تطرق الدكتور سعد شيحاني، ضيف منتدى “الشعب”، خلال مداخلته الموسومة “الصحافة الجزائرية ودورها في التحول الديمقراطي وتعزيز قيم المواطنة”، تطرق إلى فئة محددة في البناء الاجتماعي، حيث قال إن سلوك الشباب في أي مجتمع من المجتمعات هو موضوع ملاحظة وسجال وتقييم، “لأنهم يشكلون النسبة الأكبر من السكان في كثير من الدول على غرار الجزائر”.
أضاف شيحاني، بأن هؤلاء الشباب يتوقون إلى كل ما هو جديد، لذا غالبا ما ينعتون بالمتمردين. ولا يخفى دورهم في الكفاح والنضال في مختلف القضايا، على غرار دور الشباب في تفجير ثورة التحرير الجزائرية المباركة.
وقال شيحاني، إن ثورة المعلومات أنتجت شبابا مختلفا تماما، سواء في البنية أو في طريقة التفكير، لذا تحاول الأنساق السياسية التأقلم مع المتغيرات المباشرة، قبل أن يطرح سؤال: هل بقيت المواطنة كقيمة ثابتة؟ وإذا كان الجواب نعم، فما هو دور الإعلام في ذلك؟
وجاء الجواب على هذا التساؤل في نقطتين: معنى المواطنة ودور وسائل الإعلام، فأمّا المواطنة فهي مفهوم واسع، ومن أبسط التعاريف لهذا المفهوم اعتباره الانطلاق من المعطى الجغرافي، فكل من هو موجود في رقعة جغرافية، لتتطور هذه السيرورة التاريخية إلى عملية تفاعل بين الفرد والدولة.
وتعرفها دائرة المعارف البريطانية، بأنها تلك العلاقة الموجودة بين الفرد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة وما يرافق ذلك من حرية ومسؤولية.
وتطور مفهوم المواطنة من الرقعة الجغرافية إلى المواطنة العالمية وهي الشعور الإنساني المشترك بضرورة الاعتراف بالحقوق المتبادلة والآخرين واختلاف الديانات.
إذن، فالمواطنة هي الانتماء إلى وطن لك فيه مجموع من الحقوق وعليك فيه مجموع من الواجبات، والتلازم بين الحق والواجب هو ما يجعل المرء مواطنا مسؤولا.
أما وسائل الإعلام فليست وحدها المسؤولة لما يعرفه المجتمع من تغيرات، يقول شيحاني، بل هي تخضع أيضا إلى مجموعة من التفاعلات داخل هذا المجتمع، ولكن لها دور فعال في محورة الرأي العام حول قضايا معيّنة وإبعاده عن قضايا أخرى... وترسيخ ثقافة المواطنة تكون على عاتق وسائل الإعلام، بالإضافة إلى عناصر أخرى.
وعن سؤالنا حول علاقة وسائل الإعلام بمفهوم التنشئة وما إذا تغير المعيار الزمني لتأثير الإعلام، من تأثير يستلزم زمنا طويلا من أجل التأثير في المتلقي إلى تأثير آني سريع. وفي ذلك يشير شيحاني إلى وجود شكلين من أشكال التنشئة: تنشئة اجتماعية وأخرى سياسية، وهذه الأخيرة هي جزء من الأولى.
وتعتبر وسائل الإعلام واحدة من مراكز هاتين التنشئتين، ولكنها ليست الوحيدة، إذ هناك أيضا الأسرة والمسجد والأحزاب السياسية والمجتمع المدني، وتعتمد التنشئة على أدوات مثل التلقين والتقليد؛ بمعنى أن الفرد يقلد قادة الرأي ويريد أن يصبح هذا القائد أو ذاك مثله الأعلى.
وبالتطرق إلى وسائل الإعلام، يكون جانب الزمن مهمًّا جدا حتى وإن تغيرت المعطيات، ولكن الإعلام في نهاية الأمر هو حتمية اجتماعية يخضع إلى ميكانيزمات المجتمع في التغيير.