تمتع بخاصيتين أهلتاه لممارسة مهام الدبلوماسي المحنك والإعلامي بكفاءة كبيرة، يعترف له بها الجميع وأكدتها شهادات الذين احتكوا به خلال الثورة التحريرية، إنه المجاهد المرحوم محمد يزيد، وزير الإعلام الأسبق.
ركزت مداخلات كل من الباحث المؤرخ عمار خوجة والمجاهد صالح بلقبي، على أهمية الإعلام إبان الثورة التحريرية، الذي كان لمحمد يزيد دور هام وأساسي فيه، والذي استطاع بحنكته أن يربك المستعمر الفرنسي من خلال الدور الدبلوماسي الذي مارسه بإتقان، ومن خلال دوره في الإعلام، بحسب الشهادات التي جاءت في الندوة التاريخية التي نظمتها، أمس، جمعية «مشعل الشهيد» واحتضنتها يومية «المجاهد»، وذلك عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير.
استشهد عمار خوجة، خلال حديثه عن دور محمد يزيد إبان الثورة، بمقولة المجاهد رضا مالك، الذي لم يحضر الندوة لأسباب صحية، مفادها أنه «لا يمكن القيام بحرب بالبندقية بترك المعلومة ببعدها التاريخي، الثقافي والاجتماعي على الهامش»، موضحا بأنه لا يمكن أن ينجح الكفاح المسلح، بدون الجانب المعلوماتي.
أضاف الباحث في التاريخ خوجة، بعد تشكيل الحكومة المؤقتة في سبتمبر 1958، أصبحت فيها وزارة سميت بـ «وزارة الأخبار» تتولى مهمة الدعاية والإعلام، كان على رأسها محمد يزيد، هذه الوزارة مسئولة عن كل ما يتعلق بالعمل الإعلامي للثورة، من إصدار النشرات السياسية، وعقد المؤتمرات الصحفية للرد على الدعاية الفرنسية المغرضة.
كانت وزارة الأخبار تشرف على وسائل الإعلام الأخرى، مثل مكاتب الإعلام الخارجي، وجريدة المجاهد. وأفاد المتحدث، أن محمد يزيد كان مؤسس الوكالة الجزائرية للأنباء سنة 1961، التي أنشأت مكتبا للوثائق والمعلومات تقوم بجمع ما يكتب عن القضية الجزائرية في الصحافة العالمية، وإبلاغ وزير الأخبار أثناء تنقلاته بملخص عما كتبته الصحافة العالمية عن القضية.
من جهته تحدث المجاهد صالح بلقبي، عن الدور الدبلوماسي الذي قاده كل من المرحوم حسين آيت أحمد رفقة محمد يزيد في مؤتمر «باندونغ» الذي لم تدرج القضية الجزائرية في جدول أعماله، غير أن حنكة الرجلين وذكاءهما جعل من هذه الأخيرة مركزية وقد استقطبت اهتمام كل وسائل الإعلام التي غطت المؤتمر آنذاك، حاملة القضية الجزائرية إلى الرأي العام العالمي.
وهناك انتصار ثانٍ كان له شأن، بحسب ما ذكر بلقبي، كان ذلك في سنة 1955، حيث لم يكن للجزائري آنذاك أي حق في دخول الأمم المتحدة، وقد كان لزاما على الوفد الجزائري أن يوزّع نفسه على مختلف الوفود، العربية أو الأجنبية الصديقة مع الجزائر. وقد تناول ممثلو الوفد الجزائري كلمة باسم الوفود المنتمين إليها، وكان ذلك في الدورة 10 للأمم المتحدة وقد وفقوا في تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال هذه الأخيرة، مبرزا بصمة محمد يزيد في ذلك.