اهتمت الصحف البريطانية والأمريكية بفوز المرشح المسلم صديق خان (45 عاما) بمنصب عمدة لندن، ووصفته بالتاريخي والمهم، في وقت بلغت فيه «الإسلاموفوبيا» ذروة جديدة في بريطانيا والغرب عموما.
وقالت «غارديان» في مقال إن حملة خان -المرشح عن حزب العمال- كانت إيجابية، واحترمت كل فئات مجتمع لندن باختلاف أعراقهم وأديانهم وطبقاتهم، وإن فوزه يثبت للمسلمين في بريطانيا أنه بإمكانهم النجاح رغم كل الصعاب.
وأضافت الصحيفة أنه رغم الدعاية المسمومة لمرشح حزب المحافظين، الذي نافس خان على المنصب، فإن فوز أول مرشح غير أبيض عمدة للعاصمة البريطانية جاء في أنسب الأوقات.
تعزيز معنوي
وأوضحت أن هذا الفوز كان رسالة تعزيز معنوي قوية لسكان لندن غير البيض البالغة نسبتهم 44% من جملة السكان، وهي تحمل معنى أنه مهما كانت خلفيتك العرقية أو عقيدتك الدينية أو طبقتك الاجتماعية فأمامك أيضا فرصة الصعود إلى أعلى السلم ببريطانيا، وباختيار مباشر من الجمهور.
وقد ذكرت الغارديان أن فوز خان لن يقضي على «الإسلاموفوبيا» في المشهد السياسي البريطاني مثلما لم يقض فوز أوباما على العنصرية في أمريكا، لكنه يمنح لحظة من الأمل على الأقل، رغم الحملة الشرسة التي تعرض لها.
وأوردت هذه الصحف قصصا عن الحملة المعادية لخان -باكستاني الأصل- التي اتهمته بدعم «الإرهاب» والدفاع عنه خلال عمله محاميا، قائلة إن هدوءه والكياسة التي واجه بها تلك الدعاية أحبها أغلب الناس.
«لندنستان» و«لندنخان»
وكانت ردود الفعل في الصحف الأمريكية منقسمة؛ فقد أثار هذا الفوز الخوف في الولايات المتحدة وسط مواقع اليمين، التي باتت تصف لندن بـ»لندنستان» و»لندنخان»، وتشير إلى كثرة المسلمين بلندن وأجزاء عديدة في أوروبا، بينما أشادت به الصحف الليبرالية ورحبت به كتطور مهم.
وتساءل مقال بتلغراف البريطانية عما إذا فاز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، فهل سيسمح لخان بزيارة نيويورك التي تربطها مع لندن علاقات قوية ومصالح.
انتصار للأمل
وقالت «نيويورك تايمز» إن خان فاز في وقت بلغت فيه «الإسلاموفوبيا» قمتها بالغرب، وأضافت أن هذا الفوز جعل خان واحدا من أهم السياسيين المسلمين في الغرب.
وقالت واشنطن بوست الأميركية إنه في الوقت الذي ينظر فيه كثيرون للإسلام بعداء، احتضن صديق خان الإسلام وجعله سببا لفوزه.
وأشارت الصحيفة إلى أن خان أرسل تغريدة لمنافسه المحافظ يقول فيها «لا فائدة من صراخك طوال الوقت بأن منافسك مسلم، فقد ذكرتُ ذلك في كتيبات الدعاية التي قمنا بتوزيعها».
وأوضحت واشنطن بوست أن خان وصف فوزه بمنصب عمدة المدينة التي يقطنها 8.6 ملايين نسمة بأنه انتصار للأمل على الخوف والوحدة على الانقسام.
ونسبت الصحيفة لخان القول لها إنه يريد أن يصبح المسلم البريطاني الذي يهزم «التطرف والمتطرفين»، قائلا إن لديه خطة لجعل لندن آمنة.
فقد وعد عمدة لندن الجديد بأن يكون رئيس بلدية لجميع اللندنيين، وذلك في أول خطاب بعد فوز ساحق جعل منه أول عمدة مسلم لهذه المدينة.
وقال خان «هذه الانتخابات لم تجر بدون سجال، وانا فخور بأن أرى أن لندن اختارت اليوم الأمل بدلا من الخوف والوحدة بدلا من الانقسام».
وأضاف «آمل أن لا نوضع مجددا أمام خيار صعب إلى هذه الدرجة. الخوف لا يجلب لنا أمنا أكثر، إنه يجعلنا أضعف، وسياسة الخوف ليست موضع ترحيب في مدينتنا».
وفاز خان على مرشح حزب المحافظين زاك غولد سميث الذي كان ينافسه في السباق على الفوز بالمنصب.
ويمثل موقع عمدة لندن منصة مؤثرة للضغط على الحكومة في ما يتعلق بمصالح سكان لندن.
وعلى حسابه في موقع تويتر، قال خان -وهو محام وحقوقي سابق، ومسلم من أصول باكستانية- بعد إدلائه بصوته يوم الخميس، «سأكون عمدة لكل اللندنيين».
وخلال الفترة الأخيرة، واجه خان اتهامات من دوائر المحافظين -وعلى رأسهم رئيس الوزراء ديفد كاميرون- بأن له صلات «بإرهابيين»، بينما يُتهم غولد سميث من قبل خصومه بأنه يحاول بث الخوف وتفريق الناخبين في واحدة من كبرى مدن العالم.
ودأب غولد سميث على وصف خان بأوصاف من قبيل «متطرف وخطر». وقال في أحد خطاباته إن خصمه «أتاح للساعين لإلحاق الأذى بشرطتنا وعاصمتنا منابر وأوكسجينا وغطاء مرات ومرات».
لكن خان دافع عن نفسه قائلا «أنا فخور بأنني مسلم»، وأضاف في إحدى المناسبات «أنا لندني، أنا بريطاني.. لدي أصول باكستانية. وأنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا».
وكان ملايين الناخبين أدلوا بأصواتهم يوم الخميس لاختيار المرشحين الذين يتنافسون على 2700 مقعد في 124 مجلسا محليا وثلاثة مجالس إقليمية، والعديد من عمد المدن و41 مفوضا للشرطة.