استضاف فضاء «موعد مع الرواية»، بالتنسيق مع الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، حوارا أدبيا تحت عنوان «المسكوت عنه في الرواية العربية»، شارك فيه كل من الروائيين الجزائري أمين الزاوي والسوري خليل صويلح. وتطرق الأديبان، أمس السبت بقصر الثقافة، إلى الطابوهات التي تواجهها الرواية في الوطن العربي، وأكدا أن العصور السابقة كانت أكثر حرية وتفتحا على العديد من القضايا.
اعتبر أمين الزاوي أنه لا وجود للخطوط الحمراء في الأدب، «الخط الأحمر الوحيد هو الجهل، وحينما نجهل الشيء لا نكتب عنه» يقول، مؤكدا أن «السياسة لم تعد ممنوعا، لأنها نسبية، ولم يتبق من الممنوع سوى الدين والجسد». فكل ما تعاني منه الأمة حسبه، من أفغانستان إلى موريتانيا، سببه قراءة الدين وعلاقته بالسياسة والحرية الشخصية، ما يجعل الدين في جوهر الممنوع، «كلّ يدلي بتفسيراته السياسوية وكلّ يقول أنا هو المسلم».
كما جعل الدين، بمفهومه الشعبوي، الحديث عن الجسد نوعا من الممنوع، «نحن منفصلون عن تراثنا الإسلامي الشجاع.. بعض الفقهاء في العصور السابقة أشجع منا في الكتابة عن الجسد، والتعرض لهذه المسائل كان عاديا جدا والسيوطي مثال على ذلك.. الفقيه المتنور انهزم أمام الداعية الجاهل» يقول الزاوي.
وقال الزاوي إن السؤال الخطير هو «من يخيفني حينما أكتب في هذين الموضوعين؟». ورأى بأن المخيف في العالم العربي هم «الغوغاء والقراء، فهم من يخلق ضجة حول هذه الأعمال، وقد نشرت «وليمة لأعشاب البحر» لحيدر حيدر مرتين في الجزائر وفي القاهرة قبل أن تأتي الغوغاء وتمنعه.. ليست المؤسسات من تمنع، بل القارئ الذي يعيش في ظرف سياسوي ملغوم».
أما مصدر الخوف الثاني حسبه فهو العائلة «التي ما زلنا نعيشها بعقلية القبيلة.. الأسرة لم تتغير على مستوى بنيتها والعلاقات بين أفرادها، وما زال يحكمها مفهوم الشرف بصورته الإقطاعية والعلاقة الرعوية الريفية، وتربط الروائي بالأسرة والقبيلة».
أما خليل صويلح فأكد أنه لا توجد مسافة كبيرة بين القارئ والكاتب، «حسب تجربتي فإن ضمير المتكلم هو الضمير الموؤود في الكتابة، وبمجرد وضع هذا الضمير يصير الروائي هو الراوي نفسه» يقول صويلح مضيفا: «أنا أهتم بتقشير اللغة من الشكل القديم لها.. في سوريا مثلا فإن اللغة القديمة لم تعد صالحة للكتابة.. والجسد ليس كائنا جنسيا فقط، فتعذيب معتقل مثلا هو أيضا حديث عن الجسد، أشعر أننا ما زلنا في البداية وكتابتنا في هذا الجانب هي محاولة لردم المسافة بيننا اليوم وبين الأجيال السابقة، وكلما قلّ الحياء في الشارع زادت النصوص حشمة، وعندما كانت أخلاق أكبر في الشارع كانت الكتابة أكثر انطلاقا».
واعتبر أمين الزاوي أن هذا الكبت لا يمكن أن نحلّه إلا بالمعرفة ونبذ الجهل، وأردف بأن الرواية تفكر في اللا مفكر فيه، و»الروائي الذي يكتب فيما يعرفه القارئ لا داعي لأن يكتب، فقط يجب أن يعرف أن يضع رجله في هذا الحقل الملغّم، والرواية التي تقول ما يستطيع القارئ قوله تولد ميتة».
واعتبر أن الرواية مثلها مثل السينما والفن التشكيلي، على أن السينما أكبر أثرا وانتشارا لأنها ليست نخبوية مثل الرواية التي هي «الأخت التوأم للحرية».. «في المجتمع الظلامي المكبوت لا تهم الفضيحة وإنما يهم سترها، وعلى الروائي فضح هذه الفضائح.. والعالم العربي والإسلامي يخلو من ثقافة الاعتراف، ما يصعّب كتابة السيرة الذاتية، فالروائي هو مثل السياسي حين يكتب السيرة الذاتية بشكلها المطهّر»، يقول الزاوي.