على وقع أنغام “البلوز تارقي”، افتتح أول أمس بقاعة ابن زيدون برياض الفتح المهرجان الثقافي الأوروبي في طبعته السابعة عشرة، الذي يتواصل إلى الـ21 ماي الجاري. نشط السهرة الفنان العالمي القادم من الجارة النيجر عمر مختار “بامبينو”، أمام جمهور غصت به القاعة، يتقدمهم كل من وزيرة تكنولوجيات الإعلام والاتصالات إيمان هدى فرعون، ووزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة، إلى جانب الدبلوماسيين الأوروبيين بالجزائر وعلى رأسهم السفير ماريك سكوليل، رئيس البعثة الأوروبية بالجزائر.
كانت القاعة ممتلئة عن آخرها، وتعذر دخول جميع من حضر للاستمتاع بالحفل، حتى أنّ جزءًا منهم ظلّ خارجا. وكان الافتتاح الرسمي بكلمة السفير رئيس وفد الاتحاد الأوروبي، ماريك سكوليل، الذي قال إن هذه الطبعة السابعة عشر ستكون غنية بالألوان وحاضرة في العديد من الأماكن، إذ إلى جانب الجزائر العاصمة، فإن هذه القافلة الفنية ستزور كلا من بجاية، عنابة، وهران وتيزي وزو. كما أكد على رمزية هذا اليوم (9 ماي) بالنسبة للأوروبيين، كونه يصادف خطاب وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان سنة 1950، الذي يعتبر المؤسس لفكرة الوحدة الأوروبية.
ويتساءل سكوليل في كلمته: “أليست مفارقة الاحتفال بيوم أوروبا، من قبل كل الأوروبيين وأصدقاء أوروبا بحفل موسيقي مخصص للبلوز الصحراوي؟ على ما يبدو موسيقاه الجذابة والاحتفالية تمكنت من جلب قلوب جماهير الشباب في أفريقيا وأوروبا وغيرها تدريجيا، ناهيك عن الجزائر، بلد مرتبط بشكل وثيق بعلاقاته الأخوية مع أفريقيا ومع منطقة البحر الأبيض المتوسط”.
وعن سبب اختيار فنان من النيجر لافتتاح المهرجان الأوروبي، صرح لنا المدير الفني تييري بيري أن شعار التظاهرة هو “ألوان أوروبا”، تعبيرا عن التعدد والتنوع الذي ترسم الثقافة ملامحه، وهو ما يكرّسه هذا الخيار، حيث يستمتع الجمهور بتراث أفريقي يؤديه مغنّ نيجري في تظاهرة أوروبية بالجزائر.
وأدى “بامبينو” العديد من الأغاني التي تنوعت إيقاعاتها، بين راقص سريع وهادئ بطيء، ووصل تجاوب الجمهور أقصى الحدود، جمهور ردد مع الفنان أغانيه التي بدا وأنه يحفظها عن ظهر قلب. قبل أن يجتمع نجوم الحفل الأربعة: النيجري، الجزائري، الموريتاني والأمريكي، لتحية حضور بادلهم التصفيق والعرفان.
الفنان عمر مختار (أومارا موكتار بامبينو) القادم من آغاديز بالنيجر، فنان “رحّالة” حيث أحيا قرابة 300 حفل سنة 2015، وعن أثر هذه الحفلات وكثرتها يقول في تصريحه لـ«الشعب”: “العدد الكبير للحفلات والمهرجانات هو فرصة للقاء أمور جديدة نكتشفها ونتعلم منها”.. وقد زار هذا الفنان الكثير من الدول، إلى درجة أنه لم يستطع ذكرها أو تذكرها. وعن تنوع أصول أعضاء الفرقة وجنسياتهم، وطريقة انضمام هؤلاء للفرقة، يقول لنا: “ألتقي بفنانين خلال جولاتي المختلفة وفي بعض الأحيان يلتحق هؤلاء الفنانون بفرقتي”.
سألنا “بامبينو” إن كانت لديه سابق معرفة بالموسيقى الجزائرية، فأجاب: “بالطبع أعرف الموسيقى الجزائرية، وهذا بفضل الفرق الجزائرية التي تغني بالتارقية في أدرار وتمنراست وغيرها، وهو تقريبا نفس الطابع الموسيقي”.
ويأتي هذا الحفل بعد ثلاث سنوات من آخر حفل نشطه “بامبينو” بالجزائر، البلد الذي يرغب في أن يزوره أكثر من مرة، وهو ما أكده لنا بقوله: “أتمنى أن لا تكون آخر زيارة لي للجزائر”.
من الفنانين الذين تضمهم فرقة “بامبينو”، نجد عازف الإيقاع كوري ولهلم، القادم من بوسطن (ماساشوستس) بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو يعزف رفقة المغني النيجري منذ 3 سنوات، ويقول لنا إنه كان سعيد الحظ بأن التقى بامبينو خلال جولته بالولايات المتحدة، وقد أعجبه عزف كوري وانضم إلى جولته الفنية، ومذ ذاك وهو يجول العالم رفقة هذا المغني. وأضاف أنها زيارته الأولى للجزائر ولم يزر بلدا أفريقيا آخر ما عدا النيجر، ولكنه يرغب برؤية المزيد. وبعد انتهاء الحفل عاودنا الاقتراب من كوري، الذي أبدى إعجابا كبيرا بالجمهور الجزائري، وعبّر عن سعادة غامرة بحفل من أحسن الحفلات التي قدمها.
أما محمد زناني، عازف القيثار من فرقة آفوس دافوس الجزائرية، الموسيقى بالنسبة للفنان التارقي هي تعبير عن معيشتهم بحلوها ومرها، وكذا سحر المنطقة، والتراث الذي يقومون بالحفاظ عليه. وتعدّ فرقة “آفوس دافوس” من الفرق الشابة والذائعة الصيت في الجزائر، وتجمع بين عمق التراث وأصالته، وروح الشباب وعنفوانه.