يسعى بعض المثقفين بولاية عنابة إلى إخراج الثقافة بمختلف فنونها من قوقعتها المنحصرة داخل المراكز والمؤسسات الثقافية إلى العالم الخارجي، في محاولة منهم لإيصال الثقافة إلى أكبر عدد من الجمهور العنابي، سواء بالاحتفاء بها في الشوارع، في المواقع الأثرية أو الإقامات الجامعية التي باتت في الآونة الأخيرة مسرحا لمختلف الثقافات والفنون.
وإن كان هؤلاء المثقفون يحاولون التجوال بالثقافة، إلا أن الجامعة الجزائرية ومن ورائها جامعة عنابة، لم تكن ضمن اهتماماتهم لسبب أو لآخر، حيث تبقى مجرد هيئة رسمية أكاديمية للتدريس وفقط، بعيدا عن جو الراحة والترفيه.
أحد المثقفين بولاية عنابة وإن لم ينقل ثقافته داخل أسوار الحرم الجامعي، إلا أنه قام بمبادرة جعل من خلالها الطلبة الجامعيون يستمتعون بثقافة وفنون بلدهم، حيث نقلها داخل أسوار مختلف الإقامات الجامعية المنتشرة بالولاية، من خلال تظاهرة القافلة الثقافية «رسالة المثقف» والتي يشرف عليها إلى يومنا هذا رئيس جمعية الجاحظية فرع عنابة «جمال صمادي»، والذي كان قد أكد لـ»الشعب» أن فكرة تنظيم القافلة جاءت من منطلق أن الطالب الجامعي، وهو النخبة في البلاد يظن أن الثقافة تقتصر على الرحلات والأغاني فقط»، مشيرا إلى أن الطالب من المفروض أن يكون الواعي الأول بنشر ثقافة بلاده، ونشر الموروث الثقافي، وقال بأن تأسيس هذه القافلة الثقافية جاءت من منطلق التعريف بتراثنا الثقافي والفني، وبأنهم كجمعية ثقافية وكمساهمين في تحريك المشهد الثقافي بالولاية، كان لزاما عليهم توضيح وتصحيح بعض المفاهيم، للمثقف أيضا في رسالته في الحقل الثقافي.
«رسالة المثقف» حطت رحالها بعديد الإقامات الجامعية بعنابة على غرار «حي القمم»، «الصفصاف» و»السهل الغربي».. حيث قدمت مختلف الفنون والثقافات منها معرض للفنون التشكيلية، قراءات شعرية لمبدعين في عالم القافية من أبناء بونة، مقاطع موسيقية، عروض مسرحية ومقاطع فكاهية ورقص عصري لشباب المدينة، وهي العروض التي استقطبت عددا كبيرا من الطلبة والمهتمين الذي استحسنوا التظاهرة التي اعتبروها مخالفة للنشاطات الروتينية.
«الشعب» التقت بعدد من الطلبة الجامعيين الذين تحمسوا لفكرة تنظيم نشاطات ثقافية وفنية داخل المؤسسات الجامعية، بهدف الابتعاد قليلا عن أجواء الدراسة وما يتبعها من ضغوطات، معيبين في ذات السياق غياب مختلف الفعاليات عن هذا الوسط دون أي سبب يذكر.
وفي هذا الصدد قال الطالب «محمد لامين عموري» بأن الطلبة بحاجة إلى سويعات في الأسبوع أو في الشهر على الأقل للترفيه عن النفس قليلا، مشيرا إلى أن الطالب الجامعي وحتى التلميذ في مختلف الأطوار التعليمية بحاجة إلى التعرف على ثقافة بلده وتراثه، والجامعة ـ يقول ـ تعد الوسط المناسب لاكتشاف ما تزخر به الجزائر من مختلف الفنون والثقافات. ودعت «أمينة سعيدي» طالبة بجامعة الحقوق إلى ضرورة تنظيم نشاطات ثقافية، على غرار لقاءات أدبية والتعرف على مختلف الروائيين والشعراء الذين تزخر بهم الجزائر بأكملها وليس فقط عنابة، فضلا عن تنظيم عروض مسرحية هادفة، لاكتشاف موروثنا الثقافي، مستغربة تجاهل السلطات المعنية لمثل هذه الفعاليات وتغييبها عن الطالب، قائلة بأن الثقافة يمكنها أن تذهب بنفسها إلى الطالب، كما يمكنه أن ينتقل بدوره إليها. أما الأستاذ الجامعي «محمد بن جابة» فاعتبر ولوج الثقافة إلى الوسط الجامعي أمر لابد منه، على اعتبار أن الثقافة جزء من الدراسة، وتساهم بشكل كبير في خلق ثقافة سوية لدى الطالب وتمكنه من اكتشاف حضارة بلاده وتاريخه العريق، وطالب الأستاذ الجامعي بضرورة تخصيص نشاطات ثقافية وفنية في جميع الجامعات الجزائرية دون استثناء وعدم اقتصارها على المؤسسات والمراكز الثقافية قد يتمكن طالب من الذهاب إليها، وقد يتعذر على أخر الحضور لأسباب تخصه.