أكد الخبير مليك سي محمد أستاذ بجامعة “تولوز” الفرنسية، أن الجزائر قادرة على خلق اقتصاد جديد مبني على الرقمنة، باستغلال الطاقات البشرية الهامة التي تتوفر عليها، غير أن ذلك يتطلب الاقتناع بأن التطور التكنولوجي، يمثل بديلا للنفط الذي ما تزال أسعاره دون المستوى الذي يعيد التوازن المالي للميزانية .
جاء تأكيد هذا الخبير الجزائري الذي يعد “منتوج الجامعة الجزائرية “ قبل أسابيع قليلة من الإعلان عن النموذج الاقتصادي الجديد الذي تحدث عنه الوزير الأول لدى افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان 2 مارس الفائت، اقتصاد لا يمكن أن يحقق تطورا و لا تنمية دون ولوج عالم الرقمنة، لافتا إلى أن مجال الاختيار بالنسبة للجزائر ما يزال قائما، ولا يتطلب بلوغ الاقتصاد الرقمي سوى استثمار أموال في هذا المجال، وحسن استغلال الطاقات البشرية الموجودة، والتي أثبتت كفاءتها في العديد من الدول إذا ما تم وضعها في المحيط الملائم وبتوفير الإمكانيات التي تمكنها من استخراج هذه الطاقة .
وقد أبرز سي محمد أمس خلال تنشيطه للندوة التي نظمتها دائرة الأعمال للتفكير حول المؤسسة “كير”، أهمية تكنولوجيات الإعلام والاتصال كأساس لخلق اقتصاد جديد مبني على الرقمنة، غير أن هذا النموذج يحتاج -حسبه-إلى اقتناع بأن التطور التكنولوجي يمثل بديل للثروات النفطية الآيلة للزوال، بدراسة و تحليل النتائج الإيجابية التي توصلت إليها دول أخرى سبقت الجزائر في هذا المجال .
وأفاد في سياق متصل أن تكنولوجيات الإعلام والاتصال تمثل نسبة ضعيفة جدا في الاقتصاد الوطني، بالرغم من أن الجزائر لديها قدرات هائلة سواء أكانت موارد بشرية، أو تمويل، لافتا إلى أن هناك شروط بسيطة إذا ما توفرت حققنا الهدف، لكن أكرر أن نقص الوعي بأهمية الرقمنة جعل بلادنا تتواجد في مراتب متأخرة في المجال الرقمي (المرتبة 125 بينما تتواجد في المرتبة 80 في مجال الاتصال عبر شبكات التواصل الاجتماعي)، وهو أمر يدعو حسبه للتساؤل.
تكنولوجيات الإعلام تؤدي دور أساسي في الدول التي عرفت نفس الظروف التي تمر بها الجزائر ودول العالم جراء تهاوي أسعار النفط، حيث برهنت على قدرتها على خلق طاقات جديدة بديلة للنفط باستعمال هذه التكنولوجيات.
وأكد أن الجزائر تتوفر على طاقات وموارد بشرية هامة، قادرة على بناء اقتصاد جديد مبني على المعرفة مشيرا إلى أن الدول التي حققت الازدهار والتنمية الاقتصادية باستغلال هذه الطاقات، فما الذي يعيق ولوج الجزائر العالم الرقمي ؟.
عدة عوائق تحول دون تحقيق ذلك كما ذكر سي محمد، منها غياب مقاربة تمتد على المدى البعيد، بالإضافة إلى أن التطور التكنولوجي لا يعني قطاع بعينه، وحسبه فإن ولوج الاقتصاد الرقمي يتطلب إستراتيجية شاملة تمتد أفقيا وعموديا، لافتا إلى أن “اتصالات الجزائر” يمكنها أن تساهم بفعالية في هذا المسار، كما يرى أنه من الضروري إعادة النظر في نظام الحوكمة وبعمق.