تفتخر سوق أهراس بأحد أبنائها الأبطال الذي رفض مساومات وإغراءات العدو الفرنسي، مقابل إلقاء السلاح والتوقف عن المقاومة، إنه الشهيد معارفية السبتي المدعو بومعراف، من مواليد سنة 1926 ببلدية تاورة، ترعرع في أسرة متوسطة تحترف الزراعة وتربية المواشي، إلتحق بالمدرسة القرآنية، أين حفظ ما تيّسر من القرآن الكريم، قبل أن يلتحق بعالم التجارة وهو في السابعة عشر من عمره.
كانت لمجازر الـ 08 من ماي 1945 وقعها الخاص على نفسية السبتي، ما جعله يوقن أن لا سبيل للتخلص من إستبداد المستعمر إلا بلغة السلاح فرفض أداء الخدمة العسكرية الإجبارية، في انتظار الفرصة والظرف المناسبين للتعبير عن مكنوناته ضد المحتل الفرنسي، بعد أن شارك في نشاطات حزب الشعب.
مع نهاية 1953 عرض عليه المشاركة في الثورة التونسية، حينها تأكد أن ساعة الحسم باتت قريبة من العدو، خصوصا بعد لقائه بالشهيد جبار عمر، وهكذا تم اختيار الاكفاء ممن تتوفر فيهم القدرات البدنية ولهم معارف بالشأن العسكري للالتحاق بجيش التحرير الوطني، إلى أن عين على رأس فصيلة مكونة من 36 مجاهدا في جانفي 1955 ثم قائد كتيبة في جوان من نفس السنة.
قاد الشهيد معارفية عدة معارك، أبرزها اشتباك شهر جويلية 1955 بالمراهنة وكمين الأربعين ببلدية الحدادة، قتل فيه 12 من جيش الاستعمار، كما تمكن المجاهدون من قتل العديد من قوات العدو في هجوم بتاورة، وأصيب خلالها بومعرافي بجروح.
تدرّج بن تاورة قبل استشهاده في مناصب قيادية، منها ملازم أول في نوفمبر 1957، ومسؤول الناحية الثالثة، ثم قائد للفيلق الميداني الثالث، كما كلف بالمنطقة الحدودية مع الولاية الثانية، وبعد التحاقه بجبل الكاف لعكس بولاية قالمة في 09 فيفري 1958 تجمعت لديه المعلومات عن مصالح الرصد والاستخبارات، تفيد أن القوات الاستعمارية تعمل على ضرب طوق كامل على المنطقة ومن جميع الجهات، وتستعد لزحف وتمشيط ضخم، معززة بالطائرات والمدفعية بقيادة الجنرال شال.
اشتدت المواجهة بين كتائب المجاهدين والقوات الفرنسية في صبيحة التاسع من فيفري، وأمام اختلال ميزان القوة بين الطرفين، استشهد العديد من المجاهدين، أين قرر بومعرافي الانسحاب التكتيكي، إلا أنه لم يتمكن أمام قوة النار والحصار المحكم لقوات العدو إلى أن استشهد صبيحة 11 فيفري 1958، رافضا كل محاولات الاستسلام التي عرضت عليه من طرف العدو الفرنسي.