طباعة هذه الصفحة

التدفق المالي لتحريك دواليب النمو

فضيلة بودريش
26 مارس 2016

يتجلى من خلال المستجدات الاقتصادية والمعطيات المالية أن من أهم التحديات المطروحة اليوم وتتطلب معالجتها بحلول ناجعة تتمثل في حتمية تنمية الادخار الوطني، ويأتي ذلك أمام ثقل الأزمة النفطية التي تؤدي دون شك مثلما تشير إليه المؤشرات المالية إلى أزمة تراجع الإيرادات وشحّ المداخيل النفطية مما ينعكس على وتيرة النمو.

 وفي ظلّ هذا الوضع، فإن للجزائر إمكانيات وموارد معتبرة تتمثل أساسا في وجود كتلة مالية وطنية ضخمة، لكنها ما تزال مبعثرة على مستوى السوق الموازية وعلى صعيد المدخرات خارج نطاق البنوك، لذا جاء القرض السندي الاقتصادي الذي يتمّ التحضير لإطلاقه خلال الأيام المقبلة ليستقطب تلك الموارد وإدراجها في الديناميكية الاستثمارية من خلال التعاطي معها وفقا لمسار مركز وفي إطار منظم وشفاف وأكثر أمنا.
لقد أصبح ممكنا للموارد المالية «النائمة» أن تلعب دورا اقتصاديا ايجابيا بكل الضمانات التي توفرها الترتيبات التنظيمية التي سطرتها السلطات العمومية المختصة، خاصة أن الخيار محسوم، حيث ستكون تلك التمويلات موجّهة للاستثمارات المنتجة والمحركة لدى دواليب المؤسسات التي تساهم  بالتحديد في الرفع من حجم التصدير.
في هذا السياق، يمكن وصف القرض السندي بالقلب النابض للادخار الاقتصادي الواسع والثقيل، وهنا فإن الضرورة والظرف يستدعيان تكريس وتنمية ثقافة الادخار على مستوى المواطن والأسرة أيضا، على غرار التحفيز  للادخار العقاري، لأن هذا الأسلوب لديه انعكاسات إيجابية من شأنها توفير السيولة المالية للاقتصاد وتمكين المؤسسة المنتجة من انجاز مشاريع انتاج الثروة، وهو ما يعطي للدولة والمجتمع مناعة مالية تجنب اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، خاصة على المديين القصير والمتوسط، وتضمن مواصلة النمو خاصة في ظلّ استكمال بنية النموذج الاقتصادي الجديد، الذي تعوّل من خلاله الجزائر على تجاوز التبعية النفطية وتقوية المنظومة الاقتصادية وإعادة الاعتبار للآلة الإنتاجية.
 وبات حتميا عدم تفويت الفرصة لاستدراك استغلال القدرات المتوفرة سواء كانت مالية ، بشرية أو طبيعية حتى الباطنية، خاصة بالنسبة لفرع المناجم. لذلك من الأدوات التي يمكن الاعتماد عليها في ضخ السيولة المالية لاستمرار نبض الاستثمار بشكل مستمر ومنتعش، القرض السندي الذي دون شك سيكون محفزا للمتعاملين الاقتصاديين قبل كل شيء لتحقيق أرباح تضاف إلى تلك التي يتم تحقيقها من عملية الإنتاج، ومن ثمة الأسر التي يمكن أن تتوجّه نحو هذه القروض التي تقدم امتيازات مربحة، وبهذا الإجراء يمكن جذب التدفق المالي الذي يحتاجه الاقتصاد لاستكمال مسار توسيع القاعدة الاستثمارية ودعم المؤسسة الإنتاجية.