تعددت التسميات التي أطلقتها التشكيلات السياسية والهيئات التنفيذية، على واقع البلاد، بعد دخول الدستور المعدل حيز التنفيذ. وأظهرت في الوقت ذاته إجماعا على توافقيته وبلوغ الجزائر مرحلة جديدة في مسار بناء دولة الحق والقانون وتعزيز الديمقراطية.
قبل مصادقة البرلمان بغرفتيه، على مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور، قال الوزير الأول عبد المالك سلال، إن “الجزائر مقبلة على تجديد جمهوري قوي”، وتمسّك بهذه القراءة عقب تبنّيه بإجماع غالبية النواب وتوقيعه من قبل رئيس الجمهورية.
ويقصد المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي، بـ “التجديد الجمهوري”، العلميات الواسعة التي ستعرفها المنظومة القانونية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، من خلال تحديث وتحيين جملة من القوانين العضوية والعادية، وإعداد نصوص تشريعية جديدة.
هذه الدينامية، تأتي في إطار تكييف الترسانة التشريعية مع الدستور المعدل من جهة، ومواكبة تطور المجتمع الجزائري وتطلعاته، التي جسّدت في روح الدستور، ما يجعل التجديد الجمهوري تعزيزا لدولة الحق والقانون من جهة، وانخراط العملية في المسار المتنامي للمجتمع الجزائري، على جميع الأصعدة، التاريخية، الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية والقانونية.
وشرعت عديد الهيئات التنفيذية، في مشاورات واسعة لتعديل القوانين العضوية القائمة حاليا، والتحضير لاستحداث أخرى بموجب مواد الدستور. وتعكف وزارة الداخلية والجماعات المحلية، على تهيئة مشاريع القوانين المعدلة والمتمّمة، لقانون الانتخابات، الأحزاب السياسية، الجمعيات، التجمعات والتظاهر والديمقراطية التشاركية.
الأمر الذي سيجعل من أجندة البرلمان بغرفتيه، مكتظة وتفرض على نواب الشعب حضورا وتركيزا قويا، لمواكبة هذا التجديد والدفاع عن الإرادة الشعبية لتكريس الطابع الجمهوري للدولة.
الأحزاب السياسية بدورها أعطت قراءات متعددة للدستور المعدل لم تخرج عن الإطار السياسي. وبادر حزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الأغلبية البرلمانية، قبل أسابيع، بالإعلان عن المسودة النهائية للمشروع، بالتأكيد على أن “النص الدستوري الجديد سيؤسس لدولة مدنية”.
وقد أخذ مفهوم الدولة المدنية معاني فضفاضة في بداية الأمر، وحصر من قبل البعض في تنظيم الصلاحيات الأمنية والمدنية وعدم الوقوع في التداخل غير المضبوط فيما بينها. فيما اعتبر الأمين العام للأفلان عمار سعداني، أن قراءة الحزب تقوم على تعزيز الحقوق والحريات الفردية والجماعية ومنح مكاسب ثمينة للمعارضة، الأمر الذي يقوّي الأداء السياسي ونظام الحكامة.
وأكد سعداني، في آخر خرجة له، أن الجزائر انتقلت إلى جمهورية جديدة، بينما فضل رئيس حزب تجمع أمل الجزائر عمر غول، اعتبار مرحلة ما بعد الدستور المعدل، بميلاد الجمهورية الثانية، داعيا كافة القوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني إلى مساندة هذا المشروع والعمل على تطويره.
أويحيى، الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي له دراية دقيقة بالملف، اعتبر أن الأهم بالنسبة للجزائريين، يتمثل في تعزيز دولة الحق والقانون، ورأى بأن المراجعة الدستورية المنجزة تستجيب لآمال الشعب الجزائري.
وبغض النظر عن تعدد التسميات، يبقى تجسيد البنود الجديدة المدرجة في الدستور في أرض الواقع أهم ما يمكن التفاعل به مع مشروع بهذا الحجم والأهمية.