ضحية التّهميش واللاّمبالاة
قال عنه أنه أديب وكاتب وإعلامي وناقد، تمتّع في حياته بثقافة موسوعية واطلاع كبير ومشاركة ثرية في الساحة الثقافية، أعطى الكثير في نقد المسرح والرواية والشعر وفي الكتابة الأدبية والإعلام، وأثرى بمداخلاته عديد الملتقيات التي عرفها جيل السبعينات الذهبي، لكنه وللأسف، يقول د ـ احسن ثيللاني، «فإن المرحوم صالح زايد عان الفقر والتهميش واللاّمبالاة».
كشف الكاتب والباحث والمترجم د ـ أحسن ثليلاني، في مكالمة هاتفية لـ «الشعب»، «عن معرفته الوطيدة بإبداع وموهبة الكاتب والأديب المرحوم صالح زايد الفضة، والتي تعود، يقول: «عندما كنت في بداية مشواري الأدبي في الـ 80، كنت حينها طالبا في كلية الأدب بجامعة قسنطينة وكنت هاويا وعاشقا للأدب والشعر والرواية ومتابعا للحركة الأدبية الجزائرية».
ووقتها، أضاف د ـ ثليلاني قائلا: «كان الحديث حول ما اصطلح على تسميته جيل أدباء السبعينات، وكان المرحوم صالح زايد واحدا من رموز هذا الجيل، وبحكم إنني ابن ولاية سكيكدة، أين كانت تعقد بها ملتقيات أدبية كثيرة جدا منها ملتقى الأدب والثورة وملتقى الإبداع والمرأة، إذ كنت كشاب في بداية حياته الأدبية، أتطلّع إلى مثل هاته الملتقيات التي كان المرحوم من أهم المنشطين فيها، بالإضافة إلى الأديب ادريس بوديبة، عبد القادر تطوة والمرحوم محمد بوشريط. كما أنّني كنت أحضر ملتقى الرواية بقسنطينة، وكنت أحضر بعض المحاضرات التي كان المرحوم صالح زايد يقدمها خاصة في مجال النقد الروائي».
ويضيف المتحدث في ذات السياق قائلا: «قد تكوّنت عندي صورة عن المرحوم تتمثل في كونه كاتبا عصاميا غزير الإنتاج، يقدم المحاضرات في مختلف اللقاءات في مختلف الصحف والمجلات، له ثقافة موسوعية بحيث أنه يكتب في نقد الشعر ونقد القصة ونقد الرواية، إضافة إلى حواراته المختلفة مع أبرز المثقفين العرب والأجانب».
ويعود عميد كلية الأدب بجامعة سكيكدة بذكرياته إلى أيام إصدار مقاله الأول، قائلا: «لا ريب أن تكون الصدفة قد لعبت دورها، بحيث أنّني عندما كتبت أول مقال صحفي منشور في حياتي بجريدة النصر وكان يتحدث عن إشكالية اللغة في المسرح، فإن هذا المقال قد صدر ونسب بالخط إلى المرحوم صالح زايد، بدل أحسن ثليلاني، وفي نظري فإن هذا الخطأ إنما يعود إلى الشهرة الكبيرة التي كان يتمتع بها الفقيد».
وفي سياق آخر، استعرض بالمناسبة ما بقي في ذهنه من ّذكريات عن المرحوم والمتكونة يقول: «في ثلاثة صور تتمثل الأولى في ثقافته الواسعة ومطالعاته المتنوعة، حتى أنّنا وجدنا كتبه الأدبية تباع على قارعة الطريق مباشرة بعد وفاته إذ يبدو أنه كان يملك مكتبة كبيرة جدا وهذا بالرغم من فقره المعروف».
الصورة الثانية يضيف قائلا: «تتمثل في المعاناة الاجتماعية والنفسية التي كان يكابدها في صمت وهي المعاناة التي أدت به إلى الانتحار، حيت فجعنا جميعنا عندما تلقينا الخبر»، مشيرا إلى أن: «هذا الانتحار يذكره شخصيا بعدد من الأدباء الجزائريين الذين عانوا التهميش والمشاكل وكان مصيرهم نفس مصير صالح زائد مثل الشاعر الصديق عبد الله بوخالفة، الذي القى بنفسه على سكة القطار بالخروب بقسنطينة، والشاعر فاروق سميرة الذي رمى بنفسه من أعلى جسر قسنطينة والشاعرة صفية كثو وغيرهم».
كما اعتبر د ـ ثليلاني: «هذا المصير الأليم الذي عرفه المرحوم صالح زائد والعديد من الأدباء سببا وجيها لطرح سؤال عظيم حول مكانة المثقف في حياتينا وفي مجتمعنا».
وتتمثل الصورة الثالثة، التي يحملها اليوم عميد كلية الأديب عن المرحوم صالح زايد، حسب قوله: «في هذا النكران المريع الذي واجهنا به المرحوم صالح زايد وغيرهم من أدباء الجزائر، حيت إننا لم نعترف للأسف بجهودهم وعطائاتهم وتضحياتهم سواء في حياتهم أو بعد مماتهم،ومع ذلك فأنا أثمّن هذه الالتفاتة وهذه الصحوة اليوم اتجاه أديب موسوعي كبير من حجم المرحوم صالح زايدي».