابعها المعماري الاصيل تعرف العالم ستيفن قزيل عن حقيقة هذا المعلم سنة 1901 فنسب بناءه الى العصر الاخير للحضارة رومانية، أين عرفت الديانة المسيحية النصر والازدهار في تلك الحقبة وفي سنة 1944 عثر على قبوة وهي عبارة عن مصلى تحت الارض استغل في نشر المسيحية، ثم أقيمت فوقها هذه الكنيسة يعود شرف تسمية هذه الكنيسة الى الراهبة كريسبين آنذاك.
التهيئة العمرانية كارثية
تعاني تبسة من نقص فادح في التهيئة العمرانية حيث وبالإضافة الى ضعف تهيئة الأحياء بوسط المدينة حيث تنتشر الكثير من الأشواك وانتشار القمامة في الأحياء الخلفية للشوارع الرئيسية مثلما هو الحال في الزاوية ولارموط وحي فاطمة الزهراء حيث كشف لنا “شريف/ ك.” سائق سيارة أجرة عن كثرة البعوض والناموس في فصل الصيف مؤكدا بأنه لولا المكيفات الهوائية لكانت الحياة جد صعبة موضحا لـ “الشعب” ضعف المواطن جعلت اللامبالاة منتشرة بين أوساط سكان تبسة حيث الكل يرمي القمامة في أي مكان كما أن العديد لا يحترم مواعيد مرور شاحنات النظافة وغيرها من السلوكات السلبية التي غيبت الكثير من جمال المدنية.
 الزائر لولاية تبسة يطلع على الروائح الكريهة المنبعثة من مياه الصرف خاصة عند المخرج الشمالي للتوجه نحو الكويف ومركز رأس العيون فبين الطريق والمطار لا يمكن التوقف في ظل انتشار روائح القمامة ومياه الصرف الصحي وانعدام محطات لتصفية المياه واسترجاعها.
 تعاني مناطق المريج وبوخضرة ومرسط وونزة والعوينات وحتى الشريعة وبئر العاتر من نقص
التهيئة وغياب المساحات الخضراء ، كما ان انتشار الأكياس البلاستيكية وقارورات المياه يعكر صفو الحياة هناك، كما شهدنا على زحف الرمال الذي تعاني منه الولاية التي باتت بالفعل منطقة شبه صحراوية.
 من المظاهر السلبية انتشار المطبات بشكل عشوائي وعدم طلائها في الكثير من الأحيان وحتى وان كان نشاط التهريب يشكل خطرا على سلامة المواطن فالكثير من المطبات موضوعة بشكل عشوائي وفي مدخل مدينة ونزة مثلا تصادفك عشرات المطبات في مسافة لا تتعدى 1000 متر.
تبقى النقطة الايجابية في ولاية تبسة هو وضعية الطرقات التي تحسنت كثيرا خاصة على مستوى “تبسة/ بئر العاتر” على مسافة 120 كلم أو على مستوى “تبسة/ ونزة”على مسافة 75 كلم وحتى بين “تبسة والعوينات” وغيرها من المحاور بينما يبقى الطريق الرابط بين العوينات وونزة مهترءا وبحاجة الى صيانة.   
 نقل سكان مدينة تبسة عن سعادتهم بإعادة تهيئة الطرق التي تحسنت أوضاعها كثيرا، بالمقارنة مع ما كانت عليه.  يتأسف الفرد لتلك المناظر الطبيعية الخلابة التي يراها وهو يتنقل بين شرق وشمال وجنوب مدينة تبسة لكن دون استغلال، فلا مركبات سياحية ولا مساحات للراحة. وقفنا على أفراد يرتدون على المقاهي ويحرمون أنفسهم من التمتع بتلك المناظر والأماكن الطبيعية الجميلة.
 يطالب سكان المناطق التي تتوفر على مناجم على غرار “الونزة، وبوخضرة وبئر العاتر” بالاهتمام بالأمور البيئية وصحة السكان في ظل انتشار أمراض الربو والعديد من الأمراض الجلدية بسبب مخلفات المصانع، وقد شدد وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب أثناء زيارته الأخيرة لولاية تبسة وبالضبط من بئر العاتر الى ضرورة الاهتمام بالجانب البيئي في تطوير الصناعات المنجمية.
مصنع الزجاج متوقف عن الإنتاج.. وعمال يتقاضون الأجر دون تأخير
هل يتقبل العقل وجود مصنع للزجاج متوقف عن الانتاج منذ سنوات طويلة وهو ملك بنك الجزائر الخارجي الذي يدفع أجور عمال دون نشاط في صورة كاريكاتورية عن التنمية في الجزائر، المصنع الذي بني منذ 1995 لم يعرف طريقه للإنتاج بسبب انعدام شريك أجنبي، غير أن وزارة الصناعة قررت استرجاعه والبحث عن شريك خاص وطني أو شريك أجنبي للنهوض بالصناعة في المنطقة وخلق قيمة مضافة للاقتصاد خارج المحروقات وتمكين ولاية تبسة من مشاريع تقلل من توجه الشباب نحو التهريب.  
 نفس الأمر ينطبق على مصنع الأنابيب بمدينة الماء الأبيض الذي دخل مرحلة الإنتاج سنة 1994 ويعمل حاليا بـ 30 بالمائة من قدراته الإنتاجية، وأكد بوشوارب بأن اتصالات جارية مع عدة أطراف من بينها البنك الخارجي الجزائري ومجمع أميطال وشريك محلي وآخر أجنبي لاسترجاع هذا المصنع وتجاوز إشكالية تسييره ليعود إلى سابق عهده .
 يبقى مركب تحويل الفوسفات بمنطقة لعوينات الذي سينطلق في الانتاج بعد سنتين مستقبلا للمنطقة الشمالية لتبسة لنيل حقها من التنمية بينما يبقى مبلغ 76 مليون دولار الذي خصصته السلطات للنهوض بمناجم الونزة الموجهة لصناعة الحديد. وبالمناسبة طالب العديد من سكان المريج وعين الزرقاء بضرورة تخصيص مناصب عمل لشبابها في سياق التوزيع العادل لمناصب العمل.
 شددت السلطات من خلال حديث وزير الصناعة والمناجم على ضرورة التخلي عن أفكار تبرير الفشل والعجز ودخول عالم الانتاج والمنافسة واستغلال كل مناجم تبسة للنهوض بالتنمية وخدمة الصناعة ووجه العديد من الرسائل المشفرة للقائمين على القطاعات الاقتصادية لاستغلال استثمارات الدولة العملاقة وتوظيفها في خلق الثروة ومناصب العمل وعدم التحجج بنقص الامكانيات ووسائل الانتاج.  

مطار بملايير الدينارات مقابل رحلات معدودة
تراجع نشاط مطار تبسة الذي كان دوليا في سنوات الثمانينيات ليصبح مقتصرا على بعض الرحالات لا تتعدى 04 في الأسبوع قبل دخول “الطاسيلي آرلاينز” على الخط، وهو ما يدعو للتساؤل حول مردودية هذه المنشأة العملاقة والتي تم اعادة تجديد أرضيتها بنسبة كبيرة حيث مازالت الأشغال متواصلة بها.
 كان وزير النقل والأشغال العمومية، بوجمعة طلعي،، قد زار تبسة، مؤخرا، وانتقد كثيرا وضعية المطار خاصة من خلال اهمال العديد من المرافق وعدم تنشيطها.
 عبر سكان تبسة عن أملهم في ان يسترجع المطار نشاطه لضمان تنقلات العمر نحو البقاع المقدسة والحج، وفتحه أمام الرحلات الدولية بين المدن الفرنسية، أين توجد جالية كبيرة من الولاية هناك والتي تأمل في أن تفتح رحلة بينها وبين مطار تبسة الذي يقع في منطقة استراتيجية.
 في مجال النقل دائما وقفنا على معاناة المسافرين بين مختلف البلديات فالمواطن يقبع تحت ظروف مناخية صعبة في انتظار وسائل النقل الجماعي التي عادة ما تأتي ممتلئة ويضطر الكثيرون لانتظار ساعات لضمان مكان ويحدث هذا خاصة بين تبسة وبئر العاتر وبين تبسة وونزة.
 طلب منا المواطنون نقل الانشغال للسلطات الولائية من أجل تعزيز النقل العمومي وتمكين المواطن من ظروف معيشية صعبة.      
الحركة الرياضية والثقافية بعيدة عن التطلعات
لعلّ من ابرز المجالات التي جعلت ولاية تبسة تعجز عن الاقلاع هو غياب نشاطات ثقافية في مستوى ولاية أنجبت الشاعر محمد الشبكوي وعالم الحضارة مالك بن نبي والعلامة الشيخ العربي التبسي، وكانت مهدا لمعركة الجرف الشهيرة، ومختلف حركات المقاومة ضد مختلف غزاة المنطقة والعديد من المفكرين والمثقفين.
 يفضل الكثير من الشباب المقاهي ووسط المدينة لقضاء أوقات الفراغ متجولين بين مختلف الأسواق الرسمية والموازية في ظل انعدام نقص البرامج الثقافية ونقص قاعات السينما والمسارح.
 تبقى حديقة وسط المدينة التي خضعت لترميمات وإعادة تهيئتها الملاذ الوحيد للعائلات، ويتأسف العديد من مواطني تبسة من دور الاعلام المحلي الذي ينقل فقط الأمور السلبية وهو ما رسخ صورة نمطية على ان ولاية تبسة منطقة للتهريب والجريمة المنظمة فقط.
 حتى وان كان وصول فريق اتحاد تبسة لأول مرة في تاريخه لنصف نهائي كأس الجمهورية وخروجه على يد مولودية الجزائر، إلا أن هذا الانجاز يعتبره البعض الشجرة التي تغطي الغابة بالولاية فالفرق الرياضية يطالب الكثير منها بالإعانات المالية بينما يبقى استقطاب الشباب ومنحهم الإمكانيات لتفجير طاقاتهم بعيد المنال في ظل عدم وجود برامج طموحة مقارنة بولايات أخرى.