السلطات تجلي آلاف الأشخاص وتغلق متحفي اللوفر وأورسيه
أدى تساقط الأمطار الغزيرة إلى إجلاء آلاف الأشخاص من منازلهم جنوبي العاصمة الفرنسية باريس، في حين ارتفع منسوب مياه نهر السين لأعلى مستوياته منذ أكثر من 30 عاما، ما دفع السلطات لإغلاق متحفي اللوفر وأورسيه خوفا على مقتنياتهما النادرة، وكذلك أحد خطوط مترو الأنفاق.
يواصل منسوب مياه نهر السين بباريس في الارتفاع حيث تجاوز 5,60 مترا صباح أمس الجمعة، وتوقّع الخبراء أن يبلغ ذروته (6,20 أمتار)، ما ينذر بسيناريو كارثي إذا واصلت الأمطار في التساقط على شكلها الحالي.
وأدت أحوال الطقس السيئة التي تعرفها العاصمة الفرنسية منذ بداية الأسبوع الجاري إلى غلق بعض خطوط مترو الأنفاقن كما تم غلق متحفي اللوفر وأورسيه لقربهما من النهر ولنقل القطع الفنية الموجودة في قبويهما إلى أماكن آمنة.
وغمرت مياه نهر «لو لوان»، وهو أحد روافد نهر السين، مدينة نومور بضاحية باريس الجنوبية، وتم إجلاء الآلاف من سكانها.
وخلفت الفيضانات لحد نهار أمس بفرنسا، قتيلين، الأول كان يمتطي حصانا حاول قطع حقل مغمور بالمياه بجنوب باريس، والثاني سيدة مسنة تبلغ من العمر 86 عاما عثر على جثتها في منزلها الذي غمرته المياه في بلدة صغيرة جنوب غربي باريس في وقت متأخر الأربعاء.
تضامن بين السكان
وعرضت إذاعة «فرانس أنفو» الفرنسية على مستمعيها صباح أمس الجمعة ريبورتاجا من مدينة نومور، التي تضررت كثيرا بفعل هذه الفيضانات، وتوقفت عند أشكال التضامن الكبير بين سكان المنطقة.
وأظهر الريبورتاج أن السكان قدموا مساعدات للمواطنين المتضررين من ملابس وغيرها، كما أن هناك من فتحوا أبواب منازلهم في وجه من اضطروا إلى إخلاء بيوتهم بطريقة مستعجلة.
ويتقاسم الفرنسيون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر مناطق مختلفة من العاصمة باريس غمرتها المياه، كمحطة القطار «انفاليد». وأمام هذا الوضع، تم بناء جدار حديدي لوقف تدفق المياه نحوها.
وقالت صحيفة «لوباريزيان» إن منطقة سان إي مارن بضاحية باريس هي الإقليم الأكثر تضررا، حيث قطع التيار الكهربائي عن 9400 منزل، ثم إقليم ليسون بـ6500 منزل، ولايزال ألفا منزل بدون تيار كهربائي في منطقة «لو لواري» بجنوب باريس.
ومع هذا الوضع، عادت إلى أذهان الباريسيين الكارثة الطبيعية التي عاشتها العاصمة الفرنسية قبل أزيد من مئة عام، وما خلفته من خسائر كبيرة.
وقال لودفيك فايتر، المسؤول في معهد التهيئة المعمارية بباريس وضواحيها، في لقاء مع مجلة «لونوفيل أوبسرافتور» إنه «في حال حصول أي فيضان ستكون السلطات مجبرة على إجلاء 800 ألف شخص، وسيكون 400 ألف مسكن معرضا لأضرار في باريس وضواحيها».
وتم إجلاء 3000 على الأقل من بين 13 ألفا هم جملة سكان منطقة نيمور الواقعة على بعد 75 كيلومترا جنوبي باريس مع ارتفاع مناسيب المياه إلى الطابق الثاني بالأبنية في وسط المدينة.
وفي باريس ارتفع منسوب نهر السين فوق الخمسة أمتار ما أجبر شركة (إس.إن.سي.إف) المشغلة للقطارات على إغلاق الخط الحديدي «سي» ومحطة سان ميشيل، الذي يمر بمحاذاة النهر ويستخدمه السائحون للوصول لبرج إيفل وكاتدرائية نوتردام وقصر فرساي.
ووصل النهر لمستوى ارتفاع قياسي عام 1910 ببلوغه 8,6 مترا ما أجبر آلاف الباريسيين وقتها على إخلاء المناطق المنخفضة من المدينة.
وأعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حالة الطوارئ في أكثر المناطق تضررا ووعد بتوفير أموال لمساعدة السلطات المحلية على التعامل مع الأضرار الناجمة عن الفيضانات، وقال إن الأمطار الغزيرة غير المعتادة التي هطلت في جوان أظهرت الأهمية العاجلة لكبح التغير المناخي.
وقالت هيئة الأرصاد الوطنية إن منطقة باريس الكبرى شهدت في ماي أكثر الشهور هطولا للأمطار منذ عام 1960.
الإضرابات تؤزّم وضع الحكومة
يبدو أن وضع فرنسا سيّئ جدّا فالفيضانات من جهة والاحتجاجات والاضرابات المستمرّمة مند ثلاثة أشهر من جهة أخرى، ما يزيد في تعقيد المهمة على الحكومة الفرنسية التي ترفض الرضوخ للرافضين لقانون إصلاح العمل.
وتواجه الحكومة الفرنسية إضرابا مفتوحا لقطاع السكك الحديد قبل أيام من انطلاق كأس أوروبا 2016 لكرة القدم الأمر الذي يزيد الأمور تعقيدا عليها.
وبدأ العاملون في الشركة الوطنية للسكك الحديد الفرنسية (إس أن سي أف) وسيلة النقل الرسمية لكأس أوروبا، مساء الثلاثاء إضرابا مفتوحا هذه المرة، في ثامن إضراب منذ مطلع مارس الماضي.
وحرصا منها على تبديد حركة الاحتجاج الجديدة هذه، مارست الحكومة ضغوطا لإنجاح المفاوضات بين العاملين في السكك الحديد وإدارة الشركة.
يذكر أن الحكومة أكدت رفضها تقديم تنازلات حول إصلاح قانون العمل. وقال فالس «التراجع سيكون خطأ سياسيا». وذكرت أوساطه «إذا تخلينا عن المشروع أو رضخنا للضغوط سنبعث رسالة بأن التعطيل يأتي بنتائج في النهاية». وقال الرئيس فرانسوا هولاند من جانبه إنه «لن يتم سحب المشروع».