طباعة هذه الصفحة

بوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل

تحرير التصدير لتسهيل انفتاح المتعاملين الاقتصـاديين علـى الأسواق الخارجية

حاورته: فضيلة بودريش

يقف بوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل بالكثير من التحليل للواقع الفلاحي، من خلال تشخيص حلول ترقيته عن طريق بناء جسور الشراكة مع القطاع الصناعي، ويقترح أن يعنى النموذج الاقتصادي الجديد الذي من المقرّر أن يكشف عنه شهر أفريل الداخل بالخارطة الفلاحية، التي حسب تقديره لديها مقومات مادية وبشرية يجب التعجيل في  استغلالها، من خلال تبني برامج قصيرة المدى وفق رقابة صارمة، مفندا أن تكون القاعدة الاستثمارية 49 -51 عائقا يحول دون استقطاب الاستثمار، بل قال إنه يجب تحميل المسؤولية للبيروقراطية، ومن الحلول التي يمكنها أن تحرّر عملية التصدير، اقترح تسهيل انفتاح المتعاملين الاقتصاديين على الأسواق الخارجية، من خلال قيام بنك الجزائر بالتواجد في العديد من الدول، ورفع التجريم عن فعل المصدر الاحترافي، الذي لديه القناعة للتصدي لهذا الظرف والمساهمة في مرافقة المصدرين الذين يواجهون متاعبا.

الشعب: تتجه المؤسسة الصناعية الجزائرية، ونخص بالذكر القطاع الخاص للانفتاح على الاستثمار في المجال الفلاحي، هذا ما يقودنا إلى الشراكة، فهل يمكن إرساء بين القطاع الصناعي والفلاحي جسور تعاون وتكامل حقيقية لإنتاج الثروة؟
بوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل: لا يخفى وجود حتمية فيما يتعلق بارتباط القطاع الفلاحي بالصناعة، ولأنهما يتكاملان معا، صار من الضروري أن يتناسقا وينشطا في مسار واحد، وتبقى طريقة تجسيد هذا الخيار الذي لا يمكن التنازل عنه واقعا لا مفر، وعلى اعتبار أن الجزائر لديها الملايين من هكتارات الأراضي الصالحة للزراعة، وفي ظلّ وجود موارد بشرية مؤهلة من مهندسين وتقنيين، يمكن في البداية عن طريق الاستغلال الجيد لهذه القدرات، تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة لجميع المنتجات الغذائية، وقد يستغرق ذلك نحو 10 سنوات لتحقيق هذا الهدف الجوهري، لأن السوق الداخلي يعد تحدّ حقيقي يماثل تحديات التصدير بل ويحظى بالأولوية، ولمواجهة هذا التحدي، أعتقد أن العمل يعد إحدى مفاتيح التجسيد، لذا أغتنم الفرصة لأؤكد أن إعلان عن سياسة جديدة تتضمن نموذج اقتصادي جديد المرتقبة شهر أفريل الداخل، خطوة مهمة جدا في الوقت الراهن، وأدعوا في نفس المقام أن توافق وتأخذ بعين الاعتبار الطرح التكاملي بين الصناعة والفلاحة، والسير نحو تغطية الطلب الوطني بخطى ثابتة لكبح الاستيراد، والجدير بالإشارة، فإن الوزير الأول عبد المالك سلال لما تحدث عن النموذج الاقتصادي الجديد قمنا بتثمين ذلك.
ـ هل لديكم مقترحات بهذه الخصوص أم تنتظرون الكشف عن مشروع النموذج الاقتصادي الجديد للمساهمة في إثرائه؟
ـ ـ قمنا مؤخرا بتكليف لجنة على مستوى الكنفدرالية لإعداد وصياغة مقترحات، من أجل المساهمة بشكل فعلي في عملية الاثراء، لكن ما يجب الوقوف عليه بصرامة والتأكيد بخصوصه، ضرورة تجاوز مشكل المتابعة في عملية تجسيد البرامج والخطط الاقتصادية، وأقترح بهذا الخصوص إنشاء لجنة لمتابعة كل قطاع نشاط، فعلى سبيل المثال، استحداث لجنة لكل من قطاع السياحة والصناعة والفلاحة، إلى جانب أننا في منظمتنا نرى أن البرامج لا  يجب أن تكون مسطرة على المدى الطويل، بل يخطط لها على المدى القصير أي على سبيل المثال تكون سنوية، وتعقد بخصوصها اجتماعات تقيمية كل أربعة أشهر من أجل التحكم فيها، ويتسنى أن نعكف على تقيمها وتقويمها في الوقت المناسب، حتى نصل فعليا إلى مرحلة التغيير وتثمن فيها المكاسب، ويتم تغيير كل ما يعرقل أو يتسبب في بطأ وتيرة النشاط، ونحتاج في كل ذلك إلى رقابة صارمة ويقظة وحذر، ويكون التحرك بشكل سريع، وخلق تنظيم يكلف باتخاذ القرارات، مثل لجنة متابعة تقنية يرفع إليها التقييم بشكل فوري وتلقائي.

يجب الاعتماد على الشراكة والانفتاح على الجامعة
ـ هل بحوزتكم رؤية أو تصوّر لإثراء مقترحات وعوامل بناء شراكة قوية وتكاملية بين القطاع الصناعي والفلاحي؟
ـ ـ إن العولمة شملت كل شيء وصار واضحا أنه بات صعبا على دول العالم أن تعمل منفردة، لذا يجب الاعتماد على الشراكة والانفتاح على الجامعة أكثر من أي وقت مضى، ونحن اليوم وفي ظلّ جميع المؤشرات المسجلة اقتصاديا وماليا، يجب أن نعترف أن القاعدة الاستثمارية 49 ـ 51 لا تمثل أي عائق بالنسبة للمستثمرين، بل المشكل الجوهري الذي يتسبب في نفور الأجانب المنجذبين نحو الجزائر للاستثمار، يكمن في البيروقراطية التي تخيف العديد ممن أبدوا إهتماما بالسوق الجزائرية، سواء تعلّق الأمر بالمجال الفلاحي أو الصناعي أو السياحي، وأعتقد أنه حان الوقت للإعلان عن ميكانزمات تصبّ في هذا الإطار، ورغم أن منظمتنا دعمت قانون المالية 2016 خاصة في كل ما يتعلّق بالتحويلات الاجتماعية وكذا الاستمرار في دعم ذوي الدخل المحدود والمتوسط، لكن إرساء ميكانزمات ضروري جدا لتجاوز الظرف الحالي الذي لا يخلوا من الصعوبة.

رهان الجزائر الاقتصادي يكمن في تطوير الفلاحة     
ـ هل لديكم مشاريع مسطر تجسيدها في القطاع الفلاحي، لأن هناك بعض المتعاملين الخواص أطلقوا مشاريع عن طريق الشراكة خاصة في مجال الفلاحة..ماذا عنكم؟     
ـ لدينا ما لا يقل عن 15 فدرالية وطنية، تمثل جميع القطاعات الاقتصادية، ووقّعنا نحو 32 اتفاقية للتعاون والشراكة، مع دول إفريقية وأوروبية وأمريكية، ويتصدر أجندة الكنفدرالية برنامج جديد وثري، حيث لدينا لقاء يومي 10 و11 من شهر أفريل الداخل مع الفرنسيين والذي سينظم بالجزائر على مستوى عالي، إلى جانب التعاون الذي يربطنا بشريك إيطالي، علما أننا نحضر لبناء شراكة مع الأجانب في قطاعات حيوية أذكر منها السياحة والأشغال العمومية والبناء والصناعة الغذائية والتكنولوجيات الجديدة ولا ننسى التكوين، وفوق كل ذلك نحضر لعقد لقاء وطني للحديث عن الطاقات المتجددة والطاقة الكهربائية، والتحويل الكهربائي، ومن الضروري في السياسة الجديدة أن نقوم بعملية التأطير ودراسة ما توفره لنا الشراكة الأجنبية من إضافة، لأن مستقبل الجزائر الاقتصادي يكمن في تطوير الاستغلال الجيد للفلاحة والسياحة والتكنولوجيات الجديدة، ولا يخيفنا تراجع سعر برميل النفط في ظلّ وجود هذه القدرات، لكن ما يدفع للتخوف عدم التسريع باتخاذ القرارات للنهوض بمقومات الاقتصاد الوطني، وترجمتها من خلال خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل. وللعلم، فإنه خلال لقاءات نظمت على مستوى عالي، فيما سبق وشاركنا فيها مع جميع الدول المغاربية تم الاعتراف بشهادة الأفامي أن سوقنا مفتوحة على مدى 20 سنة على الأقل، حيث ممكن اقتحام المنافسة واتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب عن طريق استغلال الإمكانيات المتوفرة بالشكل الجيد، على اعتبار أن التبعية للمحروقات تحدّ تمت إثارته منذ الاستقلال، ولأن الاقتصاد اليوم يجب إحاطته بالتخطيط الدقيق وتكريس التنسيق بين القطاعات الفاعلة والتبادل المستمر، حتى يتحقّق التحكم الفعلي من القمة إلى القاعدة، ويعاقب كل من لا يطبق أو لا يحترم القانون.

 دعم الفلاح من خلال مساعدته على التسويق
ـ في ظلّ وجود قدرات إنتاجية وسياحية ماذا تقترحون فيما يتعلق بالتصدير..برأيكم ..مسؤولية من طرح المنتوج في السوق؟
ـ ـ النقطة الجوهرية تكمن في كيفية تسيير الاقتصاد، خاصة عندما تسجّل وفرة في المنتوج، يجب وبشكل تلقائي أن يتحكم في طريقة التسيير، فعلى سبيل المثال يوجه جزء من الإنتاج الفلاحي نحو التخزين، وحصة نحو الصناعة الغذائية وجزء للأسواق الداخلية وتخصص حصة نحو التصدير للأسواق الخارجية لجلب العملة الصعبة، وهذا ما يقودنا إلى ضرورة دعم الفلاح من خلال مساعدته على التسويق وتجنب خسارته في عملية الإنتاج، فيمكن تصنيف المنتوج بأسعار مختلفة فالجيد بسعر والأقل جودة بسعر آخر حتى لا يتضرّر الفلاح. ومن الحلول التي يمكنها أن تحرّر عملية التصدير تسهيل انفتاح المتعاملين الاقتصاديين على الأسواق الخارجية، من خلال قيام بنك الجزائر بالتواجد في العديد من الدول، ورفع التجريم عن فعل المصدر الاحترافي الذي لديه القناعة للتصدي لهذا الظرف، والمساهمة في مرافقة المصدرين الذين يواجهون متاعبا. وحول غياب التواصل الحقيقي أنتقد إخطارنا للمشاركة في المعارض الدولية في مدة قصيرة جدا، إلى جانب أهمية رفع أي عراقيل قد تصعب من خروج المنتوج على الصعيد الإداري، ونطرح حاليا غياب المخابر اللازمة لمراقبة المنتجات.  
ـ هناك مؤسسات خاصة مازالت تتردّد في الانفتاح على البورصة..لماذا هناك تخوفات مازالت قائمة؟
ـ ـ للأسف العديد من المؤسسات الخاصة ليس لديها ثقة، لذا لا تتحمس للتواجد بالبورصة، ومن أجل تجاوز ذلك ينبغي تكريس الثقة كخطوة أولى، كون المؤسسة الإنتاجية المحرك الحقيقي للتنمية الاقتصادية، ومهم جدا أن تكون لدينا العديد من المؤسسات الاقتصادية في البورصة، على غرار بلدان عربية تملك المئات من المؤسسات على مستوى بورصاتها، حتى لا نبقى نعتمد على مورد النفط، فيجب أن يثمن الرأسمال من طرف المؤسسة، فنجد الحكومة والمتعاملين الاقتصاديين جنبا إلى جنب، ومن الضروري أن تنخرط المؤسسة في مهمتها وتلعب دورها في جو يتسم بالثقة والاستقرار والعمل، وأشدّد على ضرورة الاعتماد على مراحل تنموية قصيرة من أجل تحقيق النجاعة، لكن هذا لا يعني أننا لا نفكر في جزائر آفاق عام 2030، لكن العمل والتطبيق يجب أن يسير وفق مراحل قصيرة ومركزة.
ـ ماذا تنتظرون أن يقدم القرض السندي كبديل للمديونية الخارجية؟  
ـ ـ يجب أن يوجه هذا القرض للاستثمار وليس للبناء، ويمكن أن يحضر الشريك الأجنبي للاستثمار المباشر مع مشاركة الدولة، ومهم جدا أن يكون هذا القرض وطني موجه للإنتاجية، وأذكر أن قوة الجزائر اليوم تكمن في أن منتوجها  مطلوب من المستهلك الجزائري من حيث الكمية والنوعية وما على الإنتاجية إلا الضخ ومضاعفة نشاطها وترقية نوعيتها.