طباعة هذه الصفحة

إرهاب الطرق... الوضع لا يحتمل الانتظار

أمين بلعمري
04 جوان 2016

تحصد حوادث الطرق في بلادنا، مجددا، حياة أكثر من ثلاثين شخصا في ارتطام شاحنة بحافلة لنقل المسافرين على طريق آفلو بولاية الأغواط، ليتأكد مرة أخرى أن إعادة تنظيم حظيرة النقل البري في الجزائر، أصبح من الاستعجالات التي لا تتحمل الانتظار، في ظل تنامي حوادث أصبحت تتسبب فيها بشكل لافت الشاحنات والحافلات، أي الوزن الثقيل عامة، وهي حوادث غالبا ما تحدث في الصباح الباكر، ما يؤكد مسؤولية العامل البشري، لأنه في الغالب يرجع سبب ذلك إلى نعاس السائق أو نومه أثناء القيادة بسبب التعب والإرهاق، في ظل غياب آليات فعالة للرقابة على مدى احترام شروط القيادة، كتلك المتعلقة بالمدة التي يقضيها السائق على مقود الشاحنة أو الحافلة والزمن الإجباري الذي يجب عليه أن يقضيه بالمقابل للاسترجاع والراحة قبل مباشرة السياقة.
هناك، للأسف، الكثير من سائقي الحافلات والشاحنات، وتحت مختلف المبررات والذرائع والتي يكون وراءها في الغالب عامل الجشع والربح السريع، يلجأون إلى السرعة المفرطة وعدم التوقف للراحة من أجل الوصول إلى الوجهة المطلوبة مهما كان الثمن. هذه العوامل كثيرا ما تكون وراء وقوع مجازر تحصد أرواح المئات من الأبرياء، دون أن تتخذ الجهات المسؤولة الإجراءات اللازمة لوقف إرهاب الطرق المتزايد، من خلال مراقبة فعالة لمدى احترام السائقين القوانين المعمول بها في مجال السير. فما عدا الرادارات التي تستعملها مصالح الأمن والدرك لمراقبة السرعة، تبقى الحافلات والشاحنات لا تتوافر على أجهزة إلكترونية تعطي كل التفاصيل المتعلقة بسرعة المركبة ومدى احترام السائق شروط التوقف والراحة... إلخ. غياب هذه الأجهزة، فتح الباب مُشْرَعا أمام مغامرين استرخصوا أرواح البشر، لينتهي بهم المطاف إلى مآس مروعة، كذلك الحادث المأسوي الذي شهدته ولاية الأغواط، أمس، والذي قضى بسببه 33 شخصا - رحمهم الله - تفحموا بسبب الحريق الذي شبّ في المركبة بعد ارتطامها بالشاحنة مباشرة – بحسب رواية الناجين من الموت - وهذا ما يدعو إلى فتح تحقيق استعجالي معمق من أجل تحديد المتسبّبين المباشرين وغير المباشرين في هذا الحادث وما الذي أدى إلى نشوب الحريق، كما يجب أن يطال التحقيق نوع الحافلة ومدى مطابقتها للمواصفات العالمية، خاصة وأن حظيرة النقل أصبحت فيها وسائل لنقل المسافرين لا تتوافر على أدنى شروط السلامة والراحة!.
الأكيد، أن الإسراع في تزويد الشاحنات والحافلات بأجهزة تقدم معطيات دقيقة عن السرعة والتوقيت والمسافة... إلخ وتمكين مصالح الأمن من قراءة المعلومات الموجودة في الشرائح الذكية لتلك الأجهزة - كما هو معمول به عالميا - يجب أن تكون الأولوية القصوى لوزارة النقل، خاصة وأننا نشاهد يوميا الطريقة التي يتصرف بها بعض السائقين عند قيادة هذه الآليات، مثل المناورات الخطرة والسرعة المفرطة وتعريض رواد الطريق إلى خطر الموت دون ضمير أو شعور بالمسؤولية وهذا لأنه يعلم أنه بعيد عن أعين الرقابة والعقاب.
فإلى متى تستمر هذه المأساة التي تكلف الجزائر آلاف القتلى والمعوقين سنويا، ناهيك عن الخسائر المادية التي تقدر بالملايير كل سنة؟! الوضع خطر جدا ولم يعد يتحمل أي تأخير.